28 رمضان 1438

السؤال

هل يوجد دليل على أن زكاة الفطر يجب أن تكون مما يدخر من قوت البلد؟ وما حكم إخراجها من الطحين والتمر والأقط؟

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،وبعد:
فليس هناك دليل قطعي على أن علة ما يخرج في زكاة الفطر هو الاقتيات والادخار، ولكن هذه العلة مستخرجة بمسالكها المعتبرة؛ حيث إن الوصف الظاهر الجامع للأصناف المذكورة في الأحاديث أنها من القوت ؛ ففي الحديث "كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط" متفق عليه؛ فلهذا كان إخراج الزكاة منها.
ومن مقتضيات اعتبار العلة أن يدور الحكم معها وجودا وعدما؛ فإذا وجد وصف الاقتيات فيما لم يُنص عليه، جاز إخراج صدقة الفطر منه؛ كالأرز عند جميع الفقراء؛ وكالفول عند بعض الشعوب، ومن مقتضيات اعتبار العلة أنه إذا انتفى هذا الوصف في زمان أو في مكان، لم تُخرج من هذ الصنف لهذا الشخص؛ ولو كان منصوصا؛ وذلك كالأقط وهو اللبن المجفف فلا يعد من قوتهم؛ فلا يجزئ الإخراج منه لمن كانت هذه حاله، ومثله التمر إذا كان مثل الفقير الذي يُعطى إياها لا يعتبرها من قوته ؛ كأكثر فقراء هذا البلد.
وفي "المسائل" لعبدالله بن أحمد (..رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أمر به إنما أمر بإعطاء التمر ؛ لأنه كان قوتهم ، وكان الأكثر عندهم) أهـ .
وقد استمر التمر قوتا إلى وقت أدركه آباؤنا ؛ بحيث يكون وجبة معتمدة في أول النهار، وتغير الأمر الآن حتى صار تحسينا وفاكهة.
وقد رأى كثير من الفقهاء عدم إجزاء إخراجها من الأقط إذا لم يكن قوتا ؛ ففي "المحرر" (1/226) : ( .. لا يجزىء الأقط إلا لمن هو قوته) أهـ.
ومن المعلوم أن الأقط قد نص عليه في الحديث ؛ كما في رواية النسائي (5/51) عن أبي سعيد الخدري، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط" وهو صحيح.
وبعضهم يعتبر معنى التغذية ، وأن بعض الناس يكتفي بالتمر عن وجبته أحيانا ؛ فالجواب عنه أن هذا قليل نادر فلا يُبطل قاعدة ، وإنما المعتبر أن يكون من قوت البلد عند الأكثر ؛ ومما يرد عليه أن بعض الناس يكتفي بالفاكهة عن بعض وجباته.
فعليه لا أرى للمسلم أن يخرج زكاة من التمر في بلاد لا تجعله من قوتها ؛ كهذه البلاد في هذا الوقت.
وأما الأفضلية فمما لا ينبغي أن يكون فيه خلاف أن الأرز في هذه الأزمنة والأمكنة أفضل من التمر ؛ لكون الأرز قوتا باتفاق، ولما يرى الناس من نفعه.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.