13 ربيع الثاني 1435

السؤال

اكتشفت أنَّ والدي يشاهد الأفلام الإباحيَّة على الهاتف المحمول، مسحتها أوَّل مرَّة، ومرَّة ثانية رأيت نفس الشَّيء في الهاتف، وأنا شاب عمري سبعة عشر عامًا.
الوالد يصلِّي كلَّ الصَّلوات ويحافظ عليها، ويصوم رمضان وغيره من الأيام، ما الحلُّ لأبعده عن الأفلام الإباحيَّة؟!.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه...
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منَّا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أخي الكريم: فهمت من خلال عرضك لمشكلتك، أنَّك وأنت تفتِّش في جوال والدك بغير إذنه، رأيت ما لم تكن تتوقَّع من والدك، رأيت في الجوال أفلامًا إباحيَّة، ومناظر محرَّمة شرعًا، وممَّا زادك حيرة في الأمر أنَّ والدك محافظ على صلاته وصيامه ودينه، وتطلب النَّصيحة والتَّوجيه في ذلك، ألخِّصُ لك أخي جواب استشارتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: تحقَّق جيِّدًا من الأمر.
قد يكون جوال والدك يجول مع إخوانك، ومما يظهر أنَّ جواله لا يردُّ يد لامس، فلا بدَّ من أن تتحقَّق فعلاً أنَّ والدك هو الفاعل وليس غيره، فقد قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (عَلَى مثل الشَّمْسِ فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ) رواه الحاكم والبيهقي. والحديث ضعيف، ولكن معناه صحيح.
ثانيًا: انصح والدك بطريقة غير مباشرة.
إذا تحقَّقت من أنَّ والدك هو الفاعل، فبادر بنصيحته ولكن! بطريقة ذكيَّة غير مباشرة، وهناك طرق متعدِّدة لنصيحته للإقلاع عن ذلك، خاصَّة وكونه ملتزماً بصلاته ومحافظاً عليها، والصَّلاة لا بدَّ في النِّهاية أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر والرَّذيلة، فمن الطُّرق مثلاً أن تحمِّل له على جواله مقاطع مؤثِّرة من خطب ومواعظ تحذِّر من النَّظر إلى المحرَّمات، وفيها تخويف وتهويل لمن يطلق نظره فيما حرَّم الله.
ومن الطُّرق الغير مباشرة في النُّصح لوالدك وضع عبارات داخل البيت تذكِّر بالله في المدخل, وعلى إحدى الطَّاولات, وعلى المرآة, وعلى باب الغرفة.
ومن الطرق أيضًا تشغيل دروس في البيت على الكمبيوتر، أو الكاسيت عن غضِّ البصر، أو عن مراقبة الله، فيسمعها والدك.
ومن الطُّرق أيضًا أن تطلب من خطيب الجمعة الذي يحضر عنده والدك في صلاة الجمعة دائمًا، أن يخصِّص خطبة يتحدَّث فيها عن النظر المحرَّم وعواقبه في الدنيا والآخرة، دون أن تذكر للخطيب حالة والدك.
ثالثًا: صلاح والدك وقلبه بيد الله.
عَنْ النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلابِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(مَا مِنْ قَلْبٍ إِلاَّ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ) رواه أحمد، والدار قطني.
أكثر من الدُّعاء لوالدك بالهداية والصَّلاح والتُّقى والعفاف، ولا تملَّ ولا تيأس فإنه يستجاب لك ما لم تعجل، فهو أخطر وأهمُّ سلاح مع تحرِّي أوقات، ومواضع إجابة الدُّعاء: بين الأذان والإقامة، وفي السُّجود، ويوم الجمعة، وثلث اللَّيل الأخير، وعند نزول المطر.
رابعًا: ابتليت من حيث لا تشعر.
عبثك في جوال والدك بدون إذنه خطأ، ابتلاك الله بسبب ذلك أن تجتهد وتبذل ما في وسعك في النُّصح والإرشاد له، وبطريقة لا تجرحه بها، فأنت مطالب شرعًا بالبرِّ والإحسان لوالدك ولو كان مشركًا وكافرًا، فكيف وهو مسلم محافظ على صلاته ودينه؟!.
فاحذر كلَّ الحذر أن تتلفظ بكلمة نابية عليه، أو أن تنظر إليه نظرة احتقار وفوقيَّة، فقد يعافيه الله ويبتليك، فهو مرشَّح لو سلكت النصح المخلص غير المباشر أن يتعافى من المعصية، أمَّا أنت فشابٌّ في سنِّ المراهقة والتقلُّب والتغيُّر، فأنت معرَّض لا قدَّر الله للوقوع بنفس المعصية، وبالتالي سيكون لوم والدك لك قوي وشديد، والقاعدة تقول: لا تظهر الشماتة في أخيك، فقد يعافيه الله ويبتليك. أسأل الله أن يرينا جميعًا الحقَّ حقًّا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل بطلاً ويرزقنا اجتنابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.