عظماء مُغَيّبون أو منسيون
29 ربيع الثاني 1434
منذر الأسعد

(عظماء منسيون في التاريخ الحديث) هو العنوان الذي اختاره الدكتور محمد بن موسى الشريف لينشر تحته سلسلة تضم كوكبة من أعلام أمة الإسلام في التاريخ القريب، طوى ذكراهم مر السنين، وحجب سيرتهم العطرة هيمنة المتغربين على مقاليد التعليم والإعلام في أكثر بلاد المسلمين، وهؤلاء لا يعنيهم رموز الخير في ميادين العلم الشرعي والدعوة إلى الله ومقارعة الاستعمار الغربي الذي كان يغزو ديارهم يومئذ. بل إن التغريبيين ليحرصون الحرص كله على طمس تلك الصفحات لئلا يبقى للناشئة من يُعْجَبون بجهاده في العصر الحديث، وليتسنى للمزورين أن يفتروا الكذب على تاريخ أمتنا القريب فيزعموا أنها استكانت للمحتل الأجنبي، وربما ادعى بعضهم أنها كانت تتلقى هؤلاء المجرمين الغاصبين بالورود!!

 

صدر حتى الآن من السلسلة القيّمة جزآن، يحتوي الجزء الأول على التأريخ الموجز لعشرٍ من الشخصيات الإسلامية المعاصرة، التي لم تأخذ نصيبها المستحق من الشهرة، وبخاصة بعد أن يغيبها الموت، أو أنها تكون معروفة على نطاق ضيق لا يتجاوز الخبراء في مجال تخصصها، أو القريبين جغرافياً من البلد الذي عاش فيه أولئك الأعلام... في حين يحتوي الجزء الثاني على تسع شخصيات.

 

يعرض المؤلف في الجزء الأول نبذة وافية عن كل من:

المجاهد البطل أحمد بن عرفان الشهيد
المجاهد الداعية عثمان بن فودي
المجاهد الداغستاني الإمام شامل
الداعية العجيب عبد الرشيد إبراهيم
الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي
أبو الأحرار محمد محمود الزبيري
الباحثة عن الحقيقة مريم جميلة
شيخ الإسلام مصطفى صبري التوقادي
شاعر تركيا محمد عاكف أُرْصوي
الشيخ المجاهد سعيد بَيْران الكردي
وأما أعلام الجزء الثاني فهم:
رجل الحماسة والهِمّة عبد العزيز الثعالبي
العالِم المجاهد محمد أمين الشنقيطي
القائد البطل ساموري توري
أمير البيان شكيب أرسلان
المجاهد عمر الفوتي
الداعية الأديب محمد بشير الإبراهيمي
المفسر العامل أبو الثناء الآلوسي
المجدد السلفي محمود شكري الآلوسي
الإمام الصومالي المجاهد محمد بن عبد الله حسن

 

هي إذاً كوكبة من الأشخاص البارزين وذوي الإسهامات الجليلة في خدمة دينهم أو نصرة أمتهم، ينتمون إلى بلدان شتى من داغستان إلى موريتانيا أو بلاد شنقيط بحسب تسميتها القديمة، كما تنوعت حقول جهادهم أو مجالات إبداعهم، ففيهم القائد العسكري الفذ، وفيهم المفسر المتمكن والفقيه المتبحر، وفيهم الشاعر المتألق...وترك كل منهم بصمة واضحة في مسيرة أمته كان من الواجب أن تظل في ذاكرة الأجيال.فالإمام شامل ليس مجرد بطل داغستاني جاهد الأطماع الروسية وأحقادها الصليبية حتى باتت سيرته مدرسة لكل من يريد التصدي لظلم الغزاة، لكن التغريب في مناهج تعليم الأمة إلا من رحم ربي وقليل ما هم، طمس تلك الشخصية الرائعة بينما ظل اسم شامل يثير الرعب في قلوب أعدائه بعد وفاته بعشرات السنين.

 

وأجمل ما في كتاب الشريف هذا، قدرته على تلخيص سيرة الشخصية التي يتناولها، بأسلوب سلس ورشيق، يتلوه تعريف بأبرز إنجازات العَلَم الذي تحدث عنه، ويختم بسرد أهم العبارات التي قيلت في الثناء عليه وفي تثمين دوره العلمي أو العملي.