28 صفر 1435

السؤال

اكتشفت أن زوجي متزوج بأخرى زواج مسيار في السر وهو لا يعلم أن لديّ علم بالموضوع؛ لأني أحاول جاهدة عدم إظهار علمي له كي لا أفقده وأشرد أبنائي، ولكن أحس بقلق وضغط هائل وأحس بأني غير قادرة على التحمل أكثر من ذلك، وأحياناً أفكر في الانفصال منه؛ فماذا أفعل؟

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

مرحبا بك أختي الكريمة في موقع المسلم.
مشكلتك تتلخص في:
1. الضغط النفسي نتيجة ما حدث.
2. خوفك من فقدانه وتشرد أبنائك إن علم بمعرفتك.
3. التفكير في الانفصال.
أولاً: هوني على نفسك أيتها الكريمة واعلمي أن ما حدث من الابتلاء الذي يقابل بالصبر والاحتساب، وهذا لا يعني الإعراض عن اتخاذ الخطوات المناسبة التي تقلل من الأضرار التي يمكن أن تلحق بأي طرف. واعلمي أيتها المباركة أن ما حدث قدر مسطور ما كان ليخطئك مهما بذلت من أسباب، وأنه من تقدير اللطيف الخبير الذي قد يقدر ما تكرهه النفس لما في ذلك من خير في العاجل أو الآجل أو كلاهما معاً، فلا تسلمي نفسك للوساوس، وافزعي للذكر والصلاة كلما أحسست بثقل الأمر على صدرك.
ثانياً: كيف جزمت بأنه متزوج؟ ربما كان الأمر مجرد وساوس وشكوك.
ثالثاً: الرسالة لم تذكر طبيعة العلاقة بينكما، والأسباب التي يمكن أن تدفعه للزواج سراً، وسبب خوفك من معرفته بعلمك بالأمر. لكن أجيب بشكل عام على النقاط المذكورة، ومرحبا بك متى ما فصلت في المشكلة.
1. الضغط النفسي نتيجة ما حدث.
أسبابه في ظني: زواجه، وطريقة الزواج، وخوفك من علمه بمعرفتك بما يخفيه.
أما الزواج فلا يستغرب أن يتسبب في إيلامك وردة فعل النساء تختلف من امرأة لأخرى. لكن ما دام الأمر حدث وانتهى، ولا يحل لك أن تطلبي منه أن يطلقها، وعندك أبناء وترغبين في العيش معه فمن الحكمة محاولة تطويع النفس لتتأقلم مع الحدث. اعتبريه مثله مثل أي بلاء؛ وتصرفي كما لو أصبت بمرض مزمن لا يمكن الشفاء منه لكن يمكن السيطرة على آثاره ومنع بعضها ابتداء فيسهل الأمر على نفسك تدريجياً.
أما طريقة الزواج فلعله فعل ذلك من باب الحرص على مشاعرك، وتخفيف وقع الأمر عليك. على أية حال أنت أعرف به، وفي وسعك تحويل حرصك على تماسك بيتك إلى واقع تنعمون فيه جميعاً بالود والرحمة.
أما خوفك من اكتشافه أنك تعرفين ما حدث فلم أفهمه. هل السبب هو طريقتك في اكتشاف الأمر أم طريقته في التعامل مع الأمور.
كيف تتوقعين أن مجرد معرفتك بفعل صدر منه يمكن أن يخرب بيتك، ولا تتوقعين أن يتوقع هو العكس. من الذي ينبغي أن يتوجس، أنت أم هو؟!
2. خوفك من فقدانه وتشرد أبنائك إن علم بمعرفتك.
في نظري لا بد أن يعرف أنك عرفت بصرف النظر عن الوسائل التي اتخذتها، فإن كنت قد تجسست عليه فقد أخطأت لكنه أخطأ قبلك لما زرع الوساوس والشكوك في نفسك ودفعك للتجسس وإن كان هذا لا يسوغ فعلك. فكلاكما مخطئ، ومعرفته بالأمر ستلقي عنك هذا العبء. أما إن كان خوفك سببه طريقته في التعامل معك فلابد من تقويم هذا السلوك غير المقبول بطريقة حكيمة تضمن لك عيشة مرضية. فليس من مصلحتك ولا مصلحة الأولاد ولا مصلحة زوجك العيش في جو يخلو من أبسط وسائل التفاهم.
لم أقتنع بعدم معرفة زوجك باكتشافك أمر زواجه أو شكه في ذلك ومحاولة استدراجك –بناء على ظني حسب رسالتك- رغم سوء حالتك النفسية. أهو كثرة النكد والضيق وتكراره فعد الأمر واحدة من حالات الضيق؟ أم سوء التواصل بينكما؟ أم ماذا؟
3. التفكير في الانفصال.
لا أظن أنك جادة في هذا الأمر، ولا أنصحك به. كيف تفكرين في الانفصال، وفي نفس الوقت تكتمين عن زوجك معرفتك بزواجه السري خوفاً من الانفصال.
أرى –في حدود فهمي بناء على رسالتك- أن تصارحي زوجك بمعرفتك بما حدث بأسلوب مناسب، سواء بالكلام المباشر أو برسالة، أو عن طريق وسيط. وبعدها عليكما الاتفاق على قواعد عامة تنظم حياتكما، وتتعاونان على مراعاة ظروف كل منكما، وتلبية حاجيات الطرفين.
أما مسألة تشريد الأولاد فلا تجعليها هاجساً يؤثر على تفكيرك. لا شك أن وجود الأولاد مع أبويهما في جو صحي من أفضل ما يقدمه الأبوان لأبنائهما، وينبغي أن يحرص كلاهما على ذلك، فكلاهما مسؤول عنهم. لكن إن قدر أن يبتعد الأبوان بسبب سفر أو طلاق أو موت أو غيره فلا ينبغي أن نفترض أن النتيجة الوحيدة ستكون تشرد الأبناء. لابد أن يقوم الوالدان ما بقيت فيهما حياة بواجباتهما كاملة تجاه أبنائهما بصرف النظر عن علاقتهما ببعضهما.
ختاماً: تذكري أيتها الفاضلة أن الطلاق يكسر النفس، ولا ينبغي اللجوء إليه إلا إن كان هو العلاج الوحيد الذي لا يمكن الصبر عنه. فلا يزينن لك الشيطان أن طلاقك منه سيضمن لك راحة النفس وهدوء البال.
وفقك الله وسددك، وأصلحك وأصلح زوجك وبنيك، وربط بين قلوبكم برباط المودة والرحمة، وجعل عاقبة أمركم رشداً.