أنت هنا

وميض نار الثورة بالأنبار.. التهب
3 ربيع الأول 1435
موقع المسلم

ظل الحراك العراقي مستمراً، يخبو يوماً ويثور يوماً.. حافظ كثيراً على سلميته.. استطاع أن يضع نفسه في صدارة الأرقام العراقية.. إنها حالة فريدة في بلد تعود منذ فجر التاريخ أن يحسم صراعاته تحت ظلال السيوف..
حكام طهران فجروا المشهد في توقيت غريب؛ فتعاملوا برعونة عبر رجلهم في بغداد، نوري المالكي، وعصاباته؛ فاجترحوا الكوارث، وفجروا الموقف؛ فكان أبطال الأنبار ليوثاً غاضبة، ولم تمر سوى ثلاثة أيام حتى غدت 40% من أراضي العراق خارج نطاق السيطرة أو في حدود الاضطراب الأمني الكبير..
الأنبار كبيرة بالطبع، لكن الأحداث لم تقتصر عليها؛ فكانت نينوى وصلاح الدين وحتى بغداد ومناطق عديدة اشتعلت، وتحولت إلى المقاومة المسلحة المتسارعة في تأثيراتها بخلاف الحراك السلمي المستمر منذ أكثر من عام.. المعركة ليست سهلة، لكنها فرضت على أهل السنة أن يخوضونها في هذا التوقيت وبتلك الظروف.
لقد بدا أن أوان الثورة المسلحة قد حل؛ فالصراع الممتد منذ الاحتلال الأمريكي في ربيع عام 2003 قدرت إيران أنها قد حسمته مؤخراً لصالحها حين ضعفت المقاومة العراقية بعد قرارات الانسحاب الأمريكية المبرمجة والمتسارعة من العراق، وقد ضعفت قدرة بعض الفصائل بالفعل على الاستمرار مع نفاد كثير من ذخيرتها، ورغبة قطاعات جماهيرية في وقف المذابح المرتكبة بحقهم، لاسيما في أواسط العقد الماضي، لكن نسائم ربيع الثورات قد حفز كلا من عشائر العراق ونشطاء الشام على محاولة النهوض من جديد، وحينما استحالت نسائم الربيع لفحات لهيب، كان الحراك العراقي تحديداً قد استوى على سوقه.. تسارعت أحداث سوريا، وتحولت إلى حرب ضروس وسط مجازر هائلة، لكن كان لدى الحراك الذي يقوده علماء انطباعاً بأن ثمن الانعتاق لابد من دفعه، وأن ثمة ما يمكن أن ينتج شيئاً مع تحفيز العشائر على الثورة..
كان هذا ما سبق، والآن؛ فإن اللحظة التي تهور فيها المالكي، تشبه تلك التي أقدم فيها محافظ درعا السورية على اقتلاع أظافر أطفال فاشتعلت الثورة.. وكان اعتقال أحد نواب السنة بالعراق واقتحام ساحة الاعتصام مؤذناً بتحول دراماتيكي في الثورة العراقية.. ثمة مشكلة كبيرة تواجه الثوار العراقيين مع توقع بطش شديد من جانب السلطة، لكن في مقابله ربما وجدت طهران التي تقود الطرف الآخر نفسها في مأزق لا تحسد عليه؛ فعليها أن تؤمن في تلك اللحظة دعماً عسكرياً في الأنبار، وآخر في سوريا، فضلاً عن دعم اقتصادي لنظام بشار.. هذا منهك لدولة عظمى وليس إيران بإمكاناتها، وتحديها الراهن في أن تنهي ما تدعوه "تمرداً" في الأنبار بسرعة خاطفة، وإلا صارت غير قادرة على الاستمرار إذا ما استطاعت قوى المقاومة في الأنبار والمحافظات الشبيهة أن تطيل أمد الصراع، وحالئذ سيحيط بامتدادها الغربي الخطر من جوانبه، وسينهزم المالكي وميليشياته وبشار وشبيحته..