جبهة المقاطعة!
19 ربيع الثاني 1434
طلعت رميح

أعلنت جبهة الإنقاذ عن مقاطعتها للانتخابات البرلمانية القادمة في مصر، فجرى التساؤل عما ترتكن إليه وما تستهدفه.
 
وفي المقابل جرت تساؤلات حول مضي الرئيس في إجراءات الدعوة للانتخابات دون أن تبدو عليه والنظام السياسي حالة قلق من مقاطعة المعارضة، فجرى تساؤل آخر حول مصادر المشروعية التي يرتكن إليها.

 

 
لقد تحولت الانتخابات إلى نزاع حول المشروعية بين الطرفين؛ المعارضة تضع نفسها في موضع من يمنح شهادة بشرعية الحكم، على اعتبار أن النظام السياسي التعددي يكتسب مشروعيته من مشاركة الأطراف السياسية المختلفة في العمليات الديمقراطية وتاجها الانتخابات.. ولذا هي تقاطع وتعلن الجلوس خارج إطار المنافسة الانتخابية حتى تضع النظام السياسي القائم في موضع الفاقد للشرعية، أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، على اعتبار أن قطاعا من النخب السياسية ومن يدعمونها في المجتمع لا يشاركون ضمن أطره في إشارة عملية على أنها لا تحقق المباراة المتكافئة بين الأطراف السياسية.

 

 
والحكم أو الرئيس يراهن – كما راهن من قبل – على الحشد والتعبئة الجماهيرية كأساس في تحقيق المشروعية، على اعتبار أن مشاركة الجمهور العام هي الفيصل. لقد واجه النظام محاولات النخبة الرافضة له بالحشد الجماهيري الواسع عبر المليونيات لكي يظهر مدى ما يتمتع به من دعم جماهيري أعلى، كما ذهب النظام إلى الصناديق لكشف قلة مؤيدي المعارضين كما حدث في الاستفتاء الأخير على الدستور.
 

 

هي إذن معركة مشروعية تعتمد فيها جبهة الإنقاذ على حق التوقيع السياسي بمشروعية النظام ويرتكن فيها النظام إلى مشروعية يكتسبها من خلال التصويت في الصناديق.
 

 

وما يلفت النظر في موقف المقاطعة أن بعض أحزاب الجبهة تميل إلى هذا الحل بغض النظر عن الاعتراضات المعلنة على قانون الانتخابات، بينما بعضها الآخر يرسل الإشارات على عدم استمراره في موقف المقاطعة.
 
في صنف من لن يغيروا موقفهم المقاطع، فهناك الدكتور البرادعي الذي سبق وأن قاطع انتخابات الرئاسة ومن بعد حذر وطلب مقاطعة كل الاستفتاءات والانتخابات حتى يمكن القول بأنه مقاطع دوما.
 
والتيار الشعبي يرى الكثيرون أنه لن يدخل أي انتخابات حتى تحل انتخابات الرئاسة فيرشح صباحي نفسه مجددا، إذ هو يرتكن الآن إلى الملايين التي حصل عليها في الانتخابات الرئاسية السابقة ولا يريد أن يبددها في انتخابات برلمانية خاصة والدلائل تشير إلى انحسار الشعبية النسبية التي تمتعت خلال فترة إقرار الدستور.
 

 

أما حزب الوفد فيرى كثيرون أنه قد لا يواصل حالة المقاطعة، لتمتعه بفرص حقيقية في كسب مقاعد في البرلمان القادم وبحكم ثقل وزنه السياسي التاريخي الذي يظن الكثيرون أنه دافع مهم لعدم القبول بتهميش النفس.وحزب المؤتمر بقيادة عمرو موسى، فالأغلب أن حسابات المقاطعة قد تهدد وجوده وهو حديث العهد بالتشكل، كما أن انضمام كثير من أفراد الحزب الوطني للحزب ورؤية بعضهم فرصا حقيقية للفوز في الانتخابات – بعد أن سمح لبعضهم الدستور بالترشح - قد يدفع بهم للتفلت من حزب موسى.
 
وإذ بقيت أحزاب وتجمعات لليسار في الجبهة فبعضهم يرى الانتخابات فرصة للعمل السياسي وأن المشاركة مقدمة على المقاطعة.

 

 
وفي كل يرى الكثيرون أن الجبهة قد أعلنت مقاطعة التصويت على الدستور وعادت من بعد للمشاركة.
 
لكن الاحتمال قائم باستمرار الجبهة في المقاطعة، وعندها تصبح جبهة مقاطعة..لا جبهة إنقاذ، على اعتبار أن المقاطع.. لا ينقذ.

 

 
وفي تلك الحالة يسود التساؤل حول البديل الذي تطرحه الجبهة وما إذا كانت ستعود إلى شعارات إسقاط النظام أم أنها ستكتفي بالوقوف خارج النظام السياسي في انتظار تطورات الموقف، بعد أن ينهي مجلس النواب سنواته الخمس!.

 

المصدر/ الشرق