ثلاثة مسارات إيرانية لتسليح الأسد
3 جمادى الأول 1434
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

تفيد التقارير الغربية وتصريحات الدبلوماسيين الدوليين بأن النظام السوري يحصل على أسلحة لمواجهة المعارضة وقتل شعبه من روسيا وإيران اللذين يمثلان أكبر الداعمين له، وأن هذه الأسلحة تنتقل عبر عدة مسارات أبرزها الرحلات الجوية العراقية باستخدام طائرات مدنية، والرحلات الجوية عبر تركيا والتي تمر دون علم السلطات، وكذلك الطرق البرية من لبنان الحدودية.

 

ونقلت وكالة أنباء رويترز البريطانية عن دبلوماسيين غربيين رفضوا الكشف أن هويتهم أن إيران كثفت بصورة كبيرة دعمها العسكري للرئيس السوري بشار الأسد في الأشهر القليلة الماضية بالتعاون مع روسيا، وذلك في محاولة لتمكينه من مواجهة المعارضة المسلحة التي تحقق انتصارات متزايدة على الأرض وتحرر المزيد من المدن.

 

وقال الدبلوماسيون إن الأسلحة الإيرانية ما زالت تتدفق على سوريا قادمة من العراق لكن أيضا عبر مسارات ثانية منها تركيا ولبنان، معتبرين أن ذلك يمثل انتهاكا لحظر للأسلحة تفرضه الأمم المتحدة على إيران وسوريا.

 

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد اعتبر أمس أن فكرة قيام الغرب بتسليح المعارضة السورية في مواجهة بشار الأسد هي انتهاك للعقوبات المفروضة على سوريا، رغم التأكد من أن روسيا تخرق هذه العقوبات بإرسال أسلحة إلى النظام السوري.

 

وأضاف دبلوماسيون أن تكثيف إيران الدعم للأسد يشير إلى أن الحرب في سوريا تدخل مرحلة جديدة ربما تحاول فيها طهران إنهاء هذا الجمود الذي يسيطر على ساحة المعركة من خلال مضاعفة التزاماتها تجاه الأسد مرة أخرى وأن تقدم لحكومة دمشق التي تزداد عزلة مصدرا رئيسيا للدعم.

 

كما يرى دبلوماسيون أن ذلك يبرز الطبيعة الطائفية المتزايدة للصراع مع تدفق السلاح الايراني على جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية. ويقولون إن هذه الجماعة أصبح لها نشاط فعال داخل سوريا لدعم قوات الأسد.

 

بدأ الصراع السوري قبل عامين في صورة احتجاجات سلمية مطالبة بالديمقراطية. لكن مع استمرار القوات النظامية في دك المدن وقتل المدنيين ظهرت الحاجة للمواجهة العسكرية التي ابتدءها الجيش السوري الحر. ولقي 70 ألف شخص حتفهم كما فر مليون لاجيء من البلاد.

 

وقال تقرير مخابرات غربي اطلعت عليه رويترز في سبتمبر إن إيران تستخدم طائرات مدنية لنقل أفراد عسكريين وكميات كبيرة من الأسلحة عبر المجال الجوي العراقي لمساعدة الأسد. ونفى العراق ذلك التقرير لكنه بعد ذلك عمد إلى إثبات وجهة نظر معينة وفتش طائرة كانت متجهة إلى إيران وقالت بغداد إنه لم يكن على متنها أسلحة.

 

ويقول الدبلوماسيون إنه ما زال يجري نقل أغلب الأسلحة المتجهة إلى سوريا الآن عبر المجال الجوي العراقي وبرا عبر العراق رغم وعود بغداد المتكررة بوضع حد لإمدادات الأسلحة الإيرانية إلى الأسد في انتهاك لحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على طهران بسبب برنامجها النووي.

 

وقال دبلوماسي غربي هذا الأسبوع: "الإيرانيون يدعمون النظام حقا بشكل هائل... رفعوا حجم الدعم خلال الأشهر الثلاثة أو الأربعة الماضية عبر المجال الجوي العراقي والآن من خلال الشاحنات. والعراقيون يغضون الطرف حقا".

 

وأضاف الدبلوماسي الرفيع أن إيران "تقوم الآن بدور حيوي" مضيفا أن حزب الله "لا يكاد يخفي الدعم الذي يقدمه للنظام (السوري)".

 

ومضى يقول إن الحرب السورية أصبحت "طائفية بشكل متزايد" حيث تدور بشكل أساسي بين السنة والعلويين.

 

ونفى علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بشدة هذه المزاعم وقال أمس الأربعاء "كلا أبدا لم يحدث ولن يحدث عبور أسلحة من إيران إلى سوريا عبر العراق سواء كان بالبر أو عن طريق الجو".

 

وذكر دبلوماسيون أن روسيا ما زالت أيضا مصدرا رئيسيا للسلاح بالنسبة للأسد. وعلى عكس إيران فليس هناك حظر للسلاح مفروض على سوريا أو روسيا من جانب الأمم المتحدة وبالتالي فإنهما لا ينتهكان أي قواعد دولية عندما يبرمان صفقات سلاح. لكن قبول الأسلحة الإيرانية يمثل انتهاكا للعقوبات التي تفرضها المنظمة الدولية على طهران.

 

وقالت روسيا مرارا إن الدعم العسكري لسوريا يشمل أنظمة دفاع جوي مضادة للصواريخ لكن ليست هناك أسلحة هجومية مثل طائرات الهليكوبتر.

 

كما ورد ذكر (إيران اير) و(ماهان اير) في تقرير المخابرات بشأن شحنات الأسلحة الإيرانية إلى سوريا. وأدرجت وزارة الخزانة الأمريكية (إيران اير) و(ماهان اير) و(ياس اير) في القائمة السوداء لدعمها الحرس الثوري الإيراني.

 

ونقل دبلوماسي غربي عن تقارير مخابراتية من بلاده قولها إن هناك طريقا جديدا لإرسال الأسلحة إلى سوريا في بعض الاحيان عبر المجال الجوي التركي إلى بيروت ومن هناك إلى سوريا بالطريق البري. وقال إنه ليس هناك مؤشر على أن المسؤولين الأتراك على علم بمثل هذه الشحنات غير المشروعة للأسلحة.

 

وتابع أنه بمجرد دخول الاسلحة إلى سوريا فإنها توزع على القوات الحكومية والجماعات المتحالفة معها بما في ذلك حزب الله.

 

وقال تقرير المخابرات الغربي "تتراوح المعدات التي تنقلها الشركتان (ايران اير وماهان اير)...بين معدات اتصالات وأسلحة خفيفة وأسلحة استراتييجة متقدمة بعضها يستخدمها بشكل مدمر حزب الله والنظام السوري ضد الشعب السوري".

 

وأضاف التقرير "المعدات الأكثر تقدما هي قطع لمعدات مختلفة مثل طائرات بلا طيار وصواريخ بر-بحر وصواريخ بالستية سطح-سطح. وتستخدم قوات الأمن السورية وقوات ميليشيا الشبيحة الموالية للأسد وحزب الله اللبناني أسلحة أخرى".

 

وجاء في التقرير المخابراتي الغربي أيضا أنه يتم نقل نحو خمسة أطنان من الأسلحة في كل رحلة جوية بشكل شبه أسبوعي ويجري إخفاؤها في بطن الجزء المخصص للشحنات في الطائرات مضيفا أن شحنة الأسلحة تنقل بشكل منفصل بعد إنزال الشحنة المدنية.

 

وأكد مسؤولون غربيون آخرون النتائج التي توصل إليها هذا التقرير.

 

ونفى مصدر دبلوماسي تركي هذا الزعم قائلا لرويترز "هذه قضية بالغة الحساسية بالنسبة لتركيا ونحن متأكدون تماما أنها لا أساس لها من الصحة".

 

واعترضت تركيا شحنات أسلحة إيرانية في الماضي وأبلغت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن بخصوصها. ويقول دبلوماسيون غربيون إن الحملة الشديدة التي تشنها أنقرة للقضاء على تهريب الأسلحة الإيرانية عبر مجالها الجوي هو الذي جعل إيران تلجأ إلى المجال الجوي العراقي بدلا من ذلك.

 

وقال نواف سلام سفير لبنان في الأمم المتحدة إنه ليس في وضع يسمح له بالتعقيب. ورفض مصدر في مطار بيروت طلب عدم نشر اسمه مزاعم توصيل شحنات إيرانية سرية إلى سوريا عبر مطار بيروت.