أنت هنا

مستقبل بنجلاديش بعد اغتيال ملا
18 صفر 1435
موقع المسلم

ما أن نفذت السلطات القضائية البنجالية حكمها الجائر بإعدام الزعيم الإسلامي الكبير عبد القادر ملا، حتى اندلعت اضطرابات في عدة أحياء في العاصمة البنجالية دكا أسفرت عن مقتل العشرات من المسلمين الغاضبين من ارتكاب السلطات لهذه الجريمة النكراء..
بدت الحكومة العلمانية المتطرفة شديدة الحنق على الزعيم الإسلامي، وهي تنفذ مسرحية هزلية لإعدامه بدءا من لا معقولية التهمة المحال بسببها ملا، والخاصة برفضه انفصال بنجلاديش عن باكستان، ومروراً بلا معقولية توقيت المحاكمة بعد 40 عاماً من وقوع "الجريمة" المفترضة، وانتهاء بتعجل القضاء في رفض طعن الشيخ على حكم الإعدام، والتنفيذ الفوري لرفض الطعن بعد عشرات الساعات فقط من هذا الرفض، على نحو لا يحصل نظيره في العالم، وكأن السلطات التنفيذية والقضائية في حالة احتقان لا مبررة من المتهم، وكأنها تريد صك آذانها عن أي مناشدات حقوقية عالمية ولو كانت خجولة وليست سوى ذر للرماد في العيون!
دائماً في الدول الاستبدادية حينما تخرج الأمور هكذا عن حيز المعقول أو الإخراج "المقبول" لمسرحيات القمع؛ فإنها تعبر عن قلق عميق من المستقبل؛ فالحكومة الطائفية، العلمانية المتطرفة، تضمن الجيش والشرطة كما في كل النظم الشمولية والعسكرية، وتضمن القضاء، وتضمن الإعلام الزائف، وجميعها موصولة بالغرب أو بإيران أو بالهند، على درجات متفاوتة من العمالة والخيانة، لكنها مع هذا لا تضمن "الشارع"؛ فحزب عوامي الطائفي المتطرف الذي تنتمي إليه حكومة حسينة واجد عاد إلى الحكم بطريقة مريبة بعد انقلاب عسكري عطل الدستور، ثم تم وضع دستور يناقض الإسلام تماماً، ويؤكد على "علمانية" بنجلاديش، وتمكنت بعده الحكومة من اتخاذ إجراءات تعسفية ضد الحزب الإسلامي بالأساس، ومنعت بموجب مادة تحظر الأحزاب الدينية 12 حزباً إسلامياً من العمل، واعتقلت المئات من قادة وكوادر وأنصار الجماعة الإسلامية ثالث كتلة سياسية في البلاد، وشرعت في التخلص منهم عبر محاكمات هزلية كتلك التي أعدم بسببها البروفيسور عبد القادر ملا..
الانتخابات البرلمانية يفترض أن تجري بعد أسبوعين فقط، وقد تعهدت الحكومة العلمانية بالزج بمئات الآلاف من الجنود (كأي دولة شمولية تقوم بإجراء انتخاباتها تحت قهر الدبابة والمدرعة) لـ"تأمين" الانتخابات، لكن معظم أحزاب بنجلاديش الثمانية العشرة ترفض إجراءها في ظل هذه الحكومة المنحازة لذاتها، لتبدأ جولة من الإضرابات والتظاهرات رفضاً لهذا المسار بهذه الطريقة، التي أجمع كل المراقبين الموضوعيين على أنها لا تتوفر لها أدنى ضمانات النزاهة.
الغرب يشجع الحكومة المتطرفة، لكنه عبر الاتحاد الأوروبي يحاول أن يبدي تحفظاً كلامياً على المسار الحالي، من دون أن ينبني على ذلك شيئاً؛ فهو في النهاية يختبر قدرة حسينة واجد وعصابتها على الصمود.. وإلا فهو مضطر للاعتراف بـ"ربيع بنجالي".. إن حصل!
وحظوظ حصوله، ربما تتنامى إذا ما استمرت الإضرابات وقطع الطرق والتظاهرات وحصار سيارات الشرطة لمدة ملائمة، وألا يقتصر على "غضب ظرفي" ناجم عن فداحة جريمة الإعدام.. هذا سيحدده الشعب البنجالي، ومدى وعيه بالقضية الحالية وقدرته على الوفاء لخياره الذي سيحدده..