إزالة الشعر من الوجه
30 ذو الحجه 1436
د. أحمد الخليل

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
أما بعد :

فحكم إزالة الشعر من الوجه (*)
الأقوال في المسألة
اختلف أهل العلم في حكم أخذ الشعر من الوجه على ثلاثة أقوال :
القول الأول:
أنه محرم وهو مذهب الأحناف[1]، وقول للمالكية[2]، ومذهب الحنابلة[3] وإليه ذهب الطبري[4]، وابن حزم[5]، والقرطبي[6].
واختاره من المعاصرين، شيخنا عبد العزيز بن باز[7]، وشيخنا محمد العثيمين[8] .
أدلة هذا القول :
1) أن النمص ورد تحريمه في السنة ، ولم يأت عنه صلى الله عليه وسلم حد لهذا النمص فوجب الرجوع في تحديد مدلوله إلى اللغة ؛ وقد نص أئمة اللغة أن إزالة شعر الوجه من النمص .[9]
2) أن حلق شعر الوجه من تغيير خلق الله ؛ لأنه من النمص، والنمص من تغيير خلق الله بالنص .
القول الثاني:
أنه محرم ـ إلا إن أذن لها زوجها ـ وهو مذهب الشافعية[10] ، وذكر وجها عند الحنابلة .[11]
واستدلوا على ذلك :
( بما أخرجه الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت المرأة تحف جبينها لزوجها فقالت أميطي عنك الأذى ما استطعت) [12] .
ويجاب عن ذلك : بأنه ضعيف لايصح [13] ، ولو صح فلا يعارض به السنة الصحيحة .
القول الثالث:
أن إزالة الشعر من الوجه مباح، وهو قول لبعض المالكية[14]، وقول ابن الجوزي من الحنابلة[15] ـ إذا لم يكن شعاراً للفواجر، أو كان تدليساً ـ.
واستدلوا على ذلك:
1) بأن الأصل جواز الزينة وحديث النهي عن النمص ـ ومنه إزالة شعر الوجه ـ محمول على التدليس، أو أنه كان شعار الفاجرات[16].
2) أن حديث النهي يحمل على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمتوفى عنها والمفقود زوجها[17].
المناقشة والترجيح:
الأقرب للنص القول الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة ولم يبين حد النمص فوجب أن نرجع في حده إلى اللغة.
وأما أدلة القول الثاني والثالث فهي ضعيفة جدا ؛ لأنها تخصيص بلا دليل ، والأصل بقاء الحديث على عمومه حتى يدل دليل صحيح على تخصيصه .

___________________________
(*) فهذا مقال علمي من كتابي ( من أحكام النمص والتشقير ) عدلت فيه بعض المواضع ورأيت نشره في الموقع ؛ لتسهل الاستفادة منه.
[1] حاشية ابن عابدين 6/373، ويستثنى من هذا الحكم ـ عند الأحناف إذا كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها كما نبه إليه ابن عابدين، قلت: وهو استثناء صحيح لأنه يصبح من إزالة العيب لا من طلب الحسن.
[2] القوانين الفقهية ص 293.
[3] كشاف القناع 1/81.
[4] فتح الباري 10/ 377.
[5] المحلى 1/75.
[6] الجامع لأحكام القرآن 5/392.
[7] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز 6/ 505.
[8] مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد العثيمين 4/ 123 ط. الأولى.
[9] لسان العرب (7/101) ، النهاية في غريب الأثر 5/119 ، مقاييس اللغة 5/481 .
[10] نهاية المحتاج 2/25، حواشي الشاروني على تحفة المحتاج 2/128.
[11] الفروع لابن مفلح 1/160 ط. مؤسسة الرسالة. .
[12] مصنف عبد الرزاق الصنعاني (3 / 146) فتح الباري لابن حجر (10 / 378).
[13] غاية المرام للشيخ الأباني ص 70 .
[14] الفواكه الدواني 2/ 314.
[15] الفروع لابن مفلح 1/160 ط. مؤسسة الرسالة.
[16] الفروع لابن مفلح 1/160 ط. مؤسسة الرسالة.
[17] الفواكه الدواني 2/ 314.