أبعاد شيطنة الإعلام المصري للمقاومة الفلسطينية
10 جمادى الثانية 1434
علا محمود سامي

منذ فوز الرئيس محمد مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية،  يقوم  الإعلام المصري على قدم وساق بمحاولة شيطنة الإسلاميين، وبث الوقيعة بينهم، والسعي إلى تشويه صورتهم في أوساط الرأي العام، بدأ ذات الإعلام يعد العدة لدور آخر، ولكن هذه المرة في خارج القطر، عندما وجه هذا الإعلام سمومه إلى المقاومة الفلسطينية، ساعياً إلى شيطنتها، كما يعمل على شيطنة إسلاميي مصر.

 

ولتنفيذ مخططه هذا، راح هذا الإعلام يلجأ إلى العديد من الوسائل، والتي كان شعاره فيها الكذب والادعاء، بتغافل المهنية، والبحث عن الشائعات فتلوكها ألسنة مذيعيه ومقدمي برامجه، متجاهلاً كل حقيقة، وحتى لو جرى تصويب ما يقدمه، فإنه يتغافل عن التصحيح الواجب، فكل ما يعول عليه هو الشائعات، يطلقها ثم يصدقها، وبعد ذلك يروج لها، مستخدماً في ذلك مساحيق عدة من الإبهار والتزويق والتزييف، بحِرَفية تفتقر إلى أبجديات المهنة ولا تحترم أي مواثيق إعلامية.

 

وسعي الإعلام المصري لشيطنة المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها "حماس" له أهداف خبيثة عدة يسعى إلى تحقيقها، وجميعها تصب في صالح من يريد إحكام حصار العدو الصهيوني على قطاع غزة، والنيل من الشعب الفلسطيني، وعلى رأس هؤلاء المستفيدين سلطة الاحتلال الصهيوني وعملاؤها، أيا كانوا سواء في الضفة الغربية أو في أنحاء أخرى من الأرض المحتلة.

 

ولم يجد زبانية هذا الاحتلال أجواء مهيأة لإلقاء بذور الشائعات والتشويه للمقاومة، غير تلك التي تعيشها مصر، وهي تعاني من  حالة من الانفلات الإعلامي الذي يخالف أي مواثيق مهنية أو أخلاقية، فضلاً عن أجواء سياسية لا تعرف للسياسة معنى، وكل ما تعرفه زجاجات المولوتوف واقتحام القصور وحصار مقار الأحزاب، وهى كلها الأجواء التي وجد فيها زبانية الاحتلال أيا كان توصيفهم طبيعة خصبة لنشر سمومهم ضد المقاومة الفلسطينية.

هذه السموم تنوعت كثيراً من الحديث عن تورط المقاومة في العدوان على الحجز الحدودي بمدينة رفح المصرية خلال شهر أغسطس الماضي، ما أسفر عن مقتل قرابة 17 جندياً وضابطاً مصرياً من قوات حرس الحدود، بالإضافة إلى تكرار الحديث عن تهريب الوقود المصري إلى قطاع غزة، واختطاف ثلاثة من ضباط الشرطة المصرية من قبل المقاومة، فضلا ًعن الحديث المتكرر عن قيام عناصر المقاومة باستنساخ ملابس القوات المسلحة المصرية لاستخدامها لاحقاً في توجيه عمليات نوعية ضد عناصرها في الداخل.

 

يأتي كل هذا التشويه، دون أن يفتش هذا الإعلام عن "الفوائد" التي يمكن أن تجنيها المقاومة من هذه الممارسات المزعومة، وخاصة بعد الاستحقاق الرئاسي، وتولي سدة البلاد قيادة لا تخفي دعمها للمقاومة، بل وكان لها دور كبير في إنهاء العدوان على غزة خلال شهر نوفمبر الماضي، في الوقت الذي لم يعمل فيه ذات الإعلام على تشويه المقاومة إبان النظام المخلوع، على الرغم من أنه كان لا يقف على مسافة واحدة بين المقاومة ، والفصائل الأخرى القابعة في مقاطعة رام الله، بل كان النظام البائد "يفتخر" بأنه يقف على مسافة واحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أي يساوي بين القاتل الضحية .

 

وبالرغم من ذلك كله، لم توجه المقاومة أي  احتجاج ضد ذلك النظام ، فقد صرح قادة حركة حماس أكثر من مرة بعد الثورة بأن النظام السابق كان ينطلق من أرضية وطنية في التعامل مع القضية الفلسطينية، لعدم إثارة روح الشقاق داخل مصر، وهي تأتي ضمن سياسة ثابتة  للمقاومة، فلم توجه يوماً عملياتها إلى أي من دول العالم، حتى الرافضين لهان والداعمين لقاتليها، وهو عهدها منذ إعلانها المقاومة ضد الصهاينة، بأن مواجهتها له تكون في نطاق الأراضي الفلسطينية التي يحتلها، من منطلق وطنية المقاومة.

 

إن تاريخ المقاومة يؤكد لنا أنها لم تعمل يوماً على نقل عملياتها إلى خارج وطنها المحتل، على الرغم من حجم المؤامرات الإقليمية والدولية التي تتعرض لها بدعم الجاني ، وتشويه الضحية، بل وتصويره في مرات عديدة بصورة الإرهابي أو القاتل، وهو الاستحضار الذي يدحض بجلاء ولكل ذي عينين حجم وكذب وافتراء وتشويه بعض أجهزة الإعلام المصرية للمقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها "حماس"، ومحاولات الوقيعة بينها وبين الجيش المصري، وهي الأجهزة التي تدرك يقيناً أن هدفها يتجاوز تشويه "حماس" إلى تشويه من يقومون على سدة الحكم من الإسلاميين، خاصة وأن هذا الإعلام يدرك جيدا العرى الوثيقة التي تربط جماعة الإخوان المسلمين بحركة"حماس".

 

وعلى الرغم من انتشار وثيقة عبر بعض المواقع الالكترونية تؤكد وجود علاقة بين  التشهير الكاذب بحركة"حماس" في هذه الأجهزة ، وبين بعض العملاء للكيان الصهيوني، فإن هذا الإعلام لا يزال في غيه ، يمارس حملاته على أوسع نطاق، وكأنه يستمد شائعاته من قوة مصدرها، وهي الأصابع الخارجية التي تعبث بالأمن المصري، والدور المخابراتي الإقليمي والدولي الذي يعيث في مصر حاليا فساداً وإنهاكاً للنظام القائم، عبر زرع عملائه ، ومنه بعض أجهزة الإعلام، وخاصة الفضائيات التي جرت الموافقة على بثها إبان المرحلة الانتقالية، والتي كان يديرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

 

وكما فشل هذا الإعلام في هذا الاتجاه،  فشل أيضاً في أن تنال القيادة المصرية من حركات المقاومة، فلا يزال الدعم المصري لها قائماً رسمياً وشعبياً،لأن فلسطين هي القضية الكبرى التي تقيم في ضمير الأمة ولن تؤثر أساليب التضليل الرخيص في وجدان الملايين.