هذا هو فكر النظام السوري
21 ربيع الأول 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

لم يعد هناك شك أن لهث الغرب لانعقاد مؤتمر جنيف2 ما هو إلا محاولة لاحتواء التقدم الكبير الذي حققته الثورة السورية المباركة , والتي عجز بشار وحلفاؤه عن القضاء عليها رغم الدعم المادي والمعنوي الكبير الذي قدم له , ليس من روسيا وإيران والصين فحسب , بل ومن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية , من خلال إعطائه الفرصة تلو الأخرى لإخماد الثورة دون جدوى , فكان لا بد من التدخل الأممي عبر هذا المؤتمر لمنع قيام دولة إسلامية على تخوم الكيان الصهيوني المحتل .
وبعيدا عن صواب مشاركة الائتلاف الوطني السوري المعارض في هذا المؤتمر من خطأه , فإن المؤتمر يحمل بذور فشله قبل بدء المفاوضات المفترضة بين وفدي كل من حكومة بشار الأسد والتي يرأسها وليد المعلم , وبين المعارضة السورية التي يرأس وفدها أحمد الجربا , وذلك من خلال كلمة وليد المعلم في الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر الذي بدأ اليوم في مدينة مونتروا بسويسرا .
إن إنصات أي سوري عاقل - أو مواكب للأزمة السورية – لكلمة وليد المعلم يستطيع أن يستنتج الفشل الحتمي لهذا المؤتمر في اليوم الأول من انعقاده , بناء على المثل العربي الشائع الذي يقول "المكتوب باين من عنوانه" .
فالفكر الذي يحمله وفد حكومة الأسد وأمثالها في العالم , لا يجدي معها الحوار أو النقاش أو المفاوضات , نظرا للصفات الخاصة التي تحملها ومن أبرزها :
1- هذا الفكر إقصائي من الدرجة الأولى , فهو لا يرى إلا نفسه وذاته , وإذا أراد أن يرى الآخرين فإنه يراهم بمرآته هو , فهم نسخ مكرورة منه , وبالتالي فلا وجود للرأي الآخر في فكره وذهنه , ولا وجود للمعارضة أصلا في تصوره , والناس عنده صنفان : مؤيدون له وداعمون , والباقي إرهابيون وعملاء وخونة ..الخ .
وهذا ما يمكن قراءته بوضوح في كلمة المعلم , فلا وجود للمعارضة إلا في الداخل السوري التي نشأت تحت بصر النظام ورعايته , أما معارضة الشعب والمظاهرات التي عمت أرجاء سورية لمدة تزيد عن ستة أشهر وما زالت , ومعارضة المنشقين عن الجيش والأمن وهم بالآلاف , ومعارضة المنشقين عن الحكومة من وزراء وسفراء , فهؤلاء جميعا خونة ومرتزقة وعملاء وأيدهم ملوثة بالدماء .
إن هذا الفكر الإقصائي البغيض هو من أوصل سورية إلى الحرب القائمة فيها اليوم , بينما كان بمقدور هذا النظام – لو لم يكن ذو فكر إقصائي – أن يستوعب مطالب الشعب البسيطة التي خرجت تنادي بها في بداية الأزمة , كما كان بمقدوره أن يواسي عائلات أطفال درعا الذين عبروا عن رأيهم بشكل عفوي , من خلال معاقبة المسيئين وإنصاف المظلومين , بدلا من تعذيبهم وترويع وإهانة أهاليهم .
2- الكذب الفج الذي لا يقف عند حد هو سمة أخرى من سمات هذا الفكر , فلا ضير عند بشار وحكومته من الكذب المستمر الذي أوصى به جوزيف غوبلز وزير إعلام النازية كسياسة استراتيجية , ولعلهم يمارسون هذه السياسة وينفذونها بشكل يضاهي ما كان يحلم به جوزيف غوبلز نفسه .
فقد وصل كذب النظام السوري على العالم حدودا لا تطاق , ورغم انكشاف كذبه أمام العالم أكثر من مرة , إلا أنه مستمر في سياسة الكذب الممنهج , والتي ظهرت اليوم في كلمة المعلم , من خلال اتهام الثوار في سوريا بارتكاب جميع الجرائم والموبقات التي نفذتها عصابات بشار ومليشيات الشيعة بحق الشعب السوري , من ذبح للأطفال واغتصاب للنساء وتهجير للناس من بيوتهم وتعذيب للمعتقلين , والذي توالت التقارير الأممية والدولية على التأكيد بأن من قام بذلك هو نظام بشار وحلفاؤه.
3- الفكر التبعي العميل المتأله الذي يحمله هذا النظام واضح للعيان , فهو فرعوني في تقديس الحاكم , ومثالي في تنفيذ أجندة الغرب واليهود , من حيث عدائه الشديد للإسلام والمسلمين , ومن خلال محافظته على أمن "إسرائيل" طوال فترة حكم آل الأسد , و عدم اهتمامه بمصلحة بلده ولا وطنه ولا شعبه , إذا غاية اهتمامه البقاء في السلطة والحكم , حتى ولو كان الثمن سورية وشعبها بالكامل .
ولا أدل على ذلك من تسليم هذا النظام لسلاحه الاستراتيجي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي , ألا وهو السلاح الكيماوي عند أول ضغط غربي أمريكي عليه , لتأتي كلمة المعلم اليوم لتأكد وجود تأليه الأشخاص في هذا الفكر , من خلال الجدال على بقاء فرد في السلطة , حتى لو كان الثمن القضاء على البشر والحجر والشجر في سورية , ناهيك عن تركيزه على ترديد مصطلحات الغرب - الإرهاب والأقليات – التي تؤكد استجداءه دائما مرضاة الغرب على حساب دماء الشعب السوري , الذي أبى أن يرضيه فضلا عن أن يستجديه .
إن بعض هذه الصفات في أي فكر كفيلة برضى الغرب ومباركته وتأييده , فكيف بجميعها متوفرة في نظام واحد كالنظام السوري الأسدي !!