عندما يغازل وزير الداخلية "العلمانيين"
1 رجب 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

الحديث الذي أدلى به وزير الداخلية المصري لقناة "سي بي سي" الفضائية مؤخرا والتي تعد رأس الحربة في الهجوم على الإسلاميين والنظام الحاكم الحالي, وكانت من أشد المناصرين لأحمد شفيق رئيس وزراء مبارك في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الماضية والتي فاز بها الدكتور محمد مرسي, ويدور حول تمويلها الضخم العديد من علامات الاستفهام, هذا الحديث أثار العديد من علامات الاستفهام واستفز مشاعر العديد من أنصار التيار الإسلامي كما استفز عددا من القوى الثورية الحقيقية التي ما زالت تحتفظ بنقائها بعيدا عن الصراعات السياسية على الكراسي والمناصب...

 

هذه القناة بالتحديد مع شقيقتها النهار يصبان هجمات عنيفة على وزير الداخلية ويلفقون له ولقيادات الشرطة العديد من الاتهامات خصوصا خلال المظاهرات التي قامت بها المعارضة وكانت تنتهي دوما بأعمال عنف واستخدام قنابل المولتوف وقذائف الخرطوش ضد قوات الشرطة وكانت القناة دوما تدافع عن هذه الأعمال وتتهم الشرطة بالمسؤولية عنها ورغم أن قيادات الداخلية كانوا دوما ينددون بهذه التغطية الإعلامية المضللة فإننا نجد قيادتها تخص إحدى هذه القنوات بهذا الحديث المثير للجدل والدهشة في آنٍ واحد...

 

لقد أكد الوزير في  حديثه على عدم وجود أي ضابط ينتمي لجماعة الإخوان أو للتيار الإسلامي وأنه يرفض ذلك بتاتا ولذلك رفض الاقتراح المقدم بشأن إلحاق عدد من طلاب كلية الحقوق بالشرطة لسد العجز في بعض الأماكن ولم يوضح لنا الوزير هل هذا يمتد أيضا للضباط الذين ينتمون للأفكار العلمانية من اليسار أو اليمين أم أن هذا فقط قاصر على الإسلاميين ..

 

وهل كتب على مصر الإسلامية أن لا يوجد فيها ضابط متدين خوفا من انتمائه للتيار الإسلامي؟! وهل لو ثبت أن بعض المتقدمين للالتحاق بالكلية يؤمنون بأفكار البرادعي الليبرالي أوصباحي اليساري سيتم رفضهم؟! ما المقصود من منع الإسلاميين من الالتحاق بالكلية طوال تاريخها واستمرار ذلك حتى الآن؟!وما الذي يمنع من عودة الانتقام منهم في المستقبل في ظل حالة الاستعداء المستمرة عليهم؟ لقد غازل الوزير التيار العلماني عدة مرات وبلغت المغازلة مداها عندما قال أنه لن يسمح للضباط الملتحين بدخول الوزارة حتى لو صدر حكم بحبسه, وهو تجاوز ينبغي أن يحاسب عليه بشدة ليس فقط لوجود رئيس إسلامي ملتحي على رأس السلطة ولكن لأن القانون ينغي أن يحترم في أية دولة وهو فوق الوزير والرئيس ناهيك عن أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس في التشريع في دستور مصر ولا يحق للوزير أن يعارض بعقله وتربيته طوال 40 سنة في ظل نظام يعادي الإسلاميين, يعارض حكما من أحكام الشريعة...

 

إن هذا الحديث لو صدر من وزير داخلية في دولة "ديمقراطية" لا تدين بالإسلام لطلب منه تقديم استقالته فورا لأنه يتحدى القانون والدستور جهارا نهارا فما بالك بالمواطن العادي إذا سمع هذا الحديث؟!..

 

إن الوزير قدم عدة أدلة على تعامله الصارم مع الإسلاميين وضرب مثلا بالقبض على الشيخ عبدالله بدر والشيخ جمال صابر, والأخير بالتحديد القبض عليه كان مثالا للهمجية وعودة أسلوب البطش للشرطة وظهر  كأنها تريد الانتقام ممن تتصور أنهم كسروها في الثورة, وقد أدانت عدة مؤسسات حقوقية طريقة القبض المستفزة على الشيخ جمال صابر والتي لم تحدث مع مجرمين ثبت اعتدائهم على قوات الشرطة بالأسلحة النارية خلال مظاهرات المعارضة ولم يحدث مع من حاولوا اقتحام قصر الرئاسة..لقد أبدى الوزير استعداده لمقابلة قيادات المعارضة رغم أنه نفى بشدة ـ  وكأنها تهمة خطيرة ـ مقابلته لقيادات الإخوان أو الإسلاميين وكأنهم مصابون بمرض جلدي! ولا أدري ما السبب الذي يمكن أن يقابل من أجله وزير الداخلية قيادات المعارضة؟! فدور الوزير أمني بالدرجة الأولى وما يربطه مع جميع القوى السياسية هو تطبيق القانون على الجميع وهناك قضاء يفصل في ذلك, أما التحاور مع المعارضة فله قنوات سياسية أخرى..أما الطامة الكبرى فكانت في تصريح الوزير بأنه ينوي إعادة عدد من قيادات أمن الدولة إلى العمل بدعوى أنهم كفاءات نادرة! ويبدو أن الوزير نسي أن شرارة الثورة قامت ضد هؤلاء عندما خرج الشباب يوم 25 يناير 2011 في يوم الشرطة لإدانة تجاوزاتها التي كانت في الصدر منها تجاوزات جهاز أمن الدولة الذي تم حله..إن تصريحات الوزير بشأن أمن الدولة جاءت في وقت بدأ الإسلاميون يتظاهرون ضد الأمن وطني الذي  حل مكان أمن الدولة واتهموه بأنه بدأ يعود لسابق عهده قبل الثورة فهل أراد الوزير أن يقول لهم موتوا بغيظكم أم ماذا؟..

 

تطهير الداخلية كان على رأس مطالب الثوار وإلى الآن وبعد مرور عامين عل الثورة لم يشعر المواطن بالأمن أو التطهير فهل أصبحت الداخلية المصرية عنوانا صعبا ولغزا يصعب التعامل معه حتى من قبل رئيس الدولة؟!