27 ربيع الأول 1435

السؤال

أنا شاب يمني، مولود بالسُّعودية، متزوِّج ولديَّ ولد واحد، مدَّة زواجي سنة وستة أشهر، أنا وزوجتي ندخل في دوَّامات من المشاكل، فتارة أبوها يأخذها ويطالب بالرَّضوة، مع العلم أنني لم أضربها أو أحقِّرها أو أطردها، وتارة يدَّعون بأنني سرقت منهم مبلغ ألف ريال، وأنا لم أسرقهم، وتارة أخرى تدَّعي المرأة بأني ضربتها، وتذهب وتشتكي إلى الشُّرطة، ويتم إيقافي بالسِّجن، وتارة تدَّعي بأنَّني جامعتها في الدُّبر، وأنا أقسم بالله العظيم بأنَّني لم أضربها أو أجامعها في دبرها، والآن الزَّوجة عند أهلها، تطلب منِّي أن أعيدها بشرط أن أوفِّر لها مسكنًا مستقلاً، علمًا بأنَّني كنت موفِّرا لها سكنًا مستقلاً بها، وعند سجني باعت عفش المنزل، وأغلقت البيت، وتريد الآن منزلاً مستقلاً كي تعيش معي، فهل ترون أن أرْجعها، أم أطلقها، نرجو من سماحتكم إرشادي لما فيه الخير لي ولها.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك، بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أخي الكريم: فهمت من عرضك لمشكلتك، أنَّك تشكو سوء خلق زوجتك، وسوء تعاملها هي وأهلها معك، واتهامها مع أهلها لك بتهم باطلة لا أصل لها، وقد بلغ الأمر بها وبهم إلى حد أن سجنوك وأهانوك، ويطلبوا منك الآن للموافقة على رجوعها إليك منزلاً مستقلاً، مع أن زوجتك قد فرطت بالمنزل الأول، وباعت عفشه، وتطلب النصيحة والتوجيه في ذلك: هل تراجعها أم تطلِّقها، ألخص لك أخي جواب استشارتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: بالصَّبر الظَّفر.
أوصيك بالصَّبر، فالصَّبر مثل اسمه مرٌّ مذاقه، لكنَّ عواقبه أحلى من العسل، فصبرك على خلق زوجتك،
وأخلاق أهلها معك، قد يأتي اليوم المناسب؛ فيقدروا قيمة صبرك عليهم، فقد أتى رجل إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يشكو أهله وأرحامه، وذكر أنَّه يواصلهم ويقاطعونه، ويحسن إليهم ويسيئون له، ويحلم عليهم ويجهلون عليه، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (لئن كُنتَ كما قلتَ فكأنما تُسفهم المل، ولا يزالُ معك من الله تعالى ظهيرٌ عليهم ما دُمتَ على ذلك) رواه مسلم.
ثانيًا: "فذكِّر إن نفعت الذكرى"
لا تغفل عن تذكير زوجتك بالله، وحقِّك عليها، وردِّد عليها دائمًا حديثين عظيمين من أحاديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهما: (لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)رواه الترمذي. (أيما امرأة باتت وزوجها غضبان إلا لعنتها الملائكة)حديث صحيح. حذِّر زوجتك من أن تغضبك، وتسعى في إلحاق الأذى بك بغير حق، فلا يجوز ذلك لها، ينبغي لها أن تساهم في راحة بالك، وطمأنينة نفسك، وانشراح صدرك، وقرة عينك، يجب أن تكون السَّكن الوحيد لك، الذي تسكن إليه، فقد قال الله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)الروم: 21. وحاوِّل أن توظِّف وتجنِّد في نصحها وإرشادها غيرك، من أقاربها وأرحامها، وأقاربك وأرحامك، الصَّالحين العاقلين، وكذلك بعض طلبة العلم والمشايخ، اطلب منهم نصيحتها بطريقة لا تفهم أنك وراء ذلك، حتى تقع نصائحهم في نفسها موقعًا أكثر تأثيرًا عليها، ولا تنس أيضًا نصح أهل زوجتك بطريقة غير مباشرة.
ثالثًا: الدُّعاء.. الدُّعاء.
أنصحك بألا تغفل عن وقت السَّحر، فقبل أذان الفجر بساعة، قم من نومك وتطهَّر، ثم صلِّ ما تيسر لك، ثمَّ استغفر الله وتوجَّه له داعيًا متوسِّلاً بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وباسمه الخفي الأعظم أن يصلح لك شأنك كلَّه، مع نفسك وزوجك وذريتك وأقاربك وأرحامك وأهل زوجتك، ادع الله وأنت موقن بالإجابة، مع حضور القلب، فالله قريب ممن دعاه، وهو القائل: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)البقرة: 186.
رابعًا: "آخر علاج الكي"
اجعل الطَّلاق آخر الحلول، فإذا بذلت وسعك في الوعظ والإرشاد، واستنفدت كلَّ الطُّرق السِّلمية في علاج زوجتك وأهلها، ووجدت كلَّ السُّبل موصدة، فقبل إجراء الطَّلاق، أقترح عليك التَّعدد، فلا يؤدِّب المرأة النَّاشز مثل الزَّواج عليها بأخرى، خاصَّة وكونك لك منها ولد، فبالزَّواج بأخرى علاج ناجع، وبقاؤها على ذمَّتك علَّها تراجع نفسها، وتفكِّر بعواقب تصرُّفاتها ورعوناتها، وتفكِّر بولدها منك، فإن وجدت أنَّها لم ترتدع، ولم تعد لجادة الصَّواب، وبقيت على خلقها وطريقتها، فليس أمامك سبيل سوى طلاقها، قال الله تعالى: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً)النساء: 130.