كيف فاز نواز شريف؟
5 رجب 1434
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

يتعجب كثير من كتاب الأعمدة والمحللين السياسيين من تمكن الإسلامي نواز شريف من الفوز برئاسة وزراء باكستان في انتخابات شهدت إقبالا غير مسبوق ومنافسة حامية تمكن فيها من التغلب على "حزب الشعب الباكستاني" المنتهية ولايته والذي جاء في المرتبة الثالثة بفارق كبير عن حزب نواز شريف وبعد حزب بطل الكريكت السابق ذائع الصيت عمران خان الذي حل في المرتبة الثانية.

وتشير التقارير الإعلامية الباكستانية بأن حزب الرابطة الإسلامية (جناح نواز شريف) نال حوالي 130 مقعدا من مجموع 272 مقعدا جرى التنافس عليها بصورة مباشرة، وهو ما يعني أنه قريب جدا من الأغلبية المطلقة التي تمكنه من تشكيل الحكومة دون التحالف مع أي من الأحزاب.

وتقدم حزب الرابطة بفارق كبير على حزب حركة إنصاف بقيادة نجم الكريكيت السابق عمران خان الذي نال ما لا يقل عن 35 مقعدا، بينما حل ثالثا حزب الشعب الباكستاني -بقيادة عائلة بوتو- الذي كان يقود التحالف الخاسر في هذه الانتخابات بأكثر بقليل من ثلاثين مقعدا.

وفي ولاية البنجاب الأكبر والأكثر اكتظاظا، حصل حزب الرابطة على 123 مقعدا على الأقل، يليها بفارق كبير حزب الشعب الباكستاني (31 مقعدا) ثم حركة الانصاف بقيادة عمران خان (26 مقعدا). وسيشغل مستقلون 24 مقعدا ونواب الحركة القومية الباكستانية 18 مقعدا.

لكن كيف حصل رجل الأعمال الثري والمنحدر من عائلة ثرية تعمل في مجال الصناعة والأعمال على هذا الدعم من شعب فقير مثل الشعب الباكستاني؟

اعتمد نواز شريف في حملته الانتخابية على ماضيه في السياسة والاقتصاد والأمن وكذلك خلفيته الأيديولوجية.

فمن ناحية السياسة ظهر شريف أمام الناخبين كرجل سياسة محنك حيث شغل منصب رئيس وزراء باكستان لولايتين غير متتاليتين، أول فترة كانت من 1 نوفمبر 1990 إلى 18 يوليو 1993، والثانية من 17 فبراير 1997 إلى 12 أكتوبر 1999.

أما الناحية الاقتصادية، فقد اعتمد شريف في خطابه على خبرته السابقة كرجل أعمال ينحدر من عائلة لها باع في الاقتصاد والمال، ووعد ناخبيه بتحويل البلاد إلى "دبي" أخرى، حتى أن القرى الصغيرة النائية التي بالكاد تجد فيها محطة للحافلات، وعدها بالارتقاء بها وتطويرها لتضم مطارات وليس مجرد حافلات.

ولأهمية الناحية الاقتصادية في برنامجه الانتخابي، فقد بدأ شريف أول إجراءات لتشكيل حكومته الجديدة فور الإعلان عن فوزه، باختيار وزير للمالية الأمر الذي انعش بورصة كراتشي مسجلة أعلي مستوي لها علي الإطلاق‏.

كذلك اعتمد نواز في دعايته على التذكير بإنجازاته الاقتصادية التي كان أهمها إنشاء الطريق السريع الذي يربط بين إسلام أباد ولاهور.

أما فيما يتعلق بحركة طالبان والتدخل الأمريكي في باكستان فلم يقم شريف خلال حملته الانتخابية أبدا بإدانة طالبان بالإسم، كما شملت قائمة المرشحين في حزبه لهذه الانتخابات بعض الأفراد المعروفين بتعاطفهم مع الحركات الجهادية. وهذا ما دفع بعض الساخرين للقول بأن هذا هو السبب في عدم استهداف الحركة لحزب الرابطة الإسلامية بقيادة شريف مطلقا، كما أنه استطاع عقد تجمعات جماهيرية دون خوف من التعرض لهجوم، على عكس بقية المرشحين. أضف إلى ذلك أن شريف هو من بين الساسة القلائل البارزين الذين لم تضعهم طالبان على لوائح الاغتيالات.

وفي المقابل، شدد شريف خلال حملته على ضرورة أن تنهي باكستان مشاركتها في ما يسمى "الحرب على الإرهاب" بقيادة الولايات المتحدة. وقال شريف إنه يفضل إجراء محادثات مع حركة طالبان الباكستانية لإنهاء الصراع والتخلص من الهجمات التي تشنها الحركة على الأهداف الداخلية.

وأما عن الخلفية الأيديولوجية فتبدو واضحة في اسم الحزب؛ "الرابطة الإسلامية". ويوصف شريف بأنه من المحافظين ومعروف أن له توجهات إسلامية، وكان مؤيدا للعمل بقوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية، لكنه في الوقت نفسه ينتمي للتيار الإصلاحي داخل الحركة الإسلامية، وهو مدافع عن تحرير الاقتصاد.

وبعد النتائج الرائعة التي حققها شريف فإنه لا يحتاج لأكثر من إقناع نواب مستقلين بالانضمام إلى حكومته ليضمن الأغلبية، لذلك لن يضطر لعقد تحالف رسمي مع حزب آخر.