يوم جديد
1 شوال 1434
د. خالد رُوشه

أمل جديد في رب غفور قال في كتابه " وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات " ووصف نفسه بغافر الذنب وقابل التوب , وبشر نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه من تاب قبل أن يغرغر تاب الله عليه , وبأن الله سبحانه يحب توبة العبد , بل إنه ليفرح بتوبة العبد , وهو سبحانه الذي دعانا إلى التوبة إليه " وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "

 

يوم جديد , بعمل جديد , عمل طاهر نظيف , بلا شائبة شرك , وبلا خبيثة نفاق أو خيانة , وبلا دسيسة مكر أو خديعة , وبلا رجاء زخرف أو متاع , عمل يرتقي إلى السامق العالي ويتدرج إلى الراقي الرفيع .. " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " .

 

يوم جديد , بنية صالحة , فلا رجاء لخلق الله , ولا تسميع لهم , ولا تقرب إليهم ابتغاء مرضاتهم , بل يستوى عنده مديحهم وتجريحهم , فيخلص عمله لله الرحمن , فهو يرضي الله ولو بسخط الناس ,  " من أرضي الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس " , فعما قليل إذا به محبوب مفضل عند أهل الأرض والسماوات .

 

يوم جديد في العطاء , فلا ندم على خير تقدم , حتى لو لم يجد جزاء من الناس ولا شكورا , فليصبر على عطائه , وليثبت على بذله, وليستمر على كرمه وجوده , حتى لو آذاه الناس , وحتى لو طعنوا فيه , فها هو أبو بكر رضي الله عنه يصيبه الأذى من مسطح رضي الله عنه فيهم أن يمنع عنه العطاء فينزل قوله تعالى " ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى واليتامى والمهاجرين في سبيل الله وليعفو وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم "

 

يوم جديد في التفاؤل , ونظرة مشرقة للصبح  الجديد , صبح أبيض بلون الزهور , ندي بملمس الجبين الوليد , يملؤه الأمل في كل نافع صالح , وهو موروث من ميراث النبوة , فالنبي صلى الله عليه وسلم كان متفائلا , يتفاءل بالأسماء ويتفاءل بالأماكن ويتفاءل بنعمة الله وفضله " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ما يجمعون " . بل كان يتفاءل في أحلك الظروف وأشدها وأصعبها , فإذا به يوم الخندق يبشر أصحابه بفتح بلاد فارس والروم .

 

يوم جديد على الاخوة في الله , ذخر المرء في حياته , ومكتنزه الذي يكتنزه من الدنيا , اجتماع على الطاعة , واتفاق على الخير , وتوافق على الإصلاح , نصيحة ومرآة ناطقة , ويد حانية وكلمة إيجابية تلكم هي الأخوة الإيمانية ..

 

يوم جديد على محاسبة النفس وتصويب طريقها , والسعي نحو علاج أمراضها , وسد خللها , وعتابها على تقصيرها , وتقويم اعوجاها , وإعادتها إلى جادة الصواب
يوم جديد على قلب طاهر , سليم معافى , يقدم على ربه بكليته , يملؤه الإيمان , ويدفعه الحق ويحيطه الخشوع والإخبات

 

فلنقبل جميعا على ذلك اليوم الجديد متوشحين بمعاني الكلمات النورانية من الآية الكريمة تصف حال ايام الصالحين " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين , لاشريك له , وبذلك أمرت , وأنا أول المسلمين "
حق له أن يكون يوم عيد