فضائية "دحلان".. روائح الانطلاق!!
25 محرم 1435
منذر الأسعد

انطلقت قناة الغد العربي حاملةً شعاراً يقول: أخبار اليوم برؤية الغد، لتوحي بتميزها عن الإخباريات العربية –قناة الجزيرة تحديداً- زاعمةً أنها تستشرف المستقبل من خلال الأحداث..

 

لكن بعض الخبراء يصرون على التعامل مع شعار القناة على حرفه، بمعنى مزج الرأي بالخبر، وهو ما يناقض أبجديات المهنة الإعلامية المحترمة.

 

كان في وسع القناة ومؤيديها تفنيد هذا الموقف منها، باعتباره متعجلاً وغير مبني على وقائع لأن القناة انطلقت منذ أسابيع، الأمر الذي يجعل الحكم لها أو عليها حكماً مسبقاً لا يستند إلى أرض صلبة.. كان ذلك ممكناً لولا أن "روائح" القناة المشبعة بالأدلجة الفجة على طريقة الستينيات الناصرية سبقتها، حتى بتسريبات ولاة أمرها أنفسهم!!

 

يكفي أن اسم القناة نفسه يملكه رجل الاستخبارات المشبوه في سلطة أوسلو والمطارَد-نظرياً؟؟- محمد دحلان، حيث كان يسعى بتمويل خارجي خفي/مكشوف إلى إطلاق القناة من رام الله، عندما كان في ذروة تسلطه هناك، لولا أن تهوره في محاولة إزاحة محمود عباس عن رئاسة السلطة، فشلت فشلاً ذريعاً، لأن غروره غشه فلم يتنبه إلى أن السادة في تل أبيب وواشنطن اتخذوا منه دمية للضغط على عباس لأسباب وقتية، فلما تحقق لهم مبتغاهم، أحرقوا ورقة دحلان فلسطينياً في المدى المنظور على الأقل.. ولم يسمحوا لعباس بالانتقام من ذراعه الأمنية الخائنة..  فتوزيع الأدوار ورسم حدودها حكر على البيت الأبيض وحكومة الاحتلال الصهيوني!!

 

تم إبعاد دحلان إلى الإمارات التي سبق لتحقيقاتها الأمنية أن خلصت إلى اتهامه بالاشتراك في جريمة اغتيال الكادر الحمساوي محمود المبحوح في أحد فنادق دبي!!   

 

من خلال أحمد حسنين وهو عضو سابق في المخابرات الفلسطينية، وأنور شحيبر ضابط سابق في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، المتورطين في عملية اغتيال القيادي في الحركة محمود المبحوح ويتبعان في الوقت ذاته للموساد الصهيوني، علماً بأنهما كانا يعملان موظفين في مؤسسة عقارية تابعة لدحلان الذي توسط لدى السلطات في دبي للإفراج عن عميلي الموساد الإسرائيلي ولكن طلبه جوبه بالرفض.

 

وتفيد تقارير نشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية-وهي بوق مفضوح لحزب اللات-أنّ المشروع يقوم على تحالف بين قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، والسياسي الفتحاوي المقيم في أبو ظبي محمد دحلان، وأحمد شفيق المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية المصرية المقيم في دبي منذ الصيف الماضي.  لكنّ مصدراً مقرّباً من شفيق نفى لـ"الأخبار" ما تردد عن مشاركته في تمويل القناة.  وبينما انطلقت تساؤلات عن حاجة ضاحي خلفان والنظام الإماراتي لإطلاق فضائية جديدة، بالرغم توافر عدد كبير من القنوات في دبي، ما زال محمد دحلان الاسم الأكثر التصاقاً بالقناة، وفق مصادر عدة تكلمت معها "الأخبار" بين القاهرة ودبي ولندن.  المصادر نفسها أكّدت أنّ المحطة يتم تقديمها باعتبارها "فلسطينية ليبرالية منوعة" ويتولى رئاسة تحريرها باسم الجمل الآتي من قناة "العربية".  علماً أنّ الإعلامي زكي شهاب تولّى المشروع في بدايته قبل أن يغادر إثر خلافات مع القائمين على القناة.

 

فالمهم أن مشروعاً يقوم عليه شخص بسوء سيرة دحلان لا يمكنه أن يحظى بقبول إعلامي ولا شعبي، ولا سيما أن القناة كما يسرب أربابها متخصصة في الكيد لكل حراك إسلامي في المنطقة، وهو ما يجعلها خدمة رخيصة للمشروعين الحاقدين: الصيهوني والصفوي معاً!!

 

ومن باب التذكير بأبرز محطات العار في مسيرة دحلان، نبدأ بالإشارة إلى تقارير نشرتها الصحف في عام 1997 عما عرف بفضيحة معبر كارني عندما تم الكشف عن أن 40% من الضرائب المحصلة من الاحتلال عن رسوم المعبر والمقدرة بمليون شيكل شهرياً كانت تحول لحساب "سلطة المعابر الوطنية الفلسطينية" التي اتضح فيما بعد أنها حساب شخصي لمدير جهاز الأمن الوقائي في حينه محمد دحلان..

 

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2001 استقال دحلان من رئاسة الأمن الوقائي احتجاجاً على معالجة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات للقضايا الأمنية، ولكن عرفات استرضاه في سياق التغييرات في أجهزة السلطة وأصدر مرسوماً بتعيينه مستشاراً للأمن القومي في يوليو/تموز 2002 إلا أن الخلافات استمرت بين الرجلين ليقدم دحلان استقالته من المنصب الجديد بعد أشهر قليلة.

 

وعند تعيين أول رئيس وزراء فلسطيني وهو محمود عباس (أبو مازن) وتشكيل هذا الأخير حكومته في إبريل/نيسان 2003 عُيِّن دحلان وزير دولة لشؤون الأمن وتم توسيع صلاحياته لتشمل الإشراف على الأجهزة الأمنية حسب المطالب الأميركية والإسرائيلية، وهذا كان أحد أهم الأسباب التي عجلت بسقوط الحكومة في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.

 

أسهم دحلان في أثناء مشاركته في حكومة حليفه أبو مازن بشكل أساسي في ترتيب أول هدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية برعاية مصر، ولكن هذه الهدنة لم تدم طويلا بسبب اغتيال إسرائيل للمسؤول السياسي بحركة حماس إسماعيل أبو شنب.

 

وبالرغم من خروج دحلان من الوزارة الفلسطينية بقي من الشخصيات المؤثرة في المعادلة الفلسطينية -!!!!-وعمل من خلال دوره المؤثر في حركة فتح والدعم الأميركي له على تشكيل تكتل من حوله يحمل شعار "الإصلاح ومحاربة الفساد" داخل السلطة الفلسطينية.

 

وفي هذا الإطار اتهم دحلان بتحريك الاضطرابات التي وقعت في قطاع غزة في بدايات شهر يوليو/تموز 2004 للمطالبة بالإصلاحات وهو ما نفاه عن نفسه ولكنه أعلن دون مواربة دعمه لها وتبنيه لمطالبها منتقداً بشدة الفساد داخل السلطة الفلسطينية.