أنت هنا

ليبيا تصارع القذافي مجدداً
27 جمادى الثانية 1434
موقع المسلم

هيومان رايتس ووتش تطالب المؤتمر الوطني العام (البرلمان الليبي) بعدم إقرار قانون العزل السياسي، لأنها تعتبره " هذا القانون مفرط في الغموض، وينطوي على إمكانية منع أي شخص سبق له العمل مع السلطات أثناء العقود الأربعة لحكم العقيد الراحل." بحسب سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة الدولية..
محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق، وأحد من أشير إليهم كأحد حلفاء الولايات المتحدة في ليبيا ما بعد ثورة 17 فبراير ينتقد قانون العزل السياسي، ويزعم أنه يطال نصف مليون مواطن ليبي بالإقصاء السياسي.. ويعتبر أن القانون "سيتسبب في تفريغ الدولة من كوادرها".
أطراف عسكرية وسياسية أخرى تحتج على القانون الذي أقر من برلمان منتخب كامل الأهلية، ويمثل الشعب الليبي، ولا تهيمن عليه غالبية كبيرة.. استقالات واحتجاجات، وحديث واسع عن الفوضى واستدعاء سريع لها..
"القذافي يريد أن يعود من قبره"!، هكذا تبدو الصورة لأول وهلة ممن يلحظ احتجاجاً أمريكياً و"فلولياً" واسع النطاق ضد القانون وضد فكرة أن يمتلك الشعب الليبي حقه في عزل كل المشتبه بإسدائهم خدمات لنظام القذافي غريب الأطوار والسياسات.
بعض أهم الشخصيات في المنظومة الحاكمة اليوم في ليبيا تستشعر بالخطر؛ فهي قد شاطرت العقيد القذافي يوماً ما في تنفيذ بعض طموحاته وبرامجه الارتجالية، واليوم ينتابها القلق من استبعادها بموجب القانون الذي حظي بمناقشات واسعة في البرلمان قبل إقرار يتدثر مناوئوه بأنه قد تم "تحت تهديد السلاح"، وهو ما نفاه غالبية النواب.
المسلحون الذين طالبوا بإقرار القانون رفعوا سقف مطالبهم بالدعوة إلى إقالة رئيس الوزراء زيدان، وهو ما يواجه بمظاهرات واحتجاجات مقابلة، ما قد يدفع البلاد نحو اضطرابات.
في الجملة، لا يبدو حمل السلاح حلاً لمشاكل سياسية، لاسيما في بلد كليبيا متعدد الميليشيات، وازدياد اللجوء إليه لحسم صراعات سياسية يدعو للقلق الشديد، غير أنه ينبغي الاعتراف بأن التدخل الأجنبي في شؤون ليبيا ما بعد الثورة هو ما فتح الباب واسعاً لأي احتمالات تصعيدية مع رغبة الغرب في فرض إملاءاته على الشعب الليبي؛ فالصيغة التي تريد العواصم الغربية توجيه القوى السياسية إليها للحكم، وحرصها الدائم على منح حلفائها مزية في إدارة البلاد هي ما تفجر الأمور في أكثر من بلد شهد ثورة على أرضه، وما يحصل في ليبيا ليس بعيداً عما تنفذه أجهزة خارجية في داخل دول الربيع العربي، بما انعكس على تلك البلدان من فوضى وانفلات أمني واضطراب سياسي.
إن قوى عديدة لا تريد لليبيا ولا غيرها من دول الربيع العربي أن تقوم، وأن تمتلك زمام أمرها، وأن تحافظ على ثرواتها وقدراتها وتعيد بناء مؤسساتها بعد عقود من التغييب، وستواصل سكب الزيت على النار من أجل إيقاف مسيرة الثورة الليبية في النباء والاستقرار والاستقلال، ما لم يتدارك الحكماء الوضع ويديروا الدفة في اتجاه المصالحة وتغليب صوت العقل وبناء المؤسسات على أسس سليمة.