والآن… فيلق اﻷسد
24 جمادى الأول 1434
أحمد الشامي

الاعتداء الذي قامت به طائرات سلاح الجو اﻷسدي على جرود عرسال وما تبعه من “تحرشات” بالجار اللبناني كان موضع نقاش على أعلى المستويات في “محور الشر”.

 

الغارة أتت بعد أيام من استقبال ميناء بيروت لسفن حربية روسية، اتجهت بعد ذلك ٳلى ميناء “طرطوس” السوري لتفرغ حمولتها من الرجال والعتاد. قصف مواقع لبنانية بعد زيارة اﻷسطول الروسي، الذي يتزود منذ فترة بالوقود في بيروت وليس طرطوس، دون موافقة “بوتين” كان سيشكل ٳهانة “لروسيا العظمى”.

 

أيضاً، بحكم كون الطائرات المهاجمة مصنوعة في روسيا فاﻷسد لايستطيع قانونياً استخدامها دون موافقة ولو ضمنية من قبل شبيح موسكو.أمر آخر يدل على أن اﻷمرهو قرار جماعي من قبل أعداء الثورة السورية هو الصمت "اﻹسرائيلي" على الغارة، فبحكم “تفاهمات” اﻷسد مع ٳسرائيل منذ مجزرة الطائرات السورية أثناء اجتياح 1982 لايحق لنظام العصابة في دمشق اختراق المجال الجوي اللبناني ولا ٳدخال صواريخ مضادة للطائرات ٳلى بلاد اﻷرز. بالفعل، تحججت ٳسرائيل بدخول صواريخ متطورة ٳلى حزب “نصر الله” وقامت بغارتها قرب “جمرايا”.

 

لنتذكر أن المرة الوحيدة التي حلق فيها طيران اﻷسد في اﻷجواء اللبنانية كانت عام 1990 لقصف مواقع الجنرال “عون”…ذات الجنرال الذي أصبح فيما بعد من أعز أصدقاء نظام اﻷسد.

 

غارات طيران النظام السوري تمت حينها بناء على موافقة أمريكية صريحة وقبول ٳسرائيلي في ٳطار ٳعادة “تلزيم” لبنان للأسد اﻷب مقابل مشاركة قواته في “حفر الباطن”.

 

ماذا تغير اليوم لكي يصول طيران اﻷسد “الخردة” ويجول في أجواء لبنان، يقصف ويعربد دون وازع ؟ علماً أن لا وجود لمضادات طيران فعالة لدى الجيش اللبناني.

 

وحده “حزب نصر الله” لديه مضادات طيران بدائية، لكن من غير الوارد أن يستخدمها ضد حليفه اﻷسدي الذي “يخترق السيادة اللبنانية” مثله مثل ٳسرائيل.قياساً على الماضي، يجوز لنا أن نسيء الظن بأمريكا “صديقة الشعب السوري” ونعتبر أن هذه الغارة تمت بموافقة أمريكية كسابقاتها.

 

نفس الموافقة لابد أنها أتت من عاصمة أخرى صديقة للأسد، في القدس المحتلة، والتي تريد ٳطالة احتضار النظام اﻷسدي ولا يزعجها ٳطلاقاً أن “يشتغل” السوريون والمسلمون ببعضهم البعض وينسوا أن العنصرية والعدوانية اﻹسرائيلية هي في صميم مشاكل المنطقة.

 

ما الذي دفع أطراف محور الشر ﻹدخال جيش العصابة اﻷسدية علناً ٳلى الساحة اللبنانية وتوسيع رقعة الصراع ؟

 

ذكرت مواقع الاستخبارات "اﻹسرائيلية" أن نظام اﻷسد قد وجه ٳنذاراً ٳلى الرئيس اللبناني “ميشيل سليمان” بضرورة طرد الجنرال “قهوجي” ودخول الجيش اللبناني ٳلى عرسال وجوارها للٳطباق على الثوار السوريين من الخلف وليس فقط لقطع التواصل بين هؤلاء والداخل اللبناني.

 

الجنرال “قهوجي”، مدعوما من قبل الرئيس “سليمان” كان قد رفض توريط الجيش اللبناني في مواجهة دموية لصالح نظام القتلة في دمشق ولدعم عصابات “نصر الله” الغارقة في معارك “جهادية” في القصير ودمشق.

 

“غزوة” جرود عرسال تدخل ٳذاً في ٳطار ابتزاز الرئيس “سليمان” وتندرج ضمن استراتيجية أوسع وضعها نظام الملالي في طهران ﻹدخال لبنان ضمن معادلات “الولي الفقيه”.

 

الغارة تمت بتنسيق كامل مع حزب “نصر الله” الذي صار لديه، مع انضمام ميليشيا اﻷسد عملياً ٳلى صفوفه، أسلحة ثقيلة وطائرات…أقله تلك التي لم يتعامل معها الجيش السوري الحر بعد.

 

هذا خبر مقلق للغاية لكل اللبنانيين، باستثناء “نصر الله” وأعوانه.

 

عدوان النظام اﻷسدي الفج على اﻷراضي اللبنانية يشكل رسالة ٳلى من يهمه اﻷمر أن لا قرار مستقل للبنان خارج الخضوع ﻹملاءات محور الشر وخارج “العلاقة الحميمة” مع النظام الطائفي الموجود حالياً في “دمشق” وربما مستقبلاً في “القرداحة” وجوارها.

 

غارات الطيران اﻷسدي قد يرافقها مستقبلاً حراك عسكري على اﻷرض يتولاه جنود “نصر الله” في ظل هذا الغطاء الجوي وربما، ٳن اقتضى اﻷمر، دخول قوات أسدية ومدرعات ثقيلة ٳلى المنطقة ﻹتمام مهمة “تنظيفها” من اللبنانيين والسوريين ممن يعادون اﻷسد واستطرادا حزب “نصر الله”.

 

هذا التنسيق التكتيكي يدل على نقلة نوعية في العلاقة العضوية بين اﻷطراف الثلاثة التي تقاتل الثوار السوريين على اﻷرض ويصح توصيفه بأنه خطوة حاسمة في طريق تحقيق “وحدة اندماجية” على الصعيد العسكري بين قتلة الشعب السوري الذين هم في طريقهم لتوسيع دائرة نشاطهم لكي تشمل لبنان الشقيق.

 

قد يكون هذا التصعيد غير المسبوق أحد اﻷسباب الموجبة لاستقالة الرئيس “ميقاتي” الذي أدرك أن حزب “نصر الله” سائر في التصعيد حتى النهاية تمهيداً “للسطو” على لبنان كله بعدما صادر القرار اللبناني.

 

بعد “فيلق القدس” العائد للحرس الثوري اﻹيراني و”فيلق نصر الله” المتموضع في البقاع والضاحية الجنوبية، هاهو “فيلق اﻷسد” لصاحبه بشار اﻷسد وعائلته، ينضم رسمياً ٳلى ملاكات جنود الولي الفقيه في حربهم المقدسة ضد الحرية وضد حق شعوب المنطقة في الحياة وتقرير المصير.

 

  أحمد الشامي   –   

 

المصدر/ موقع كبريت