د. السلومي :ننتظر مبادرة سياسية لحل أزمة العمل الخيري ...الإعلام المحلي أسهم في إلصاق الإرهاب بالعمل الخيري
2 جمادى الثانية 1434
محمد لافي

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر, شن الغرب بقيادة الولايات المتحدة حرباً إعلامية وأمنية واسعة النطاق على المؤسسات الخيرية الإسلامية بغرض تحجيم العمل الخيري وتجفيف منابعه, و تم على إثر هذه الحملة تفكيك الكثير من المؤسسات الخيرية وإيقاف نشاطها أو تحجيمه وملاحقة بعض أعضاءها, مما أضر بالمستفيدين من العمل الخيري وفتح المجال للمنظمات التنصيرية للعمل بحرية.

 

ومع استمرار الحملة وتفاقهم آثارها دعى مجموعة من المشايخ والدعاة الشخصيات البارزة والنشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى ضرورة فك الحصار عن العمل الخيري الخارجي ورفع حالات التشويه والتضييق التي فرضت عليه طيلة هذه الفترة.

 

ولتسليط الضوء بشكل أكبر على ما تعرض له العمل الخير من حصار وسبل الخروج به من هذه الأزمة,  كان لـ"المسلم" حوار مع الدكتور محمد بن عبد الله السلومي الباحث والمتخصص في دراسات القطاع الخيري وأحد أهم المدافعين عنه وهو مؤلف كتابي" ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب" و" القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب" الاتي قدمتا خدمة كبيرة للمؤسسات الخيرية الإسلامية، وللحكومات العربية والإسلامية وكذلك المحسنين من رجال المال والأعمال المسلمين.

 

بداية .. ماذا يعني # حصار _ العمل _ الخيري الذي انتشر في وسائل الإعلام الجديد ؟

 

يعني كل ما يتعلق بالمؤسسات الخيرية الإنسانية السعودية العاملة خارج الوطن السعودي، ثم يعني منع الحوالات الخارجية البنكية لفروع تلك المؤسسات أو غيرها حتى التي وقَّعت مع وزارة الخارجية السعودية اتفاقية (دولة مقر), وما يصحب ذلك من تجميد لبعض الحسابات البنكية، ثم غياب أي جهة إدارية معنية بالدولة لإصدار التراخيص الخاصة بذلك، ثم تحويل بعض المؤسسات السعودية المعنية بالعمل في الخارج إلى مؤسسات (دولة مقر) لتكون مؤسسات أجنبية، مما يعني خلو المملكة العربية السعودية من أي مؤسسة وطنية سعودية، وبالتالي خلو الساحات الدولية من أي مؤسسة سعودية أو متطوع سعودي بواقعٍ يختلف عن دول العالم ودول الجوار.

 

بعد أن دق ناقوس الخطر بالتمدد الصفوي والتنصيري بسبب الحرب على العمل الخيري في الخارج وتأثر المستفيدين منه، بل ووقوعهم ضحية لدعاة التنصير والتشيع. إلى أي مدى يرى الدكتور محمد السلومي آثار هذه الحرب خلال السنوات الماضية ؟

 

  • لآثار كبيرة وواضحة على جميع المستويات ومن أبرزها:
  • فقدان المكتسبات الخيرية السعودية في الساحات الدولية الإسلامية.
  •  غياب التطوع السعودي بكل صوره وأنواعه الفردية والمؤسساتية.
  •  
  •  أسهم في صناعة أزمة ثقة بين الحكومات المعنية وشعوبها، في الوقت الذي يحتاج فيه الجميع إلى العمل بكل الوسائل لتقوية الثقة وتعزيز المصداقية.
  •  تمدد أعداء رسالة الوطن السعودي في فراغه والقفز على منجزاته السابقة مما انعكس سلبياً لدى الأقليات والشعوب الإسلامية تجاه الوطن السعودي (حكومة وشعباً).
  • عدم رضا الولايات المتحدة الأمريكية عن الحكومة السعودية بالرغم من كل ما حدث من حصارٍ على العمل الخيري، وذلك حسب آخر تقرير صدر من وزارة الخارجية الأمريكية عن الحرية الدينية في العالم، وهو التقرير الذي عدَّ السعودية من أكبر دول انتهاك الحرية الدينية، وعدَّها بمؤسساتها الحكومية والخيرية داعمةً للإرهاب مادياً وفكرياً.

 

لماذا لا تزال آثار الحملة الغربية على العمل الخيري باقية إلى الآن حتى بعد سقوط التهم عن الجمعيات الخيرية وبراءة الشخصيات التي اتُهمت بدعمها؟

 

يمكن توجيه هذا السؤال للمعنيين في الحكومة السعودية، لا سيما بعد سقوط جميع التهم والدعاوى على المؤسسات الخيرية السعودية المتهمة، ورجال المال والأعمال المتهمين، وكذلك البنوك السعودية المتهمة، وسقوط التهم عن بعض الشخصيات الاعتبارية والرسمية السعودية، فالبراءة التي صدرت من بعض المحاكم الأمريكية والأوروبية تُعدُّ إدانة لنا (حكومة وشعباً)لا سيما في حال استمرار هذا الحصار.

 

كيف تقرأ مواقف الإعلام السعودي من العمل الخيري عموماً، وما هي ردة فعلهم بعد ما وقع عليه من حرب؟

 

مع الأسف أن الإعلام المحلي مُسهم كبير في صناعة مزاعم ما يسمى (دعم الإرهاب) في الوقت الذي يجب على الإعلام السعودي أن يكون ملتزماً بالحقيقة، منتمياً للوطن ومصالحه العليا، حتى مع افتراض وجود أخطاء فردية، أو اختلاف إيديولوجي مع بعض القائمين على المؤسسات فإن مصلحة الوطن يجب أن تُقدم، وأتمنى من الإعلام السعودي أن يستفيد من الإعلام الكويتي على سبيل المثال، فحينما طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بإغلاق إحدى المؤسسات الخيرية الوطنية الكويتية، وقفت الحكومة الكويتية كما وقف مجلس الأمة بكل أطيافه برفض الاستجابة للمطالب، وبالتالي الإعلام الكويتي بشكل عام وقف ضد انتهاك سيادة دولة الكويت، وكذلك دولة قطر كان لها الموقف ذاته في حماية مؤسساتها وسيادتها برفض الاستجابة للضغوط.

 

وهل ترون أن الإعلام الإسلامي قام بدوره في الدفاع عن العمل الخيري ونشر ثقافته, وما هو المنتظر منه ؟

 

قام بدور مشكور، لكن في الحقيقة ليس بالدور الكافي الذي يتناسب مع حجم القضية وحجم آثار الحصار، وليس بحجم الغيرة المطلوبة في الغياب السعودي الكامل عن المشهد الدولي في العمل الخيري الإنساني، بل ليس بمستوى حجم تطلعات الأقليات المسلمة والشعوب الإسلامية المنكوبة ممن يعتبرونه (الأب الروحي) للمسلمين وهي المملكة العربية السعودية حفظها الله من كل سوء.

 

ما هو الدور المنتظر من الحكومات المسلمة؟ أعني ما كان منها ذا نفوذ وإمكانات كدول الخليج وشعوبها في فك أسر العمل الخيري والنهوض به؟ وما هو دور المملكة خاصة في ذلك؟

 

يُنتظر منها أن تكون منظماتها الخيرية الإنسانية شريكاً مع منظمات المجتمع الدولي في ساحات الإغاثات الدولية، كما يُنتظر منها أن تعرف أنَّ العمل الخيري تطوعاً وتبرعاً من حقوق الإنسان ومن حقوق المسلم، ولا يمكن لأحد أن يتنازل عن هذا الحق، فالمعونات الحكومية للمنظمات الدولية أو للحكومات الأخرى لا تُغني عن حقوق الشعوب في مساندة الشعوب الأخرى من خلال منظماتها الإنسانية التطوعية وليست الحكومية، وليس أدلَّ على هذه الأهمية للدعم الخارجي أو للمعونات الخارجية من حجم المعونات الحكومية السعودية التي تفوق تبرعات الشعب السعودي ومؤسساته مئات المرات!!!.

 

في ظل هذا التضييق على العمل الخيري, ما هي البدائل لدى الجهات الخيرية لاستمرارية العمل الخيري وعدم توقفه؟

 

الصدقة هي الصدقة، والزكاة هي الزكاة، والتبرع هو التبرع، فمهما كان الحصار فإن ما سبق من أنواع العطاء الخيري سيقدمه المسلم لأخيه المسلم بأي طريق كان وهذا هو الواقع، والبديل هو استمرارية المطالبة والنصح للدولة فيما يُحقق مصلحة الوطن السعودي بالمبادرة العاجلة في إنشاء (هيئة أهلية عليا مستقلة) عن الحكومة مرتبطة بالدولة ودستورها، حيث لا تتحمل الحكومة تَبِعات أخطاء أفراد أو مؤسسات –إن وُجدت- والقضاء والمحاكم هي مرجعية تحديد الخطأ وبالتالي معالجته، كما هو حال الولايات المتحدة الأمريكية مع منظماتها، وكما هو واقع دول أوروبا مع مؤسساتها المستقلة عن حكوماتها.

 

ما هو أثر الربيع العربي في التحرر من الحصار على العمل الخيري؟

 

 

لا شك أن الحرية من أكبر مكتسبات ثورات الربيع العربي التي لم يكتمل نضجها بحكم المؤامرات الدولية المعادية، وبحكم تحديات التركة السلبية الكبيرة للحكومات السابقة، وقد أدركَتْ الحكومات الجديدة أهمية العمل الإنساني والخيري في تحقيق حقوق الإنسان والمواطن وأهمية ذلك على الأمن الاجتماعي داخلياً، وعلى القوة السيادية والسياسية خارجياً.

 

في رأيكم ما هي الخطوة التي ترون أنها لم تتخذ حتى الآن للمساعدة في فك الحصار عن العمل الخيري؟

 

المبادرة السياسية الموعودة من قِبل الدولة منذ سنوات.

 

شكراً لكم على إتاحة هذه الفرصة و جزاكم الله خيراً

 

أقرا أيضاً:

احتفالية مملكة الإنسانية !! .... د. محمد عبد الله السلومي