هل تكتب "القصير" نهاية حزب الله؟
12 رجب 1434
خالد مصطفى

تنظيم حزب الله الشيعي اللبناني صعد سريعا في الأفق واستطاع في سنوات قليلة أن يتخطى حركة أمل الشيعية من حيث القوة والتأثير ووضعها تحت جناحه..وأصبح الحزب رقما صعبا في المعادلة اللبنانية وتمادى أكثر حتى بدأ يتدخل في الصراعات بالمنطقة لتنفيذ سياسات إيران التوسعية والطائفية ..

 

استغل الحزب مثله مثل عدد من الأنظمة العربية قضية الصراع مع الاحتلال الصهيوني ليقيم دولته في لبنان ويسلح نفسه بجميع أنوان السلحة والعتاد الثقيل والنوعي بحجة مجابهة "إسرائيل" وتركته الدولة اللبنانية يكبر ويتسلح تحت أعينها وسهلت وصول جميع أنواع الأسلحة إلى يديه من إيران وسوريا تحت وهم المقاومة وعندما شب الحزب وأصبح أقوى من الدولة ترك مواجهة "إسرائيل" وبدأ في مواجهة معارضيه في لبنان ومعارضي النظامين الإيراني والسوري في المنطقة...فقد وجه الحزب انتقادات حادة للبحرين ولنظامها وتوعد بمهاجمتها للدفاع عن الشيعة هناك ووجه اتهامات للسعودية ودول الخليج وادعى أنهم احتلوا البحرين وقمعوا المعارضة الشيعية بينما كان الأمر يتعلق بمحاولة انقلابية بدعم من إيران...

 

الآن يخوض الحزب معركة ضخمة ضد الشعب السوري الذي انتفض على الظلم والتجبر والذبح والاضطهاد الذي استمر لعشرات السنين....

 

إن معركة القصير التي اندلعت منذ عدة أيام بين الجيش الحر المناهض للأسد من جهة وقوات الأسد وشبيحته وعناصر النخبة التابعة لحزب الله من جهة أخرى, قد تشهد نهاية هذا الحزب الذي صعد في ظروف صعبة مرت بها لبنان والمنطقة واعتمد على دعم نظام الأسد الذي كان ينشر قواته وأجهزة مخابراته في لبنان فيما يشبه الاحتلال...

 

لقد اشتدت المعارك في القصير واستطاع الجيش الحر بكتائبه المختلفة أن يدمر العديد من آليات النظام السوري وحزب الله وقتل المئات منهم؛ الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في لبنان حيث تدفقت الجثث على المستشفيات وانطلقت الجنازات وعلت صيحات العائلات وسط أنباء عن خلافات قوية داخل الحزب وانشقاقات متوقعة...

 

حزب الله يعتبر من جهته أن معركة القصير معركة حاسمة بالنسبة له لإثبات قوته وبأسه ولتهديد معارضيه داخل لبنان وإذا هزم فيها ستكون القاصمة وستسقط هيبته وهو ما يراهن عليه المعارضون السوريون الذين يتمسكون بمواقعهم داخل القصير وقاموا بتكذيب ادعاءت أجهزة إعلام بشار بأن القصير سقطت في أيدي جنود الأسد..

 

لقد اطلق الثوار السوريون معركة جدران الموت من أجل القضاء على عناصر حزب الله ودفنهم على أبواب مدينة القصير وتلقينهم درس لا ينسوه طوال حياتهم إذا بقوا على قيد الحياة...لقد كشفت الأزمة السورية حزب الله على حقيقته وأوضحت ملامح صورته القبيحة التي طالما حاول أن يخدع بها عموم المسلمين مرتديا "ثياب المقاومة" وداعيا إلى "الوحدة الإسلامية" و"منتقدا الطائفية" وها هو يقع في مستنقع الفرقة والطائفية في أبشع صورها..

 

الذي يراجع التاريخ وصعود وهبوط الدول والحركات المختلفة يجد أن معارك تبدو صغيرة أو أخطاء تبدو بسيطة أودت بدول كبرى وحركات قوية فبعض الصراعات تشبه الرمال المتحركة تبدو آمنة للناظرين ويسهل حسمها ثم تسحب الشخص تدريجيا حتى يغرق تماما ويختفي عن الأعين للابد..

 

إن قوة حزب الله كانت في قدرته على الخداع واستخدام تناقضات مخالفيه وتشتتهم مع الدعم الواسع له من إيران وسوريا الأسد أما الآن فمع سقوط الأقنعة الواحد تلو الآخر وانهيار نظام الأسد وأزمات إيران الداخلية واستيقاظ محيطها الإقليمي لمخططاتها أصبح الحزب قاب قوسين أو أدنى من انهيار درامي, وقد تكون القصير نقطة فاصلة في هذا الانهيار تكتب في التاريخ بعلامات مضيئة.