ضربات عسكرية ضد الأسد والكتائب الإسلامية
23 شوال 1434
د. عوض السليمان

لا نستبعد تدخلاً عسكرياً أمريكياً –أوروبياً في سورية، يقتصر على ضربات جوية مركزة على قوات الأسد ومواقع الكتائب الإسلامية أيضاً. فمنذ أن تحولت الثورة السلمية في سورية إلى مسلحة، تطالب الولايات المتحدة قيادات الجيش الحر بتوجيه سلاحها إلى الكتائب الإسلامية أولاً حتى تنال المساعدة الغربية.

 

 

ومع أن واشنطن ادعت مرات أنها تساعد الجيش الحر إما مباشرة أو عن طريق بيادقها في المنطقة ، إلا أن المؤكد أن الثوار لم يحصلوا على أي مساعدات عسكرية ذات قيمة، بل الأنكى أن ثوار القلمون اكتشفوا وجود صواريخ ميلان الفرنسية في أيدي قوات الأسد كما اكتشف بعض الثوار وجود مدرعات أمريكية قادمة من السعودية وتابعة لوزارة الداخلية هناك.

 

 

قناعتنا المطلقة أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وقعت في حرج شديد بعد استخدام الأسد للسلاح الكيماوي في الغوطة، هذا الحرج ولده موقفها المعلن أن السلاح الكيماوي خط أحمر وأن استخدامه في سورية يعني ردّا دولياً حازماً. ومن الواضح لكل ذي بصيرة أن هذا الكلام معيب ولا معنى له من الناحية السياسية إلا التنصل من مساعدة الشعب السوري، الذي يباد من سنتين ونصف بغير السلاح الكيماوي. وعلى ما يبدو فإن العالم كان قد أعطى ضوءاً أخضر للأسد ليبيد الشعب السوري كاملاً بالسلاح التقليدي. إن صبر الغرب على الأسد والتغاضي عن جرائمه التي بلغت حد مقتل 150 ألف شهيد وتشريد اثني عشر مليون، أكد له أنه قادر على إبادة ما تبقى من شعبه بأي طريقة بما فيها السلاح المحرم دولياً. ولهذا استطاع قصف الغوطة وقتل ما يقارب من 1600 شهيد دفعة واحدة.

 

 

تصرف الأسد المجنون، أوقع العالم كما أشرت في حرج شديد، وأدى إلى إطلاق التهديدات الأخيرة بالتدخل العسكري المباشر في سورية.

 

 

يبدو لي أن الفرصة سانحة اليوم أمام الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، لقصف قوات الأسد وقصف الكتائب الإسلامية والقيام بعمليات اغتيال منظمة عن طريق أصدقائها في سورية ضد قيادات تلك الكتائب، ولهذا فإنني أنصح الثوار في طول البلاد وعرضها بتوخي الحذر الشديد وتغيير أماكنهم وعدم كشف أنفسهم للعدوين الأسدي والأمريكي.

 

 

على القادة الميدانيين في الداخل أن يتذكروا النيران الصديقة التي كانت تحصد ثوار ليبيا، وما هي إلا نيران مقصودة موجهة للمقاتلين ذوي التوجهات الإسلامية.

 

 

ليتذكر ثوارنا تعيين سليم إدريس في قيادة الأركان، وزيارة الجربا إلى درعا برفقة أحمد النعمة، وليتذكروا تصريحات الجربا بتشكيل جيش وطني قوامه ست آلاف، وما هذا الجيش إلا بنادق توجه إلى صدور الثوار السوريين أولاً. وليتذكروا محاولة اغتيال رياض الأسعد والتخلص منه.

 

 

اجتماع قادة الجيوش في الأردن لا يعني على الإطلاق أن القرار بالتدخل العسكري قد اتخذ، ولكن يعني بالضرورة أن هناك دراسة مستفيضة تجري اليوم في عمّان حول الاحتمالات جميعها، وحول مدى انكشاف ظهر الكتائب الإسلامية للغرب، فإن أكدت المخابرات أن الضربات الجوية قادرة على إلحاق الضرر الكبير بتلك الكتائب فسيحدث التدخل على الفور، وإلا فسيؤجل حتى يتم كشف تحركات تلك الكتائب تفصيلاً.

 

 

الأيام القادمة ستكشف أسراراً هامة جداً في مسألة التدخل العسكري في سورية وستكشف أن هذا التدخل سيكون موجهاً أيضاً ضد الكتائب الإسلامية في البلاد.

 

 

 لا أستبعد أن يكون القصف الجوي مركزاً على مقار حكومية وعسكرية بحيث تعطل قدرة الأسد على استخدام السلاح الكيماوي، بينما تكون تلك الهجمات أكثر شراسة على المواقع التي تتحصن بها الكتائب الإسلامية، ومن هنا فإن على قيادات هذه الكتائب ألا تثق بأي وعود غربية وأن تغير مواقعها وتكتيكاتها العسكرية على الدوام. وإذا كنا نخشى من شيء فإننا نخشى أن تكون العملية العسكرية - إن تمت- محدودة جداً بحيث تكون "تأديباً" للأسد لا إسقاطاً لحكمه. وبهذا يصيد الغرب عدة عصافير بحجر واحد، إجبار الأسد على الذهاب إلى جنيف وإيجاد تسوية ما، والقضاء على الكتائب الإسلامية أو بعضها أو على الأقل إضعافها، والتملص من مسألة الخط الأحمر أمام الرأي العام المحلي في تلك البلاد.

 

 

الشعب السوري يحتاج إلى إيقاف نزيف الدم في بلاده، وبناء دولته الحرة دون الأسد وشبيحته ونظامه، لا نريد ضربات عسكرية تضعف النظام وتحافظ عليه في الوقت نفسه.

 

المصدر/ كلمتي