15 رجب 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، تعرَّفت على فتاه منذ 4 سنين، وأريد الزَّواج منها، ولكن أهلي رفضوا رفضًا شديدًا بسبب النسب والأصل والعائلة، وخلال 4 سنين زنيت معها كثيرًا دون إيلاج، ولكن في آخر مرة زنيت وأولجته خطأ، ولم تعد بنتًا، فجن جنونها وجنوني، وطلبت مني الزَّواج منها، أو سوف تبلِّغ والديها، فاضطررت أن أصارح والداي بالموضوع لتفادي الفضيحة، وخوفًا مما قد يصيبني من مساءلة قانونية، أو تهجم علي من أهل الفتاة، قرروا خطبتها لي، ولكن شرطوا عليَّ أن أطلقها بعد عقد قراني عليها، من باب أني سترت عليها، ومن باب ألا أحاسب قانونيًا، ولكن أنا أحبها وأريد الإبقاء عليها كزوجة لي، ولكن أنا خائف من والداي، لا أريد أن أعصيهم، حيث أني أريد أن أكون بارًا بهما. قالا لي: إن لم تطلقها سوف نتبرأ منك عند الناس، ولن نعترف فيك في العائلة، وسوف نحرمك من الميراث، ولدى والدي وكالة عامة عني، قال: إنه كتب شيكات دون رصيد باسمي، بحيث أني إن لم أطلقها سوف يقدمها للمحكمة ليسجنني، غير تهديده بأذية الفتاة وفضيحتها وأذية أهلها.
أعلم أنني أخطأت ووضعت نفسي في مشكله كبيرة. أريد أن أرضي ربي ثم والداي، وأريد أن أستر على البنت وأتزوجها لأنني أمَّلتها بالزواج 4 سنين، وتعلقت بي تعلقًا شديدًا، وهي تفكر بالانتحار إن لم أتزوجها، أرشدوني وانصحوني، جزاكم الله خيرًا.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه...
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منَّا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أخي الكريم: فهمت من خلال عرضك لمشكلتك، أنَّك وقعت بأمر عظيم، وذنب من كبائر الذنوب، ألا وهي جريمة الزنا، زنيت بمن تحبها، بسبب رفض أهلك للزواج بها كونها لا تناسب عائلتك في الأصل والكفاءة، والآن ترغب بالزواج بها بعقد نكاح صحيح، وأهلك قبلوا بعقد القران عليها، وشرطوا عليك طلاقها بعد الستر عليها، وفي حالة بقائك معها بعد عقد القران، سوف يفضحوا الأمر ويكشفوه، وأنت محتار في أخذ القرار، وتطلب من إخوانك في موقع المسلم أن يحيطوك بالنصح والتوجيه والإرشاد، أبشر أخي بما يسرك ويعطيك الرأي السديد الحصيف لحل مشكلتك، ألخِّصُ لك أخي جواب استشارتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: تب إلى الله توبة نصوحًا.
لا ريب أن الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح مما وقعت فيه من الفاحشة، والتوبة النصوح تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود له.
واعلم أنه لا يجوز لك التزوُّج بهذه الفتاة الزانية إلا بعد أن تعلن توبتها، ويظهر منها الإصلاح، وكذلك يجب عليك أنت التوبة النصوح إن أردت الزواج بها، وعليك تبيين ذلك من الإصلاح بعد التوبة.
كذلك عليك التأكد من براءة رحم الفتاة، فإن كانت حاملاً فانتظر حتى تضع الحمل، وإن لم تكن حاملاً فانتظر لاستبراء رحمها لحيضة واحدة على الراجح من كلام العلماء.
وأرجو أن تعلم أن الزواج بنية الطلاق هو منهي عنه شرعا، فإن نويت الزواج بعد تنفيذ شروطه فلتكن نيتك بزواجها زواجا مستمراً.
ثانيًا: "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة".
إذا رأى الإنسان من أخيه المسلم عورة فلا يفضحه ولا ينشرها بين الناس، بل يسترها عليه وينصحه ويوجهه إلى الخير، ويدعوه إلى التوبة إلى الله من ذلك، ولا يفضحه بين الناس، ومن فعل هذا وستر على أخيه ستره الله في الدنيا والآخرة، لأن الجزاء من جنس العمل، وأنت أخي غررت بهذه الفتاة، وأوقعت حبك في قلبها، وأملتها بالزواج، حتى وثقت بك، وعندما أوصلتك شهوتك وشهوتها إلى الحرام، ووقع بينكما ما حرم الله، فليس عليكما إلا أن تسترا بعضكما.
ثالثًا: أطع والديك، ففي طاعتهما البركة والتوفيق.
والداك أنصح البشر لك، وأحرص الناس عليك، فاحرص على الاهتمام بنصحهما بما تستطيع من طاقة ولا يكن همك رفض رأيهما فالبركة كل البركة في طاعتهما.
واذكر دائما أنك تختار زوجة رفيقة لحياتك، تستأمنها على عرضك وأسرار بيتك وتربية أولادك وبناتك، وأن هذا الحب الذي تذكره إذا تأملت فيه وجدته لم يكن مبنياً على نقاء وصفاء؛ بل نشأ في أجواء مملوءة بمعصية الله تعالى، فلا خير فيه، بل أخشى أن يكون فيه شر عظيم عليكما في مستقبل أمركما.
رابعًا: ادع الله أن يهديك للصواب
أوصيك أخي بالقرب من الله تعالى، والحرص على الصلوات الخمس، ففي ذلك عون لك على أمور الدنيا والآخرة، سيما أمر الزواج، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]. واسأل الله بصدق ويقين أن يريك الحق حقا، وأن تتخلص من تأثيرات الهوى والشيطان، وأن تتخذ قرارك على أساس الإيمان بالله والتوبة إليه سبحانه.