ما كشفت عنه الثورة السورية
4 شعبان 1434
د. محمد العبدة

طال أمد هذه الثورة وقد اثخنت سورية بالجراح ، وذاق أهلها التشريد والعيش في الخيام ، ولعل في ذلك بعض الحكم والعبر ، فقد كشفت هذه الثورة عن المخبأ وعن السرائر والضغينة عند فريق من الناس ، وعن زيف ادعاءات دول وأحزاب كانت تدعي البطولات ومحاربة الأعداء ، كشفت عن المنافقين الذين في قلوبهم مرض يظنون أنه ربما يبقى النظام

 

بعض اليساريين في البلاد العربية وبعض الذين ينادون بالقومية العربية ( والحقيقة ليس فيهم حس العروبة ) هؤلاء أعمى الحقد على الإسلام قلوبهم وأبصارهم فراحوا يؤيدون نظاما مجرما عاتيا لايعرف إنسانية ولا أخلاقا ولا عروبة ، هؤلاء يعيشون على شعارات الدجل والنفاق عن المقاومة والممانعة ومجابهة أمريكا ، شعارات كاذبة ليس لها رصيد من الواقع ، ولاشك أن بعضهم من المرتزقة للنظام .
خرجوا في عمان والقاهرة يؤيدون نظاما يقتل شعبا عربيا مسلما ، نظاماً يهدم المدن والقرى على رؤوس أصحابها ، هل كل هذا كرها للإسلام لاشك إنهم لايعقلون في كل زمان ومكان .

 

كشفت هذه الثورة عما يسمى حزب الله في لبنان على حقيقته ، هذا الحزب الذي يتستر بالمقاومة لتنفيذ مآرب ايران في المنطقة ، وهو يشارك الآن في قتل أهل السنة في سورية ، هذا الحزب الذي انخدع به الكثيرون في كل البلاد العربية ، وذلك لضعف الوعي الديني والسياسي ، وأخشى أن لوعاد الحزب إلى ألاعيبه ومسرحياته مع "اسرائيل" لعاد أمثال هؤلاء لتأييده ، ايران التي صنعت هذا الحزب هي التي تتحالف سرا مع  الصهيونية ومع أمريكا لتحقيق أهدافها التوسعية ،(انظر كتاب تحالف الغدر ، العلاقات السرية بين ايران واسرائيل وأمريكا  لـ: تريتا بارس ) ايران التي انخدع بها قيادات من بعض الحركات الإسلامية ومايزال البعض على صلة بها .

 

كشفت هذه الثورة عن وجود خلل كبير في بنية المجتمعات العربية ففي أحد البلدان اشتكى أهلها من كثرة الوافدين السوريين ، وكأن هؤلاء السوريين سيقطعون أرزاقهم ، ولا يتذكر أهل هذا البلد أن السوريين استقبلوا كل العرب في أيام المحن ، فأين الأخوة الإسلامية بل ونقول وأين النخوة العربية .

 

ومن هذا الخلل أن بعض الناس يشككون في هذه الثورة ، لأن الجهل بالنظام السوري ومن أين أتى بشار وأبوه قد غطى على عقولهم و( الجزيرة ) و ( العربية ) مشبوهتان بنظرهم ، وأوروبا تؤيد الثورة ( تؤيدها بالكلام ) إنن النظام يتعرض لمؤامرة ، هم مصابون بعقدة الغرب ، وسطحية باردة تظهر كم هي هذه الفئة مضللة مسحرة  ، والواجب على العلماء والدعاة تصحيح عقول هؤلاء ويبينوا لهم خطر الباطنية ، لأن هذه الفئة لاتعرف من الذي يحكم سورية ، ومن الذي باع الجولان في حرب 1967

 

كشفت هذه الثورة عن جزء من المجتمع السوري من ضعفاء الايمان الذين يقفون وقفة المتفرج ينتظرون لمن تكون الغلبة فينحازون إليه ، وجزء باعوا أنفسهم للشيطان وسخروا أنفسهم للنظام ، يتجسسون على الشرفاء الأحرار الذين يريدون إزاحة الظلم والطغيان ، كل ذلك في سبيل حفنة من المال ، أو مقابل مجرد التقرب من النظام ، إنه مؤشر على قدرة الأنظمة الإستبدادية في تخريب الإنسان في دينه وأخلاقه ، إنها ظاهرة لافتة للنظر ليس لأصل وجودها فهي موجودة في كل مجتمع ولكن لهذه الكثرة الذين يبيعون دينهم وضمائرهم وارتدوا إلى أسفل سافلين ، وفد وجد مثل هذا في الإنتفاضة الفلسطينية . لماذا يوجد مثل هذا العدد من أبناء جلدتنا ، هل هو ضعف في التوجيه الديني أو التعليمي أم هو بسبب الاستبداد الذي يؤدي إلى حالات من اليأس والإحباط والفقر ، وتعلم الناس من هذا الاستبداد الكذب والاحتيال ، إنها مجتمعات تحتاج إلى إعادة البناء .

 

وأخيراً كشفت هذه الثورة عن تخاذل أكثر الدول العربية عن نصرة الشعب السوري وهذا موقف لن يشرفها وسيكون صفحة سوداء في تاريخها .
إن الشعب السوري لن يبكي كما بكى الشاعر أبو المظفر الأموي السفياني وهو يستنهض الأمم لنصرة الشام عندما غزاها الصليبيون ويقول :
وإخوانكم بالشام يضحي مقيلهم *** ظهور المذاكي أو بطون القشاعم
تسومـهم الروم الهــوان وأنتم  ***  تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

 

لن يبكي الشعب السوري ولكنه يطالب المسلمين والعرب أن يكون لهم موقف مشرف ضد الظلم والطغيان .