25 رجب 1438

السؤال

هل هناك فضيلة للتنفل في روضة المسجد النبوي؟ وجزاكم الله خيرا.

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد :
فقد روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي".
واختلف العلماء في أفضلية الصلاة في الروضة الشريفة بناء على هذا الحديث ، وهي ما بين حجرة قبره صلى الله عليه وسلم والمنبر ؛ فذهب جمع منهم إلى أفضليتها على غيرها من المسجد، وذهب آخرون إلى عدم خصوصيتها بذلك.
والأقرب عدم وجود أفضلية خاصة لقصد الصلاة فيها ؛ لأنها لو كان فيها فضيلة زائدة على بقيته لنُقل عن السلف من الصحابة والتابعين تحري الصلاة فيها، رغم حرصهم الشديد على الأجر والعمل بالسنة، ولو فعلوه لنُقل كما نُقل ما هو دونه.
وقد كان مالك إمامُ دار الهجرة مقيما في المدينة ملازما للمسجد ، ولم يرو عنه حث الناس على ذلك.
وقد ذكرت في موضع أخر أن فهم النصوص ينبغي أن يكون موافقا لهدي السلف قولا وفعلا وتركا في الموضع الذي يُظن أنهم لا يتركونه؛ لأن تركه لهم مع هذا الوصف كالنص منهم على عدم الأفضلية الخاصة.
ولهذا كانت الصلاة في الصف الأول من التوسعة الجنوبية خيرا من الصلاة فيها ؛ لورود الأفضلية في الصف الأول وعدم ورودها في الروضة الشريفة.
ومما يدل على صحة هذا المشرع من الاستدلال فهمُ كثير من العلماء بعض النصوص بما رأوا عليه هدي السلف:
فمن ذلك تركهم وضع الجريد على القبر ، وتركهم الصلاة على الميت الغائب الذي صُلي عليه ، وتركهم إطالة الغرة في الوضوء في اليد إلى الكتفين .
هذا ولو قيل بغير ذلك للزم القول بأفضلية الصلاة عند بعض الأنهار ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم : "سيحان وجيحان والفرات والنيل ؛ كل من أنهار الجنة" . كما سمى حلق الذكر رياض الجنة ، ولم يقل أحد بأفضلية الصلاة عند هذه الأنهار ، أو عند الحلق .
فتبين بهذا أن لها حقائق غيبية لا تعني بالضرورة أفضلية الصلاة فيها على سواها.
فإن قيل : ما الفائدة العملية من ذكر هذا الحديث؟
فالجواب: أن في هذا تفضيلا للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لكون هذه مدارج أقدامه الشريفة، أو أن هذه مواضع الوحي والعبودية لله تعالى؛ فهو تنبيه إلى أن طريق الجنة إنما هو باتباع الوحي وعبادة رب العالمين.
قال الحافظ ابن حجر في تأييد هذا المعنى في "فتح الباري" (4/100) : (.. قوله: روضة من رياض الجنة أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة ، وحصول السعادة ؛ بما يحصل من ملازمة حلق الذكر ؛ لا سيما في عهده صلى الله عليه وسلم ..)أهـ. والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.