أنت هنا

دور العلماء والدعاة في صد ظاهرة الاجتراء على المحرمات والإساءة للمقدسات
26 صفر 1434
د. خالد رُوشه

تحتاج الأمة إلى من يحفظ لها هويتها ويحمي لها قيمها ومبادئها ويرعى مقام مقدساتها , ويحفظ حرمة شعائرها , ويرفع في عيون أبنائها قدر ثقافتها , ويهيئ مواطنيها لتحمل مسئولياتهم والقيام بدورهم كمسلمين صالحين ومؤمنين عابدين .
كما تحتاج تلك الأمة إلى من يعيد لها ثقتها في نفسها , ويربطها بربها , ويحيى فيها روح الإيمان , ويجدد فيها أمر دينها .
كل ذلك وغيره يجتمع ويصير مرهونا بدور علمائها ودعاتها , فهم المرشحون للقيام بذاك الدور الأعظم في تلك الفترة , بما عرفوه من علم وفهموه من دراية عن منهاج دينهم وقيمة أمتهم والمسئولية أمام ربهم .

 

وقد انتشرت بين الشباب خصوصا دعاوى الإساءة للمقدسات , والاجتراء على المحرمات , كما انتشرت أفكار الإلحاد والقول على الله بغير علم , وكان لازما أن يكون لاهل العلم دورهم البارز في ذلك , والذي نراه متمحورا حول عدة محاور هامة :
أولا : تقنين المناهج العلمية والتربوية بحيث تنضوي على الاهتمام بالمقدسات , وتعظيم الشعائر والحرمات , وبث احترام حقيقي لشعائر الإسلام داخل المجتمع المسلم
ثانيا : وضع تطبيقات تعليمية تقي من الانحراف العقدي , وتدعو إلى احترام الحرمات وتعظيمها , بحيث تتناول وسائل عصرية مقنعة لتثبيت العقيدة في نفوس المتعلمين , وتحفظ مقامات الشريعة في قلوبهم , وتعرفهم قيمة المقدس ومعنى الحرمات وواجبهم تجاهها
ثالثا : العمل على نشر ثقافة رفض الإساءة للمقدسات والاجتراء على الحرمات , عبر وسائل دعائية وإعلامية مختلفة , لتقوم مقام حائط الصد لمحاولات الانحراف والإساءة
رابعا : كشف عوار العلمانية والليبرالية ومناهجها , ونشر مفاهيم الحرية في الإسلام وضوابطها , مع تبيين سلبيات دعوات الحرية اللادينية التي تنادي بها المناهج الليبرالية

 

خامسا : مواجهة الكتاب والصحافيين والإعلاميين العلمانيين والليبراليين المجترئين على الدين ومقدساته ,باقلامهم وأحاديثهم والطعن في الثوابت والمقدسات
سادسا : إعلان النكير على أهل البدع والمحدثات , ممن يسيئون إلى مقام التوحيد ,ومقام الصحابة الكرام
سابعا: التصدي للمنهج العصراني العقلاني لدى بعض الإسلاميين الواصفين أنفسهم بالتنويريين , إذ في دعواهم تمييع للقضايا , ورضا ضمني بالإساءة للمقدسات , عبر إرضاء الغرب وممالأتهم وموالاتهم مع الحرص على عدم إغضابهم مهما كان الثمن في ذلك
ثامنا : إيلاء الاهتمام بما يمكن كسبه من مجال الإعلام وحقله , عبر الفضائيات وغيرها , وما يمكن أن تيسره تلك الوسائل
تاسعا : دعم نشر السيرة النبوية , والعناية بها وبالبحوث المقامة حولها , واستخراج المناهج التطبيقية منها وترسيخ مفاهيمها للنشء المسلم والشباب وشتى طوائف المجتمع , و تعميم الحديث عن سبل نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته , وبيان مقام تعظيم الحرمات منها

 

عاشرا : يجب أن ينأى العلماء بأنفسهم عن مجرد مشاعر القهر والحزن والأسى , فهي مشاعر لاتقدم إنجازا ولا تبني أثرا , وأن يكون حديثهم مرتبطا بعناصر البناء والفعل والأثر فيما يخص منع الإساءة وتعظيم الشعائر وغيرها
حادي عشر : استنكار محاولات مداهنة الغرب , والولاء لهم , والاستجابة لمطالبهم عبر ما يخص الشريعة والديانة والمقدسات
ثاني عشر : الكشف عن المحاور الحقيقية للحرب على الإسلام , بجوانبها , والكشف عن المتورطين فيها من أبناء المسلمين , وتبيين مناهج الحق في ذلك .
ثالث عشر : لابأس بالتمييز بين الظالم والعادل والمحق والمخطىء من ابناء الغرب , بحيث نستطيع التمييز في بيان وتوصيل رسالة الإسلام لمن كان عادلا محقا , سعيا وراء تغيير الهقلية الغربية تجاه الإسلام
رابع عشر : دعم إنشاء مراكز بحثية متخصصة لتقديم رؤية متكاملة لكيفية التصدي للإساءات , وكيفية منع انتهاك المحرمات .

 

خامس عشر : رفض سياسة رد الفعل , والابتداء بسياسة البدار والمبادئة بالفعل , عبر الانتشار بالرسالة المحمدية والعمل على توصيلها للعالم
سادس عشر : الاهتمام بالجانب القانوني الحقوقي في هذا المجال .
سابع عشر : تقويم فكر الآباء في المجتمعات المسلمة , إذ هو من الأسباب الموصلة للأفعال السلبية للابناء من الاجتراء على المقدسات
ثامن عشر : فتح ابواب الحوار والنقاش مع الشباب , لكشف الشبهات ورد الخاطىء من المفاهيم , ويمكن أن يكون ذلك عبر ندوات مفتوحة ومؤتمرات عامة .
تاسع عشر : نحن بحاجة إلى هيئة عالمية قوية لأهل السنة تمثل مرجعية لهم وتدافع عن حقوقهم، ويكون لها عمقها وأثرها في تسيير الشارع المسلم والضغط به على الحكومات لاتخاذ المواقف المطلوبة.
 ولا شك أن هناك بعض المحاولات المشكورة لتكوين هيئات لأهل السنة إلا أنها بحاجة إلى دعم كبير من جميع المعنيين والقادرين والمؤثرين بل والمسئولين للوصول للمستوى المطلوب؛ حتى لا تبدو ضعيفة الأثر أو قليلة الحيلة تجاه الأحداث الجسام..

 

وأخيرا
فإن الظروف الحاصلة للأمة الإسلامية قد تؤدي لفقدان توازن الجماعة المسلمة في لحظة من اللحظات , وإذا كان من الصعب بمكان منع المصائب والآلام من الحدوث فإنه ليس أقل من أن يعتبر علماؤنا ودعاتنا في برنامجهم العملي ما يمكننا أن نسميه "توقع الأزمة" وهي توقع لما يمكن أن يستحدث واقعيا للجماعة المسلمة في ظل الواقع المحيط والظروف المتوقعة .

كذلك ينبغي أن يسأل كل عالم وداعية نفسه عن مكانه ومقامه من التأثير في جمهور الناس , وماذا يمثل لهم , ومن أجل معرفة قيمته الحقيقية ينبغي عليه بكل تجرد أن يقيم آداء نفسه فيما مضى من عمره وماذا أنجز وكم استطاع هداية قوم أو تعليمهم وكم استطاع تغيير نفوس أو تربيتها وماهو الأثر الإيجابي الصائب الذي تركه في مجتمعه , وماهي أوجه التقصير والخلل في أدائه وماهي أسباب نفور الناس منه إن حصل ذلك وماهي طرق عودته للمضمار من جديد .
إن العالم التقيّ الموفق ليوفقه الله _سبحانه وتعالى_ إلى السداد في الخطى والتوفيق في الرأي والحكمة في القرار والشمولية في التصرف والمرونة في الأداء والثبات في الأمر كله.