22 ذو الحجه 1434

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 31 عاماً موظفة تخرجت من كلية الحاسب الآلي وموظفة في قطاع حكومي غير متزوجة أعيش بين أبوي ولدي أخوة ذكور وإناث وأنا أصغر العائلة، أعاني منذ طفولتي حتى الآن من القيام بمشاهد تمثيلية مع نفسي أو ما يسمى بأحلام اليقظة وهذه المشاهد قد تكون مستوحاة من شخصية في مسلسل أو حياة لـمغني أو لاعب أو شيخ داعية أو مفكر أو أي شخص من الواقع من حولي أو شخصية افتراضية وهذه المشاهد ملازمة لي حتى لو كنت في عملي حتى أنني أذهب إلى الحمام بعيداً عن أعين الآخرين وأستغرق بعمل المشاهد التمثيلية وقد أجلس في الحمام قرابة النصف الساعة دون أن أشعر بالوقت وذلك من شدة الاستمتاع وقد أستعين بجهاز الجوال والسماعات لسماع الموسيقى أو أغنية أثناء التمثيل مع نفسي، فعندما كنت طفلة أجعل نفسي شخصية لأحد المسلسلات الكرتونية وأصنع مشاهد مستوحاة من نفس قصة المسلسل وأبتعد عن أنظار عائلتي لعمل المشاهد لكن كنت مكشوفة لديهم ولم يعيروا الأمر اهتماما يقولون صغيرة وتحب أن تعلب وعندما كبرت توجهت للمسلسلات الدرامية فيصبح هذا المسلسل هاجسي وأتابعه بشدة ليس حباً بالقصة بل بالشخصية في هذه القصة واتجهت لعالم الرياضة فجعلت نفسي لاعب كرة قدم فأصنع مشاهد تمثيلية من وحي حياة اللاعب الشخصية والرياضية فأصبح أتابع الرياضة وخصوصاً هذا اللاعب بشدة وفي بعض الفترات أتخذ من شخصيات حولي مرة طالبة معي الجامعة ومرة إحدى قريباتي فأصنع مشاهد من وحي حياتهن الشخصية ثم بعد أن كبرت قليلاً أحببت أن أتقرب إلى الله سبحانه وتعالى وأقبل على فعل الطاعات فأصبحت أستمع للمحاضرات الدينية ولكن هذا جعلني أتخذ شخصية من المشايخ أو الدعاة لعمل مشاهد تمثيلية مستوحاة من حياتهم الشخصية والدعوية والذي جعلني أتخذ قراراً بمراسلتكم أنني بدأت أغوص في الشخصيات السياسية ونتيجة الأحداث الراهنة أصبحت أصنع مشاهد تخص بعض الشخصيات السنية التي لها علاقة بالشيعة هذا سبب لي أرق حيث بدأت أقرأ عن التشيع وأخشى على نفسي من الضلال والحيرة في الدين وهذه المشاهد أفعلها عندما أكون وحدي دون يراني أحد بحيث تصدر مني حركات ولكن بدون إصدار صوت فقط تحريك الشفتين وعندما أكون جالسة مع أهلي أو أقاربي أو صديقاتي أفعلها دون أن أجعلهم يلاحظون أي دون أن أظهر حركات بل في مخيلتي وأنا صامتة. وختاماً أرجو توجيهي لحل هذه المشكل حيث إن عمل المشاهد التمثيلية أصبح عائقاً أمامي في كل شيء في حياتي سواء الدينية حيث إنني لا أصلي بخشوع مثلاً وكذلك العلمية لا أذاكر جيداً فبعض الوقت أستخدمه في عمل المشاهد إلا أنني ولله الحمد لم أرسب أبداً وكذلك أصبحت عائقاً أمامي في حياتي العملية فعطائي في العمل يقل شيئا فشيئا وحياتي الاجتماعية حيث إنني أميل للصمت أكثر من الكلام وبعض الأحيان العزلة وذلك لانشغالي بعمل المشاهد.

أجاب عنها:
د. أحمد فخري

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأخت الكريمة من موقع المسلم.. من الواضح من رسالتك أن أحلام اليقظة تشغل حيزا كبيرا جدا من وقتك. الأخت الفاضلة أحلام اليقظة لها فوائدها فكلنا نحلم أن نصبح ناجحين في مجال عملنا أو نحقق بعض الأماني المرتبطة بأمورنا الشخصية كزوج مثالي أو زوجة بها مواصفات أخلاقية حميدة أو شراء شىء أو سيارة جديدة أو شقة أكبر وأوسع وفي منطقة أجمل ونستغرق في تلك الأحلام بعض الدقائق وهذا يفرغ الشحنات السلبية التي لدينا فكما يقال (لو بطلنا نحلم نموت) ولكن أي حلم ؟! هل أحلام تستمر بالساعات فتعطلنا عن أعمالنا وتشغلنا عن أمورنا أم أحلام ليست مرتبطة بالواقع الذي نعيش فيه وتدخلنا في قضايا وأحداث لا تقدم في أمورنا شيئا ولا تربطنا بها أي روابط من بعيد أو قريب ؟!
لذا فأحلامك بعيدة عن الواقع وتستنفذ كل طاقتك ووقتك في أشياء سلبية لا تعود عليك بالنفع أو التخطيط الجيد لما هو آت كما أنها أحلام بعيدة عن بيئتك وتستهلك وقتا منك كان من الأجدى أن يستثمر في عمل ما هو مفيد ونافع وبناء.
الأخت الفاضلة.. عليك بعرض نفسك على اختصاصي نفسي لتقييم حالتك من جديد فقد يستدعي الأمر تناول بعض الأدوية النفسية لفترة من الوقت.
كما أقدم لك بعض الإرشادات النفسية منها: وضع منبه أو آلة تنبيه عندما تكونين بمفردك بحيث يضبط الوقت كل عشر دقائق ينبهك المنبه بعدم الاستغراق في أحلام اليقظة.
الأخت الفاضلة.. أنت تحتاجين مجموعة من الأشياء تدمجك في المجتمع ذهنيا وحركيا مجموعة من الأنشطة الذهنية كتعلم أشياء جديدة وحضور محاضرات وورش عمل بها مشاركة وأسئلة.
كما أنصحك بممارسة نشاط رياضي جماعي وبمواعيد منتظمة لو رياضة المشي مع مجموعة من الأصدقاء بحيث لا نترك مجالا لأحلام اليقظة الانفراد بك.
استثمري تلك الأحلام من خلال الإبداع وكتابة بعض القصص والروايات النافعة التي ترضي الله سبحانه في البداية لنفسك وعليك بتقييمها جيدا وتعديلها لغويا ثم عرضها على أحد الأشخاص المهتمين بالكتابة وبعد ذلك إرسالها لأحد الصحف والمجلات ومتابعة تلك الأعمال حتى إصدار مجموعة من الروايات في شكل كتاب.
ومنها استثمار أحلام اليقظة في عمل مفيد يعود عليك وعلى المجتمع بالنفع والفائدة.
اعلمي جيدا أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وخطوتك هي وضع أحلامك على الورق وترتيبها وتنقيحها وتعديلها وتصحيحها ثم عرضها ونشرها لا تترددي كثيرا وبادري.
كما أنصحك بالتركيز في تلك الفترة على الجانب الروحي من تأمل وذكر وصلاة ودعاء واستغفار وكوني على يقين أن الله يقف بجانبك وسوف تتغلبين على محنتك وتجتازين كل الحواجز بالدعاء والعمل والذكر والصلاة.
تمنياتي لك بكل الخير والسعادة والصحة. وفى انتظار تواصلك معنا وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصالح.