إلى الكتاب الإسلاميين ... نحو تبسيط غير مخل !
27 ربيع الأول 1434
د. خالد رُوشه

زرت معرض الكتاب في القاهره , وتابعت كثيرا من المنشور من الكتب فيما يخص الثقافة الإسلامية , ولاحظت – كالعادة – إقبالا كبيرا من الإسلاميين وغيرهم على الكتاب الإسلامي بمختلف أشكاله

 

لكن لفتني أن ما يعرض من الكتاب الإسلامي ينقسم قسمين لاثالث لهما , الأول قسم الكتب الشرعية الإسلامية المتخصصة , سواء من الرسائل الجامعية أو من كتب التراث الإسلامي المتخصصة في المجالات الشرعية المختلفة , والثاني هو قسم الكتب الإسلامية التي صنعت خصيصا للقارىء المبتدىء

 

لكنني لاحظت أن تلك الكتب الخاصة بالمبتدئين اتصفت بكونها قاصرة على الحديث في الرقائق والمواعظ , والحديث في السير والتراجم , ولم تقع عيني إلا نادرا على كتاب قد قدم معلومة مبسطة في الشريعة للقارىء المبتدىء
قد يكون سبب ذلك بحث الناشرين عن الكسب المادي باختيار الكتب التي تجذب القارىء المبتدىء , وقد يكون أيضا بسبب ضعف اهتمام المؤلفين بهذا الجانب من التأليف الذي هو هام للغاية خصوصا في تلك الأزمان

 

لست أعد الكتابة بشكل معقد فنا من فنونها , بل أراه نوعا من ضعف لدى الكاتب نفسه وخللا في قدرته التي ينبغي عليها أن تقدم المعلومة للقارىء بشكل مفهوم سهل

 

والحالة الإسلامية أحوج ما يكون للتبسيط غير المخل وتوضيح المعاني وتبيين المفاهيم وتطبيقها على الواقع المحيط

 

وإلا فماذا يقرا هؤلاء الذين لم تتيسر لهم دراسة متخصصة أو سبق علم يؤهلهم لتفهم الكتب المتخصصة ؟ هل يظلون بعيدين عن الكتاب الإسلامي إلا من نوع واحد فقط يتناول فرعا من فروع الشريعة واحدا هو الرقائق والسير ؟!
هذا الأمر لم ينج منه بعض الدعاة المشاهير الذين يقبل الناس على كتبهم نتيجة شهرتهم لا نتيجة محتوى الكتاب , فأراهم أيضا يتبعون نفس المنهج القاصر في الكتابة بعيدا عن تعاليم الشريعة الأساسية وتوجيهاتها المنهجية وأصولها المرعية

 

لماذا لايكتب الكتاب الإسلاميين كتبا مبسطة في العقائد , توصل للناس المفاهيم الأساسية الهامة , بعيدا عن الحديث عن الفرق واقوالها ومثاله ؟

 

 

فعلى مستوى الأفراد قد قرأت كتيبا أثمن جهده للدكتور أحمد القاضي استاذ العقيدة , في العقيدة الإسلامية , قد كتبه بشكل ميسر سهل يسهل على المبتدئين ومن ضعف حظهم في العلم الشرعي وهم بالملايين في أمتنا .. لماذا لا نحذوا حذو هذا الرجل الكريم في تجربته الإيجابية ؟ّ!

 

وعلى مستوى المؤسسات فقد رايت إصدارات متميزة للغاية من مؤسسة تدبر المتخصصة في علوم القرآن وتدبره , استطاعت أن تجمع بين المعلومة المهمة والصياغة السهلة والعنوان الجذاب واستطاعت أن تقرب مفاهيم التدبر للناس , فأقبل الناس على إصداراتها إقبالا , أسال الله أن يبارك في جهدهم الكريم

 

ولاشك أن هناك جهودا كثيرة أخرى في نفس المنوال الناجح المتميز لكنها ليست الغالبة وتحتاج منا دعما كبيرا .

 

 

 لماذا لايكتب الكتاب الإسلاميون كتبا مبسطة وميسرة حول قواعد الفقه الإسلامي ومقاصد التشريع الإسلامي فيعرفون الناس قواعد دينهم  ومقاصده واسسه , وكذا ما يتعلق بالفكر الإسلامي وضوابطه وبنائه ومحدداته
إن في أمتنا عشرات الملايين من المسلمين قد بنيت بينهم وبين الكتاب الإسلامي حواجز وجدرا نتيجة صعوبة اساليب التأليف والكتابة أو اقتصارها على المتخصصين , ومن جهة أخرى وصل لآخرين أن صورة هذا الدين تقتصرعلى علامات الساعة  والرقائق – وهما وغيرهما بلاشك جوانب مهمة – لكن اين بقية الشريعة من الناس ؟!

 

عرفت من بعض الدعاة أن هناك من يسعى لعمل منهج شرعي مناسب لغيرالناطقين باللغة العربية من الأفارقة والاسيويين وغيرهم , وهو جهد مشكور إيجابي مبارك ولاشك , لكن أين الاهتمام بقارئي العربية الذين قد تزيد نسبة أمية بعضهم وجهلهم بعض الأعاجم ؟!