26 شوال 1437

السؤال

أشعر أن زوجي له علاقة بأخرى، عندما يخرج وأسأله أين كنت يقول إنه كان في زيارة أخيه، وأكتشف بالصدفة من زوجة أخيه أنه لم يكن هناك، وعندما يعود يكون واضحاً عليه علامات الشعور بالذنب، ويحاول أن يلاطفني بطريقة مصطنعة، حاولت معالجة هذا الأمر بإظهار حب زائد واهتمام به لكي أملأ عليه حياته، ولكن دون جدوى، كثيرا ما يفتعل الغضب بيننا كي يخرج براحته؛ فماذا أفعل؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

السائلة الكريمة..
كثير من الزوجات يعانين نفس المعاناة، لكن هناك مبدأ في الحياة الزوجية والمعاملة بين الزوجين أمرنا الله تعالى أن تكون قائمة على المودة والرحمة كما في قوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: من الآية21].
ليست الحياة الزوجية الناجحة تبنى على الاصطناع والتمثيل، لكنها تبنى على المشاعر الصادقة، فالذي يخرج من القلب يصل إلى القلب، فلا يفيد أن تصطنعي لزوجك الحب والاهتمام والتقرب إلا إذا كان خارجا من قلبك صادقا فهذا زوجك وأصبح الآن والدا لطفلتك، ولا تعرف قدره ولا قيمته إلا التي حرمت من زوجها.
زوجك هو نعمة بين يديك، فلا تجعلي الشيطان يسول لك أنه يعيش في هيام وفي خاطره غيرك، بل عليك إذا أتاك ذاك الشعور وذاك الوسواس أن تفري إلى الوضوء وصلاة ركعتين داعية الله تعالى فيها أن يصلح بينك وبين زوجك، ويقربه لك ويقربك له، واستعيذي من ذلك الشيطان الرجيم الذي يريد أن يجعل حياتك سوء وأيامك حزينة، ففي الحديث أن الشيطان يضع مقعده على الماء وأنه يقرب إليه كل شيطان استطاع أن يفرق بين الرجل وزوجته ويحتفي به ويلبسه تاجه ويقول له: "أنت أنت"؛ فعليك أن تعلمي أن الحياة الزوجية السعيدة أساسها الوحيد هو الزوجة.
أيتها الكريمة، أراك تضعين زوجك تحت الميكروسكوب في الدخول والخروج، تسألينه أين ذهبت وأين كنت؟ وتراقبينه، وتتابعينه، وربما تفتشين من خلفه، فهل تظنين أنه لا يدرك ذلك ولا يشعر به؟ وهل تظنين أن ذلك لا يترك أثارا سلبية عليه؟!
اتركي له حريته يدخل كيفما يشاء ويخرج كيفما يشاء ولا تكوني له بمثابة السجان، وتوددي له من قلبك، وتذكري كل الحقوق المطلوبة منك تجاهه، دون المطالبة منه أن يمدك بحقوقه المطلوبة منه فهو عندما يراك تتفانين في إرضائه من الطبيعي أن يميل للاستئناس بك.
أنصحك بالبشاشة في استقباله مهما كان متأخرا، والترحيب به حين يدخل مهما كان عابس الوجه، والاهتمام بمظهرك، وحاولي ألا تنشغلي في عمل البيت في وجوده بالتخلص من الأعمال المنزلية أثناء خروجه وعمله.
أيضا حاولي التغيير في جو البيت ببعض الورود الجديدة في المكان الذي يكثر الجلوس فيه، وبنثر الروائح الحسنة الباعثة على الانشراح والتفاؤل والراحة.
لا تحاولي فتح الحديث حول تلك الشكوك، بل وثقي الثقة بينكما، وتأكدي أن هذه الثقة لن تزيد إلا بالتواصل بالله تعالى، فكوني له الزوجة المعينة على طاعة الله.
من الواضح بحسب كلامك أن زوجك رجل ملتزم السلوك وأنه لديه مشاعر وإحساس تجاهك يشعر بك، بان ذلك مما ذكرتِ أنه يشعر بالذنب عندما يقع في الخطأ، فاشكري له ذلك، ولا تتعنتي معه، ولا تصدي تقربه إليك بالتمنع ولي العنق، فإنه مما يبغض الرجل في زوجته ويدفعه للبحث عن زوجة أخرى.
أنصحك كذلك بأن تشاركيه الطاعات، وعليك بتجديد الوصال بينك وبين ربك والتقرب إليه والمحافظة على الصلوات والصيام والصدقة، والمسارعة في الأعمال الصالحة، وحاولي الاجتماع مع زوجك على ما يرضي الله سبحانه من صدقة ومعونة خير، وحاولي تشجيعه على صيام يوم مثلا في الأسبوع كالاثنين والخميس، والمشاركة معه في صلاة ركعات في جوف الليل، تكثرون الدعاء لله تعالى بما تحبون فالله تعالى قريب مجيب الدعاء.
وعليك أن تتحلي معه بالصبر عليه، وأنصحك بطول النفس، وعدم السأم، وعدم الضجر، وألا تنتظري منه معاملة سريعة بالمثل فإن ذلك ما يسرع في غضبك وهو أيضاً من الشيطان.
أيضا ابذلي جهدك في صناعة كل ما يحبه من أطيب الطعام وغيره، وحاولي التقرب لوالديه وأهله وانصحيه بصلتهم وبرهم واحتسبي في ذلك لوجه الله تعالى، فربما يشعر من داخلك بالتغيير الحقيقي.
حاولي التلطف في الحديث عند الخروج معه، ولا تصطدمي معه بأي شكل من الأشكال ولا تتصيدي له الأخطاء، فربما كره الخروج معك بسبب ذلك.
اعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الحل الأجدى في موضوع وجود إنسانة أخرى في حياة الزوج هو ما ذكرته لك، فإذا كان فعلا في حياته إنسانة أخرى فلا تخافي وعليك اتباع أحسن الخلق معه وأفضل المعاملة، واعلمي جيدا أن هذه المرأة الأخرى – إن كانت حقيقة لا وهما منك - ما هي إلا فترة وحالة مؤقتة.
ولا تنسي أن تجلسي معه جلسة تحاولين فيها أن تثني عليه بكل خير قدمه لك وأن تشعريه أنه نعمة إليك من الله تعالى، فذلك يقرب القلوب، ويشعره بمعرفتك بالجميل والفضل، وأنك تستحقين بذله وعطاءه، ولا مانع من شراء هدية له من مالك الخاص، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابوا"..
السائلة الكريمة.. إن هذه الدنيا أيام قليلة فلا داعي أن تعكري صفو حياتك بالأحزان والهموم والشكوك، ولكن انظري إلى الدنيا نظرة الأمل والتفاؤل، وتزودي فيها بالتقوى وذكر الله، يقول تعالى: {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: من الآية28].