أنت هنا

دماج التي تباع
17 محرم 1435
موقع المسلم

ما أشبه دماج المحاصرة من قبل الحوثيين الشيعة بريف دمشق المحاصر من قبل النظام النصيري، أو غزة التي يحاصرها الكيان الصهيوني.. حمم النيران تسقط عليها وفي محيطها؛ فيما المؤن الشحيحة تتوقف عند كمائنها الحوثية، لتمنع معظمها وتمرر قدراً ضئيلاً جداً مشفوعاً ببروجاندا المنة والتفضل من قبل محافظها فارس مناع الذي عينه الحوثيون فعلياً، وليست السلطة المرتعشة.

 

القنابل تلقى على أبواب المساجد، ودور العلم الشرعية، والمساكن تفرغ من ساكنيها من أهل السنة والقصف بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة يتجدد على بعد مئات الأمتار فقط عن مسجد دار الحديث، المهلة التي توعد بها الحوثيون الشيعة تكاد تنقضي، والسكان بسلفييهم بانتظار اقتحام أو قصف عنيف، بينما تنطق أصوات الإعلام بما يشيح بالأوجه عنها بانتظار مصيرها.. في دماج، كما في غيرها من ديار الإسلام المتصدعة يتحول القاتل إلى ضحية، وتستحيل الضحية إرهابية؛ إذ ما أسهل أن يقال عن دماج أنها معقل لـ"السلفيين" حتى تخفت أصوات المناصرين، حتى من داخل الصف السلفي ذاته، الذي بات بعضه مشغولاً عن دماج بما هو أعظم أو ما هو أدنى وأسلم..

 

بين يدي دماج عدة ساعات لينفذ المجرمون الذين توسع نفوذهم كثيراً بدعم قوى إقليمية كإيران، وصمت خليجي مريب، يشبه الصمت المطبق على آثار التقارب "العلني" بين واشنطن وطهران تهديدهم باقتحامها؛ فدول مجلس التعاون الخليجي لم تر بأساً حتى الآن فيما يحدث على مقربة منها، وفي دولة ذات أثر استراتيجي هائل، وتاريخي معروف؛ فالإيرانيون الذين أضحوا على مسافة قريبة من إحكام حلقتهم حول دول الخليج لا يلقون سياسة عنيدة تجاه "الجيران"! ولا يظهرون شيئاً من التحدي حيال ما يحيط بهم من أخطار! دماج لم تزل صامدة، ورجال نصرة دماج من القبائل يسطرون ملحمة مع قوة إصرارهم وسرعة نجدتهم، وهم يعطون المثل في نصرة مظلوميها، لكن مع ذلك؛ فإن التحدي الذي يواجههم كبير للغاية لاسيما أن ثمة تواطؤاً واضحاً من بعض الأطراف المحسوبة على النظامين السابق والحالي برغم أن المنطقة لم تكن تمثل أي تهديد على النظام السابق، ولا حتى الحالي، ولا يمكن حشرها في زاوية الإرهاب أو حتى "الأخونة" كونها لا تتفق فكرياً، مع هذه الجماعة، وجهودها تقتصر على المجال العلمي التراثي وبعض العلوم الحياتية الأخرى.. لكنها تقف حائلاً دون طموح لا محدود لإيران في تدجين صعدة وانسياب النفوذ الإيراني في سائر المناطق اليمنية، وتمددها من صعدة حتى البحر الأحمر لتحقق تفوقاً استراتيجياً للفرس على جميع القوى الإقليمية عبر جماعة الحوثيين.

 

اللافت أن ذلك لم يثر حفيظة الخليج بالقدر الكافي حتى الآن، واللافت أيضاً أن الجامعة العربية لا ترى نفسها معنية بتفريس بلد عربي تلو الآخر، واللافت أن منظمة التعاون الإسلامي لا تجد غضاضة في الاحتراب الداخلي حتى لو اعتدت بالحوثيين كفصيل يمكن التفاهم معه!