أنت هنا

تونس في مواجهة الإرهاب.. العلماني
20 ذو الحجه 1434
موقع المسلم

تحتاج تونس إلى حزمة من الإجراءات لإنهاء أزمتها السياسية، وهي:
ـ تفعيل المجلس الوطني التأسيسي لإنجاز دوره، وإتمام إصدار القانون الانتخابي.
ـ تشكيل الهيئة الانتخابية.
ـ إعداد الدستور.
ـ إجراء الانتخابات.
ومن ثم تشكيل حكومة من الأغلبية..
هذا هو المسار الطبيعي، أما المسار العلماني المألوف في دول أراد الغرب أن يعيدها إلى الديكتاتورية العسكرية؛ فهو عرقلة كل هذا، والدوران معه في حلقة مفرغة..
وقطع السلسلة المنطقية لتحقيق الاستقرار وبناء الدولة يمر دوماً عبر كسر الحلقة "الإسلامية" فيها، من دون التعرض للحلقات العلمانية كمؤسسة الرئاسة مثلاً، فالمطلبية الحالية دائرة حول ضرورة تقديم الحكومة التي يتزعمها الدكتور علي العريض لاستقالتها مهما ترتب على هذا من إرباك للعملية السياسية والاقتصادية في البلاد..
رئيس الحكومة الذي ينتمي لحركة النهضة التونسية أبدى استعداده للاستقالة من منصبه في مقابلة تليفزيونية مع قناة الوطنية المحلية، لكن شريطة ألا يحدث فراغ في البلاد، وهو ما وصفه بحالة الشلل التي أصابت المجلس الوطني التأسيسي (بفعل عرقلة عمله من قبل أعضاء يساريين وليبراليين)، وعدم بناء مؤسسات الدولة، وإصدار قانون الانتخابات وصياغة الدستور، لاسيما أن البلاد ـ بحسب العريض ـ تواجه إرهاباً في مناطق متعددة.
الإرهاب الذي تحدث عنه العريض، وتنتشر أخباره هو ثالثة الأثافي في لعبة عسكرة الدولة، ومصادرة إرادة شعوبها؛ فالخطوة الأولى، هي إحداث شلل سياسي، والثانية هي المظاهرات المعارضة، والثالثة هي الإرهاب المصنع أو "المحتمل" على حد وصف أحد الجنرالات العرب..
المظاهرات، كما في الحالة المصرية، يجري تضخيمها على نحو مبالغ فيه، وتتلقف الوكالات الغربية أخبارها وتبثها بصورة انتقائية؛ فالمراقب للشأن التونسي من الخارج لن تصله الرسالة الإعلامية المطابقة للواقع هناك، وهي أن مظاهرات النهضة لم تزل تفوق نظيرتها المعارضة لها.. والإرهاب حين البحث عن جدواه فهو كرات توضع بكثرة في سلة عسكرة الدولة وتهيئتها لمقابلة فوضى أمنية ليس لها إلا الحل الأمني "كالعادة"، وعليه فيمكن قراءة الامتيازات والصلاحيات المتنامية للعسكر والأمن الداخلي في تونس بحجة محاربة الإرهاب في تونس..
وتسميم المناخ الأمني في تونس بدوره يتزامن مع تسارع وتيرة التظاهرات التي لا يجري الحديث اليوم عن ضرورة وقفها بقوانين أو غير قوانين، مثلما سيكون الحال إذا سلمت تونس للعسكر "المنقذين"..
ليس المطلوب معجزاً، ولا ملغزاً، لإنقاذ تونس، ومنع دخولها في نفق مظلم من الفوضى، والعزلة الدولية، والانهيار الاقتصادي، والتخلف السياسي والاجتماعي، مثلما هو حال كل دولة يتقدم فيها العسكر لـ" إنقاذها"، بعد أن تمهد له حركات "التمرد" الأناركية خصوصاً، واليسارية بوجه عام.. إلا أن تمضي في طريق بناء مؤسساتها بطريقة مباشرة، وألا تعيد اختراع العجلة بأسلوب استبدادي علماني رخيص، يمر عبر لافتات ممجوجة وقديمة، من "حكومة كفاءات وطنية" و"ضمانات انتخابية" مزعومة لا يجري الاطمئنان إليها إلا بعد أن تتعسكر الدولة! فالانتخابات في كل دول العالم تتم في ظل حكومة أغلبية لا كفاءات وطنية، بينما تشرف عليها هيئة مستقلة لا علاقة لها بالحكومة لا كما يتذرع الفاشلون العلمانيون في دول عالمنا العربي المتفرد برجعيته الاستبدادية..
إن تلازم، بل توالي بناء مؤسسات الدولة على أسس واضحة وبمسار طبيعي هو الطريق الصحيحة لاستقرار تونس، وسواه اجترار لتخلف بن علي وبورقيبة وباقي "طابور" المستبدين المتخلفين..