"الخطر" الذي تعيشه مصر
25 ربيع الثاني 1435
خالد مصطفى

في استقالته المفاجئة التي قدمها في بيان على شاشة التليفزيون الرسمي أمس وصف رئيس الوزراء المصري الموقت حازم الببلاوي, الأوضاع في البلاد بالخطيرة وحذر من مشاكل كبيرة مع تصاعد الأزمة الاقتصادية..حازم الببلاوي واحد من أكبر خبراء الاقتصادر في مصر ـ في المجال النظري على الأقل ـ وكتبه تدرس في الجامعات المصرية منذ أكثر من 20 عاما ومع ذلك فشل بعد 7 أشهر في مواجهة المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد..

 

في نفس الوقت كان الببلاوي أحد أقطاب المعارضة للرئيس المنتخب محمد مرسي هو وعدد من وزراء حكومته مثل زياد بهاد الدين الذي استقال مؤخرا, وحسام عيسى وفخري عبد النور, وغيرهم من أعضاء جبهة الإنقاذ الذين كانوا يجلسون على مقاعد الفضائيات التابعة لنظام مبارك ويوجهون انتقادات حادة لحكومة الرئيس مرسي ويتهمون الإسلاميين بالفشل في إدارة شؤون البلاد رغم أن الأوضاع وقتها كانت أفضل بكثير من الأوضاع الآن في مجال السياحة والصناعة والتصدير والنمو الاقتصادي بشهاد التقارير التي تخرج عن المؤسسات الاقتصادية المستقلة بل وبعض الإعلاميين المؤيدين للسلطة الحالية...

 

الببلاوي كان له العديد من التصريحات المستفزة التي تؤكد أنه لا يدري أن الأزمة الاقتصادية لا تحل فقط عبر النظريات العلمية ولكنها تحتاج إلى بيئة مناسبة وهي نفس المشكلة التي عانت منها حكومة الرئيس مرسي واستخدمتها المعارضة لتشويه سمعتها..من هذه التصريحات التي صعدت من التوتر ما قاله لإحدى شبكات التليفزيون الأمريكية عندما اعترف بأن ما حدث في فض اعتصام رابعة هو عمل وحشي وبرر ذلك بأنه ضروري لحماية الدولة واستدل على ذلك بما قامت به أمريكا في فيتنام وما جرى في الحرب العالمية الثانية ما أثار دهشة الخارج قبل الداخل, وقبل ذلك أصر على عدم المصالحة مع تحالف دعم الشرعية المؤيد للرئيس مرسي مفضلا الحل الأمني الاستئصالي وهو ما ذكره أحد النواب الأمريكيين الذين زاروا مصر قبل فض اعتصام رابعة عندما أكد أن أفكار الببلاوي ستوصل البلاد إلى كارثة وها هي الكارثة تتحقق بعد أن استفحلت الأزمة الاقتصادية وتم لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما  فك وديعة حرب الخليج البالغة 60 مليار جنيه بالإضافة إلى طبع أكثر من 22 مليار جنية لمواجهة عجز الميزانية المتزايد..

 

لقد اعترف وزير الصناعة في حكومة الببلاوي قبل أشهر أن البلاد على وشك الإفلاس كما اعترف وزير آخر بأن الدولة تواجه عدم إمكانية صرف مرتبات العاملين في جهازها الوظيفي مما ينذر بكارثة كبرى....

 

إن فشل الببلاوي ليس فشلا اقتصاديا فقط بل هو فشل في الرؤية السياسية حيث يجنح للاستصال والإقصاء تجاه التيار الإسلامي الذي يمثل قطاعا عريضا في البلاد..الببلاوي الذي صرح في البداية بأنه لا يمكن وضع جماعة الإخوان على قائمة "الإرهاب" لأن ذلك غير قانوني رجع بعد ذلك بأسابيع إثر  ضغوط من إعلاميين محسوبين على نظام مبارك ليضعهم على قائمة "الإرهاب" دون حكم قضائي مما أثار دهشة العالم الذي أكدت عدد من دوله أنها لن تقوم بخطوة مماثلة لان جماعة الإخوان لا يعرف عنها تبني العنف ولا يوجد أحكام قضائية نهائية تؤكد ذلك...

 

إن الإعلام الذي أخذ ينفخ فيما حدث في 30 يونيو سواءً في المبالغة في الأعداد التي خرجت أو في الحكومة التي جاءت بعدها هو نفسه الآن الذي يتهم الحكومة بالفشل الذريع وكانه لم يكن سببا في مجيئها وتأييد قراراتها الأمنية التي زادت من حدة الأزمة في البلاد بعد اعتقال أكثر من 22 ألف شخص, بحسب منظمات حقوقية....

 

إن حكومة الببلاوي لم تقف عند هذا الحد بل تورطت في جرائم تعذيب يندى لها الجبين اعترف بها المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي شكلته الحكومة نفسها, مطالبا بإجراء تحقيقات عاجلة بشأن تلك الجرائم..المشكلة الآن أن الأمور بعد حكومة الببلاوي ليست في طريقها للحل كما يبدو بعد الإعلان عن تكليف أحد رجال الرئيس المخلوع حسني مبارك بتشكيل الحكومة الجديدة وهو ما يشير إلى أن الصدام سيزداد بين السلطة ومكونات ثورة 25 يناير بشكل أوسع في الفترة القادمة حتى من أيد منهم ما جرى بعد 30 يونيو, أضف إلى ذلك صدور المزيد من أحكام البراءة على المتهمين بقتل ثوار يناير الذين بلغ عددهم أكثر من 800 إضافة لآلاف الجرحى...