11 ربيع الثاني 1435

السؤال

أرجوكم أفيدوني؛ فأنا في كارثة كبيرة وضاقت بي الأرض بما رحبت.. تزوجت منذ حوالي سنة ونصف من فتاة كنت قد خطبتها ثم تم فسخ الخطبة؛ لأن أهلها كانوا يحاولون ابتزازي في تكاليف أمور الزواج، غير أنهم كانوا يحاولون تأمين بنتهم قدر المستطاع، وخطيبتي لم تكن تمانع وكانت تأخذ موقف المتفرج، فشاق الأمر عليّ وانفصلنا، ثم حاولت إعادتي وأوهمتني أنها تغيرت ولن يتدخل في حياتنا أحد وقد تم الزواج، ومنذ أول شهر وزوجتي تحكي لأمها كل كبيرة وصغيرة، وحماتي تتدخل في كل أمر يخصني أو يخص بيتي وللأسف تحاول قدر المستطاع أن تجعل بنتها مسيطرة على البيت وعليّ وأن تحصل مني على كل الذي تستطيع من المال رغم أنني لم أبخل عليها بشيء بشهادة زوجتي نفسها، وقد نصحتها أكثر من ألف مرة أن حياتنا يجب أن نعيشها بطريقتنا نحن، وكان جوابها: إنني تعرفت عليك منذ سنتين، وأمي أعرفها منذ ولادتي؛ فطبعا هي تعرف مصلحتي أكثر منك!! والأدهى من ذلك أن أمها مسيطرة عليها سيطرة تامة لدرجة أنها لو أمرتها تتركني في جنح الليل لتذهب إليها وهى في محافظه أخرى تنفذ ذلك مهما اعترضت أنا، وغير ذلك، وقد دعوت العديد من السيدات الفاضلات في أسرتي وأسرتها من اللاتي تحبهن لينصحنها ويرشدنها لحقوق الزوج وواجباتها تجاهه، إلا أن أمها تحول بين حدوث ذلك؛ لأن أمها تريد ابنتها تتحكم فيّ لتطمئن على حياتها، لأنها تعمل ذلك مع زوجها وناجحة فيه؛ فالأب ليس له أي دور غير سماع كلام زوجته لدرجة أنه إذا اعترض على أمر لا قدر الله تهينه وتسبه أمام الناس، وهي تريد لبنتها نفس الطريق.. الأدهى من ذلك أنها عندما وجدتني لا أنصاع لأوامرها التي تلقيها لابنتها أعلنت الحرب عليّ عن طريق توجيه بنتها لإهانة أمي أكثر من مرة وبدون سبب، والغرض هو قطع علاقة أبي وأمي بي فلا يدخلون بيتي ولا نذهب إليهم وبالتالي أبقى لزوجتي فقط، كما فعلت أمها مع زوجها من قبل وقطعته عن أهله وعندما أعترض على ذلك تنصح بنتها بالثورة عليّ كي أرضخ وأستجيب وإذا ثرت أنا عليها تهدأ مع العلم أنني نصحت زوجتي كثيرا وهجرتها في الفراش دون جدوى حتى أهانت أمي آخر مرة أمامي للأسف فضربتها ونهرتها بشدة فاتصلت بأمها كالمعتاد لتطلعها على تفاصيل ما حدث فقالت لها سوف يأتي لك أبوكِ لتغادري البيت وتحرميه من ابنه حتى يأتي زاحفاً، نملى عليه شروطنا، إما أنتِ وابنه، وإما أهله وقد جاء الأب المطيع ومنعت زوجتي من الخروج ولكنها لم تسمع وأصرت على تنفيذ كلام أمها وهددتها إنك لو خرجتِ من باب البيت لن تعودي إليه.. تركته ولم تهتم؛ تنفيذا لكلام أمها واستمر هذا الأمر حتى الآن 3 أشهر لا أعلم عنهم شيئاً وأهلي يدعونني لتطليق هذه المرأة التي لن ينصلح حالها، والعجيب أن السيدات اللاتي تدخلن للإصلاح نصحوني نفس النصيحة، إضافة أنهن يتمنين أن أتزوج من إحدى بناتهن أو قريباتهن لما رأينه من معاملتي الطيبة والحنونة والصبورة مع زوجتي خلال فترة تدخلهن للإصلاح؛ فماذا أفعل؟ مع العلم أننا أنجبنا طفلا وأنني لا آخذ حقوقي الشرعية من زوجتي منذ بعد شهر من زواجنا؛ نتيجة إصابتها بمرض يحتاج علاجاً لفترة طويلة وقد حاولت مراراً أن أقطع دابر أمها من البيت أو أن أحد العلاقة ولم أفلح؛ لأن زوجتي لا تستجيب لأي أمر يخص أمها..

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أخي الفاضل الكريم
نشكر لك ثقتك في موقع المسلم ومستشاريه ونسال الله أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وان يرينا الحق ويثبتنا عليه وأن يرزقك رزقا حسنا وان يرفع درجاتك في الدنيا والآخرة.
أخي الكريم
فلا شك أخي الكريم أن المسلم يتزوج ليستقر وليجد في زواجه الراحة والسكن فلا يكون زواج المرء سببا في تعاسته وشقائه طول عمره ولا يكون لزوجه ما لهذا الأثر السلبي في حياته، فقد قال الله سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.
ولهذا فالزواج سكن وسكينة وهدوء واستقرار وراحة، وإذا انتفت هذه الخصائص من الزواج أو تحققت نتائج معاكسة لها فقد فقدت العلاقة الزوجية أهم خصائصها وسماتها وبات التخلص منها هو المطلب الذي يحقق السكينة والهدوء والراحة.
ونحن إذ نجيب عن هذه الأسئلة لا يفترض أني نبني حكما على سماعنا من جانب واحد ولكن نرد على تساؤل يأتينا من أحد الطرفين ونضع العهدة أمام الله عليه فيما قال.
وعلى هذا فمشكلة هذه الحالة تكمن في ثلاثة مظاهر مرتبة:
1- تغليب العاطفة على العقل عند الزوج
2- تسلط أم الزوجة
3- انصياع الزوجة لامها ضاربة بحق زوجها عرض الحائط
ونتج عن تلك المظاهر معالجة خاطئة مستمرة من كافة الأطراف أدت إلى تفاقم الوضع ووجود طفل صغير لا ذنب له سيتحمل ربما بمفرده خطأ والديه بالأساس وخطأ أجداده أيضا.
ويمكننا أن نرى في هذه المشكلة أن كل الأطراف مخطئة وأنها ساهمت بقوة في إيجاد هذه المشكلة التي أصبحت كثير من البيوت العربية والمسلمة تعاني منها والتي تنذر بهدم البيوت الجديدة، وهم.
- أبو الزوجة: ساهم بدوره في إيجاد مشكلة لابنته إذ ساهم بسلبيته وانصياعه لزوجته وتحمله الإهانة منها في خلق واقع جديد يفرض على ابنته تصورا بان هذه العلاقة هي العلاقة الوحيدة الصحيحة بين الرجل وزوجته، ولذلك أساء هذا الرجل إلى نفسه أولا والى بيت ابنته ثانيا
- أم الزوجة: وهي العامل المؤثر في إيجاد هذه المشكلة، فهي التي أفسدت بيتها الأول حتى وان بدا أمام الناس صالحا، وهي التي تساهم بقوة وسعي دءوب لإفساد بيت ابنتها وأظنها قد اقتربت كثيرا من تحقيق هذا الإفساد.
- الزوجة: وهي التي لم تفهم أنها انتقلت من بيت أبيها وأمها إلى بيت آخر لزوجها عليها فيه حقوق اكبر من حقوق والديها، ولم تستوعب بأنها أصبحت مسئولة عن إنجاح علاقة زوجية جديدة مستقلة تمام عن علاقة أمها بابيها وليس لها أن تقتدي بتلك العلاقة التي قامت على أساس غير صحيح
- الزوج: وهو العامل الأول في إيجاد هذه المشكلة فهو الذي تنازل أكثر من مرة وتهاون في حقه كزوج ولم يقف وقفة رجل ليحفظ بيته من الهدم والتدمير، وكان يفترض به أن يدافع عن كيان أسرته الجديدة ولا يستسلم لقوة ضاغطة عليه تريد هدم بيته وتقويض أسرته الوليدة.
وعلى هذا فنصيحتي للزوج أولا وليس لأحد غيره فلا أحد معني بتصحيح هذا الأمر أكثر منه لأني أدرك تماما أنه لم تكن لهذه المشكلة أن تظهر أبدا إلا بوجود هذه السلبية من الزوج في معالجة مشكلات بيته منذ البداية
فربما يجد الرجل أم زوجته متسلطة وربما يجد أباها ضعيف الشخصية أو متهاونا في حقه وربما يجد الزوجة منصاعة لامها ولكن يمكنه معالجة كل ذلك بشخصيته وبحكمته وبتغليب عقله على عاطفته وهي المشكلة الأهم في حياة الزوج.
وأجمل نصيحتي في نقاط:
- للزوج على زوجته حقوق لابد وأن تقوم بها وعليها أن تعلم أنها بمجرد انتقالها لبيت زوجها قد بدأت حياة جديدة لابد عليها وان تحترمها، فلا إخراج لخصوصية بيتها ولا لسر من أسراره لأحد من الناس وحتى لأقرب أقربائها وهي أمها، فللبيت خصوصيته التي يجب وان تتوقف عندها طويلا وتلزمها بذلك، فلا تفرط ولا تتهاون في كلمة تخرج من بيتك وقف عند هذه النقطة طويلا والزمها بذلك.
- عليك وأن تلزم زوجتك بحسن معاملة اهلك ولابد من محاسبتها على أي تقصير في ذلك، ولا يمكن أبدا قبول أو ترك أمر إهانتها لوالدتك أن يمر مرور الكرام حتى ولو كنت عالجته معالجة فيها خطأ، فكان يمكن معالجته بطريقة أفضل من هذه بعيدة عن الضرب والسب بأنها تعلم – على سبيل اليقين- بأنكما قد جمعتكما كلمة وأنه يمكن أيضا أن تفرقكما كلمة دون أن ترى منك تراجعا لحبك إياها واو لارتباطك العاطفي بها.
- عليك وان تلغي أي تأثير لوالدة زوجتك على بيتك، فاخرج بيتك من دائرة سلطانها بعدم الانصياع لأي أمر من أوامرها تحت أي ضغط من الضغوط، فمجرد إذعانك لأمر بسيط يؤدي إلى خضوعك وإذعانك لكل أمر مما يؤدي لفساد بيتك.
- زوجتك الآن في بيت أبيها وتضغط عليك بولدك الذي معها ويستغلون ضعفك العاطفي معها ومع ولدك، فأرجو أن تتركها قليلا في بيت أبيها حتى تيأس من خضوعك لقراراتها ولقرارات أمها، ولا تقلق على ولدك معها فهو ولدها ولن يمسه أحد بسوء، واضغط على عواطفك قليلا فهي باب هزيمتك في معاركك، فهزيمتك تأتي منك لا بقوتهم.
- نصيحتي لك أن تكون حاسما وحازما ليعلموا جميعا قوة موقفك وثباتك فلا يساومون عليك، وأنصحك بالاستمساك بالقوامة وشرائطها، وأن تبحث جاهدا عن كل حل سهل يسير مع توضيح طلباتك وما تشتكيه من زوجتك طالبا منها الإصلاح؛ فإن استجابت وإلا فأعلمها أن حياة لا تستقيم هكذا وأنها ستضطرك للبحث عن حياة أخرى، وأنصحك باستشارة الخبراء والعلماء قبل اتخاذ أي موقف.
- وعليك في كافة الأحوال أن تغير من نفسك ومن تصرفاتك ومن عاطفيتك فلاشك أنها تتسبب لك في مشكلات عدة داخل بيتك وخارجه.
وفقك الله أخي الكريم لما يحبه ويرضاه.