وقفات مع بعض دور النشر في معرض الكِتاب
22 ربيع الثاني 1434
الدكتور شاهر بن ظافر الشهري

تبدأ بعد أيَّام ظاهرة ثقافيَّة عهدناها منذ ثلاثة عقود، ألا وهي معرض الكتاب الدولي بالرِّياض، والذي يتوافد عليه المثقَّفون من كلِّ مناطق المملكة على اختلاف ثقافاتهم واهتماماتهم، وأعمارهم وجنسهم، ولا شكَّ أنَّ معارض الكتب من الظواهر الثقافية المهمَّة التي تُحدِث حراكًا ثقافيًّا في البلد، وتنمي معارف المثقفين ومداركهم، وتكون الفائدة عظيمة إذا انطلقت من منهجيَّة واضحة تضبط الاستفادة، وتحدُّ من الفوضى المنهجيَّة التي تؤدِّي إلى انحرافات فكريَّة وعقديَّة.

 

 
ومعرض الكتاب منذ بدايته كانت تحيط به هذه الإشكاليَّات مع الفارق في حجم هذه الفوضى المنهجيَّة وفي أثرها، والتي تنامت مع مرور السنين، وازدادت حدَّتُها وأثرها في السنوات الأخيرة مع التساهل الشديد في ضبط إدارة المعرض التابع لوزارة الثقافة والإعلام، وفتح المجال لنشر الكتب الفكرية المنحرفة، بل التشجيع على دخول هذه الكتب بشتى اهتماماتها ومناهجها؛ بحُجَّة الانفتاح الثقافي والاطِّلاع على ما لدى الآخر، وغيرها من الحُجج. في هذا المقال لن أتحدَّث عن هذا التوجه، لكن سأركِّز على ظاهرة برزت في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهي بروز عدد من الأطروحات الليبروإسلاميَّة، وظهور دُور نشر تتبنَّى هذه التوجهات. والمشترك بين هذه الدُّور أنَّ مِلكيتها لملَّاك من أهل هذا البلد، ولعلِّي هنا أركِّز على أهم ثلاثة منها؛ وهي: مركز المسبار للدراسات و البحوث، وصنوه دار مدارك للنشر، والشبكة العربيَّة للأبحاث والنشر، ومركز نماء للبحوث والدراسات. وسيتركَّز حديثي عن السِّمات الفكرية المشتركة لكتب هذه الدُّور، ثم بيان السِّمات الفكريَّة لكلِّ دار على حِدَة، على حسب ما يتَّسع له المقامُ في هذا المقال المختصر، ثم أختم ببعض التوصيات.

 

 هناك عدد من القضايا المشتركة فكريًّا في مؤلَّفات هذه الدور - وإن كان هناك اختلاف في قُربها وبُعدها عن الطَّرْح الإسلامي؛ فمركز نماء للبحوث والدراسات يختلف كثيرًا عن المركزينِ الآخرين، من حيث إنَّه لا يَستكتب أصحاب التوجُّهات الليبراليَّة، وإنَّما هو في غالب أُطروحاته يتبنى ما يسمى بالتوجه التنويري - يمكن إجمالها في على النَّحو التالي:

 
1. التسويق للرُّخصة في الأحكام الفقهيَّة، وجعلها أصلًا في الفقه الإسلامي، وكأنَّ الدِّين لم يُبنَ على التكاليف الشرعيَّة التي تتطلَّب من الإنسان العمل والمجاهدة..
 2. ترتَّب على ذلك المنهج منهجٌ آخرُ، وهو اعتماد التسهيل المتعمَّد في الفتاوى الشرعيَّة، على أنَّه أصلٌ أيضًا.
 3. إيقاف العمل بباب سدِّ الذرائع؛ بحُجة أنَّ هناك مبالغة في هذا الباب أدَّتْ إلى التضييق على الناس في أمور حياتهم الدنيويَّة والأخرويَّة، ويَدْعون إلى فتح باب الذرائع وتسهيل الدِّين للناس.
 4. يُلاحظ على الكتَّاب المشاركين في إصدارات هذه الدُّور تجمُّعهم من مشاربَ فِكريَّة وعقديَّة متنوِّعة تجمَع بين العقلاني والليبرالي والصوفي والأشعري، بَلْهَ الكتَّاب الغربيِّين المترجَمَة كُتبُهم أو المنشورة ابتداءً من هذه الدُّور، ويلاحظ تمجيدهم والاحتفاء بهم وتقديمهم على أنَّهم كتَّابٌ متميِّزون في كتاباتهم وتحليلاتهم ومنتجاتهم.
 5. الحديث عن الإصلاح الدُّنيوي وجعْله مدارَ الحديث، ويُصبح الحديث عن الإصلاح الشرعيِّ تابعًا وليس أساسًا.

 

 6. التركيز على رُوح الإسلام وجماليَّاته، وأنَّ الإسلام متجدِّد ويواكب العصرَ، بكلمات رنَّانة، مِثل العدْل والتطوُّر، وإغفال التركيز على الدَّعوة إلى اتِّباع أوامره واجتناب نواهيه والالتزام بأحكامه، والممارسة الفعليَّة للإسلام في كلِّ جوانب الحياة.
 7. حديثهم عن الدِّين أنَّه حضارة فقط، وإبراز الجانب المادِّي له، مهمِّشين الشمولية للدِّين. مع تضخيم الجانب المادِّي في التنمية والتغيير، ويقومون بدراسة النصِّ الشرعيِّ وتوظيفه بهذا المفهوم.
8. وبهذا فهي تُغفل سببَ التخلُّف الحاصل عند المسلمين وهو ابتعادُهم عن التطبيق الصَّحيح للإسلام بمفهومه المنهجيِّ الشامل.
 9. تُبالغ في التهوين في اعتماد الدَّليل من النُّصوص الشرعيَّة في مناهج الاستدلال والانتقال إلى الاعتماد على عِلْمَي الأصول ومقاصد الشريعة، مع تقديمها على النُّصوص والأدلَّة التفصيليَّة في فَهم الأحكام الشرعيَّة، وبذلك أصبح عِلما الأصول ومقاصد الشريعة دليلًا قائمًا بذاته، متناسين أنَّ هذه العلوم أتتْ متأخِّرة للمساعدة في فَهم النصوص وتطبيقها، والمساعدة على أمور الاجتهاد، لا أن تكون أدلَّة بذاتها.

 

 10. انصرفت عن الاهتمام بتطبيق الإسلام في الحياة، بل إنَّها دعتْ إلى نزعه من الحُكم والسياسة، أو في أحسن الأحوال التقليل من دَوره.
 11. الحديث عن الحُكم والسياسة على أنَّهما من أمور الدُّنيا بشكل مطلق؛ ولذلك فيجوز للإنسان اختيار أيِّ وسيلةٍ حُكمية يرتضيها، متجاهلين الحُكمَ بما أنزل الله.
 12. الخلط المقصود بين أساليب الحُكم والحُكم بالشَّريعة.
 13. تضخيم أمر الحريَّة، بل أصبحت مقدَّمة على الدِّين وتطبيق الشَّريعة والتوحيد، وغيرها من الأمور التي يقوم عليها الإسلامُ، والتي هي مقصده الأساسي.
 14. الدعوة إلى الديمقراطيَّة الغربيَّة بطريقة تقدَّس فيها، دون أيِّ تمحيص أو تنقيح، وجعلها أفضلَ الممارسات السياسيَّة التي وصلت إليها الإنسانيَّة إلى اليوم.
 15. التحامل الشَّديد على المدرسة السلفيَّة، وعلى منتجها الشرعي - دون تمييز أو تمحيص - حتى وصل بهم الأمر إلى المَساس بقضايا التوحيد وغيرها من أمور العقيدة، بل وصل بهم إلى رفض أن تكون العقيدة هي الموجِّه لأمور حياتنا. واتِّهام المدرسة السلفيَّة بالنِّفاق والميكافليَّة.

 

 16. إحياء منهج المدرسة المعتزليَّة القديمة في مفهوم العقلانية وتوظيف العقل، وإعمال مناهجها في انتقاد النُّصوص الشرعيَّة وتعطيلها وتأويلها.
 17. مرجعيتها مختلطةٌ بين الكتابات الفلسفيَّة الغربيَّة والكتابات الفرانكفونيَّة، وكتابات دُعاة الحريَّة في المشرق، مِثل كتابات الكواكبي. وإحياء المدارس الفلسفيَّة القديمة.
 18. التأثر بالمدرسة المغربيَّة (الجابري، أركون، مالك بن نبي، الغنوشي، طه عبدالرحمن، عبدالله العروي، سالم يافوت) ومَن على شاكلتهم مِثل الترابي.
 19. الانبهار بالغرب واضح في منتجات هذه الدُّور- مسبار وصِنوتها مدارك، الشبكة العربية للبحوث و النشر - ممَّا يجعلهم يسوِّقون لكثير من النظريات والأفكار التي ذاق الغرب منها الويلات، ولا يزال! بل إنَّ المراجِعَ لكثير من أطروحات عدد من الباحثين الجادِّين في الغرب يجدهم قد انتقدوا هذه النظريات، وانتقدوا منتجاتها التي أدَّت إلى التفلُّت والتفكُّك في الحياة الغربية، واقتربوا كثيرًا في كتابتهم من الأُطروحات الليبراليَّة، وإن كانت في مغلَّف إسلامي.
 وبعد هذا الاستعراض المختصر لأهم السِّمات الفكرية المشتركة بينهم، والتي ستسهل علينا الحديثَ الخاصَّ بكلِّ دار من هذه الدُّور؛ يجدر بنا الآن الحديث عن كل دار منها:
 

 

1. مركز المسبار للدراسات و البحوث/ دار مدارك للنشر:
 وهذانِ المركزان وجهانِ لعملة واحدة، ومقرُّهما مدينتا دُبي وبيروت.
 ومركز المسبار حسب تعريفه في موقعه الإلكتروني:
 مركز مستقلٌّ متخصِّص في دراسة الحركات الإسلاميَّة والظاهرة الثقافيَّة عمومًا، ببُعديها الفكري والاجتماعي والسياسي. يُبدي المركز اهتمامًا خاصًّا بالحركات الإسلاميَّة المعاصرة، فِكرًا وممارسة، رموزًا وأفكارًا، كما يهتمُّ بدراسة الحركات ذات الطابع التاريخي متى ظلَّ تأثيرها حاضرًا في الواقع المعيش.
 ويَعتني المركز اعتناءً خاصًّا بكون الثقافة شرطًا رئيسًا للتنمية، وكذلك الإستراتيجيَّة هي المدخل الوحيد نحو المستقبل في كلِّ ما يتعلَّق بفلسفة التنمية والبناء الحضاري لأيِّ أمَّة، وتصبُّ مختلف أنشطة المركز المختلفة من خلال إصداراته الدوريَّة وغير الدوريَّة، أو أنشطته التفاعليَّة أو الإنتاجيَّة في هذا الاتجاه.

 

 أمَّا دار مدارك للنشر؛ فحسب تعريفها على الموقع الإلكتروني:
 (دار "مدارك" للنشر: مؤسَّسة ثقافيَّة تأسَّست في العاصمة اللبنانية بيروت، عام 2010؛ لتكون واحدةً من أهمِّ دور النشر المهتمَّة بصناعة الكتاب العربي، وترجمة مختارات من الإصدارات العالميَّة إلى العربيَّة؛ رغبةً منها في رفد الثقافة الشرق أوسطية.

 

 تهتمُّ "مدارك" بحقول: السياسة، الثقافة، الفكر الدِّيني المعاصر، الرِّواية، الأدب، السِّير الذاتيَّة، البحوث الاجتماعية، والدِّراسات المعمَّقة، إضافة إلى كتُب الأطفال، وهي بذلك تَسعَى لأنْ تخاطب شريحةً أوسع من المجتمع، غير مقتصرةً على طبقة من السياسيِّين أو المختصِّين، لتصلَ إلى مختلف المكوِّنات.
 مفكِّرون وسياسيُّون، وكتاب عرب، مِن جنسيات وتيَّارات فكريَّة مختلفة، اختاروا "مدارك"؛ ليطلوا من خلالها على جمهورهم، ومنهم: تركي الحمد، علي حرب، ياسر حارب، محمد الرميحي، محمد محفوظ، عبد الرحمن شلقم، رشيد الخيون، خالص جلبي.. وسواهم الكثير.

 

 أمَّا على صعيد الكُتَّاب الغربيين، فقد ترجمت الدار عددًا من الكتب الهامَّة، منها: "الإخوان المسلمون الجدد في الغرب"، لمؤلِّفه لورينزو فيدينو، و"المملكة من الداخل"، الذي سرَد فيه روبرت ليسي تجربتَه ومشاهداته عن المملكة العربيَّة السعوديَّة، ذاكرًا تفاصيل سياسيَّة واجتماعيَّة مهمَّة).

 

 

وبعيدًا عن توجُّهات المركزين، وما أُثير حولهما من الارتباط بمؤسَّسات غربيَّة مشبوهة؛ فالذي يهمُّنا في هذا المقال هو ما له علاقة بمعرض الكتاب، فمركز مسبار يركِّز إصداراته حول الحركة الإسلاميَّة ودراستها وتقويمها، والحديث عن أهمِّ رجالها في خلْط متعمَّد، وبُعد عن الحقيقة في كثير من الأحيان، واستقطاب كتَّاب أو خبراء في هذه المجالات يغلب عليهم السطحيَّة وعدم الحياديَّة وعدم التوثيق في النَّقل، كما أنَّهم لا يستخدمون المنهجيَّة العلميَّة في مِثل هذه الدِّراسات، بالإضافة إلى الكتابة في بعض المتغيِّرات الإقليميَّة فيما يخصُّ الجانب الإسلاميَّ بنفس المنهجيَّة. وإصداراته تحمل عناوين كبيرة لا تتناسب مع المحتوى الذي تحويه الكتب، بالإضافة إلى عدم الدقَّة والحياديَّة فيما يطرحون. أمَّا مدارك فتتوسَّع في الكتابات المتأثِّرة بالفكر التغريبي والمتناقض مع الثقافة الإسلامية. ومؤلَّفات كلتا الدارين مؤلَّفات تنزع للنزعة التجاريَّة عناوين برَّاقة مع محتوى هزيل، وأسعار مبالَغ فيها. والملاحظ على المؤسِّسين أنَّهم مجموعة من الذين كانتْ لهم ممارسات إسلاميَّة متطرِّفة لا تتفق مع الوسطية التي يتميَّز بها عُلماء ودعاة هذه البلاد، ثم بعد ذلك انتقلوا إلى شقٍّ متطرِّف آخَر، وفَتحت لهم الصحف والقنوات المشبوهة أبوابَها.

 

 
2. الشبكة العربية للأبحاث والنشر:
 ومقرُّها بيروت ويشرف عليها مجموعةٌ تتبنَّى الطرح النهضوي المنطلِق من المدرسة الفرانكفونية في أفكارها وأطروحاتها، ويُعَدُّون من الأوائل الذين أدخلوا فكر هذه المدرسة لهذه البلاد بتبنٍّ إسلامي، مرجعهم فيها كتابة محمد عابد الجابري، ومحمد أركون، وطه عبدالرحمن، وعبدالله العروي، وغيرهم. وتتميَّز المدرسة الفرنكوفونية بالإضافة إلى أحياء فِكر المعتزلة في التعامُل مع النُّصوص الشرعيَّة إلى نهلها مباشرةً من المدرسة الفرنسيَّة، والتي تُعدُّ رائدة الطرح العلماني في العصر الحديث، كما أنَّ هؤلاء الكُتَّاب الفرنكوفنيِّين أحْيَوا علم الفلسفة كفلسفة ابن رشد، وأدخلوه في مدرستهم النقديَّة للتراث الإسلامي. ومحمد عابد الجابري يمتلك أكبرَ مشروعٍ لنقد العقل الغربي وتمحيصه بآليَّات تلك المدرسة. كما أنَّ محمد أركون يقوم بنقد التراث الإسلامي بأدوات المدرسة الفرنسيَّة الفلسفيَّة بتطرُّف شديد ضدَّ الإسلام ونصوصه الشرعية من القرآن والسُّنَّة. وطه عبدالرحمن. الذي يعدُّ لديهم فيلسوفًا إسلاميًّا استخدم منهج الفلسفة، بالإضافة إلى النظريات الغربيَّة في نقد الخطاب الإسلامي باستخدام هذين المنهجين. والشركة تركِّز في كثير من إصداراتها وطرحها على الفقه المقاصدي من باب أنْ يكون بديلًا عن النصِّ الشرعي. كما تطرح البُعد الديمقراطي في أشدِّ طروحاته تطرُّفًا، من باب تقديم الحرية وتقديسها على الحُكم بالشَّريعة. وفي طروحاتها الأخيرة تجاوزت الخطوط الحمراء باستضافة التيَّار الليبرالي في المشاركة في الكتابة ونقد القضايا العقديَّة وروَّاد الدَّعوة إليها من العلماء، ومثال على ذلك ما طرحه خالد الدخيل في كتابه الوهابية بين الشرك وتصدُّع القبيلة. كما أنَّ المركز يستقطب الكتابات الغربيَّة عن الظواهر المحليَّة ذات البُعد الإسلامي، ويسوِّق لها بطريقة تُبهر القارئ أنَّ المعلومات التي فيها لا توجد إلَّا في هذه المؤلَّفات، وأنَّه بالدقَّة والعمق التي لم يستطعْ أحد قبل هذا معالجتَه. بالرغم ممَّا فيها من التهويل وعدم الدِّقَّة، والاعتماد على روايات لمجاهيل، أو كتابة صحفية غير محايدة، وليست معتمِدة على المنهجية العلميَّة التي تَسلَم من التحيُّز في طرْح القضايا، أو تعالج بمنهجيَّة فِكرية لا تتَّسق مع المنهجيَّة الإسلاميَّة.
 

 

3. مركز نماء للبحوث و الدراسات:
 وهذا المركز وإنْ كان يختلف عن سابقيه بوجود بعض المؤلَّفات القليلة الجيِّدة – ويا ليتَ مؤلِّفيها يبحثون عن دُور نشر أكثر نقاءً - إلَّا أنَّه لا يختلف كثيرًا في منهجية التأليف من ناحية التأصيل لمنهج المدرسة المقاصديَّة، بالإضافة إلى التسويق لمدرسة ما يُسمَّى بالتيسير، وإثارة الخِلافات الفقهيَّة والعقديَّة بحشو من الشُّبهات قد تضلِّل طلبة العلم المبتدئين. وتحمل هذه المؤلَّفات شُبهات كثيرة تشغِّب على منهج التلقِّي لدى أهل السُّنة والجماعة، وتُثير الخلافات والفوضى الفقهيَّة التي تجعل كثيرًا من قليلي العلم يتجرَّأ على مقام العلم ومقام الفتوى دون رادعٍ من عقل أو تقوى، وباختصار فهم يتبنَّوْن ما يسمى بالمنهجَ التنويريَّ بوضوح. والملاحَظ على عناوين هذه الدراسات أنَّها أكبر من محتواها في كثيرٍ منها، بالإضافة إلى قِصَر باعِ كثير منهم في القُدرة على مناقشة مثل هذه القضايا.
 

 


و أخيرًا:

فالكتب التي تدخل معرض الكتاب، وفيها كثير من الخلل والشُّبهات كثيرة، ولا يستوعب هذا المقال الحديثَ عنها، لكنِّي اقتصرت على هذه الدُّور الثلاثة؛ لأنَّها تَظهر باسم الإسلام وإقبال الشباب الذين ظاهرهم الصَّلاح عليها كبير؛ فلذا وجَب التنبيه.
 كما أنِّي أُهيب بالمربِّين وطلبة العلم أن ينبِّهوا هؤلاء الشباب، ويُرشدوهم إلى النافع المفيد لهم في دِينهم و دنياهم. وبالنسبة لأبنائي الشباب أنصحُهم بالتحرِّي لدينهم، وعدم الانخداع بالكلمات الرنَّانة التي قد يطَّلعون عليها في شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها ، والتي يُطلقها بعض المشاهير من التسويق لهذه الكتُب التي تحمل الأفكار البرَّاقة، والتي قد تُعرِّضهم للشبهات. وقد أخرج اللَّالكائيُّ في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (ص130)، والطبرانيُّ في ((المعجم الكبير)) (9/152)، وأبو نُعيم في ((الحِلية)) (1/136) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (ألَا لا يُقلدِنَّ أحدُكم دِينَه رجلًا؛ إنْ آمَنَ آمَن، وإنْ كَفَر كفَر، فإنْ كنتم لا بدَّ مُقتدِين فبالميِّت؛ فإنَّ الحيَّ لا يُؤمن عليه الفِتنة)، قال الهيثميُّ في ((مجمع الزوائد)) (1/188): رجاله رجال الصَّحيح.
 
أسأل الله الصَّلاح للجميع، وأن يُرشدنا للطريق القويم، والمنهج السليم، إنَّه على كلِّ شيء قدير.

 

المصدر/ الدرر السنية