أحـكام الأضحية والهدي
4 ذو الحجه 1434
أ.د. خالد المشيقح

أولاً : الأضحية : تعريفها : هي ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله -تعالى-. حكمها : سنة مؤكدة ، قال الله -تعالى-: } فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {[الكوثر:2]، وقال -تعالى-: } وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ { [الحج: 34]، ولحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (( كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين )) رواه البخاري ، وأجمع المسلمون على مشروعيتها ولا تجب ؛ لأن الصحابة رضي الله عنهما تركوا التضحية مع القدرة خشية أن يعتقد وجوبها كأبي بكر ، وعمر ، وابن مسعود رضي الله عنهم وغيرهم ، وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ، والأصل أنها عن الحي ، فيضحي الحي ويشرك الميت تبعاً إلا إن كان الميت قد أوصى . شروطها : يشترط لصحة الأضحية ما يلي : 1. أن تكون من بهيمة الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم . 2. أن تبلغ السن المعتبر شرعاً ، وهو خمس في الإبل ، وسنتان في البقر ، وسنة في المعز ، وستة أشهر في الضأن . 3. خلوها من العيوب المانعة من الإجزاء ، وتأتي . مسألة : تجزئ الشاة الواحدة وكذا سبع البدنة ، وسبع البقرة عن أهل البيت ؛ لما روى أبو أيوب رضي الله عنه : ((كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ، فيأكلون ويطعمون )) رواه الترمذي وصححه ، وابن ماجه . مسألة : الأفضل الإبل ، ثم البقر ، ثم الغنم إذا كاملاً ، والأفضل من كل جنس الأكثر قيمة . مسألة : الاشتراك في الأضحية على قسمين : الأول : الاشتراك في الثواب ، بأن يكون مالك الأضحية واحداً ، ويشترك معه غيره من المسلمين في ثوابها فجائز . الثاني : الاشتراك في الملك ، بأن يشترك بيتان فأكثر في ملك أضحية ويضحيا بها ، فلا يجوز . العيوب المانعة من الإجزاء : 1. العوراء البيِّن عورها ، وهي : التي انخسفت عينها أو برزت ، وكذلك العمياء ، أما إذا كانت قائمة العين ولا تبصر بها ، أو عليها بياض فتجزئ . 2. العجفاء ، وهي : التي ذهب مخُّ عظمها . 3. العرجاء البيِّن عرجها ، وهي : التي لا تطيق مشيًا مع الصحيحة ، وكذا مقطوعة أو مكسورة اليد أو الرجل ، فإن كان عرجها يسيراً لا يمنعها من معانقة السليمة أجزأت . 4. المريضة البيِّن مرضها ، وهي : التي ظهر عليها آثار المرض كالحمى الذي يقعدها عن الرعي ، وكالجرب الظاهر المفسد للحمها ، وما أصابها سبب الموت ، كالمنخنقة ، والموقوذة ، والمتردية ، والنطيحة ، وما أكل السبع ، وما أخذتها الولادة . لما روى البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( أربع لا تجوز في الأضاحي : العوراء البيِّن عورها ، والمريضة البيِّن مرضها ، والعرجاء البيِّن ضلعها ، والعجفاء التي لا تنقي )) رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان . 5. البتراء من الضأن ، وهي : التي قطعت أليتها أو أكثرها فلا تجزئ . العيوب المكروهة : 1. ما قطع قرنها أو أذنها ، أو شيء منهما ، أو في أذنها شق أو خرق . 2. ما قطع ذنبه من الإبل أو البقر . 3. ما سقط شيء من أسنانه . 4. ما نشف ضرعه . وقت ذبح الأضحية : من بعد أسبق صلاة عيد الأضحى ؛ لما روى البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر من فعل فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لأهله )) متفق عليه . وإن لم يكن في البلد صلاة فبعد قدر زمن صلاة العيد . ويمتد وقت الذبح إلى ثلاثة أيام بعد يوم العيد ؛ لما روى نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله - عز وجل- )) رواه مسلم . فإن فات وقت الذبح فإن كان التأخير لعذر كنسيان ونحوه ذبح الأضحية الواجبة كالمنذورة ، والمعينة ، والموصى بها ، وسقط التطوع . مسألة : تتعين الأضحية بالقول ، كقوله : هذه أضحية ، أو لله ونحو ذلك . وكذا بذبحها بنية الأضحية . ويترتب على تعيين الأضحية مسائل : 1. أنه لا يجوز بيعها ولا هبتها إلا أن يبدلها بخير منها ، ولا يبيع جلدها لكن ينتفع به . 2. أنه لا يحز صوفها إلا إن كان أنفع لها ، ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها . 3. إذا تعيبت عيباً يمنع الإجزاء ، أو سرقت ، أو ضاعت فإن كان بفعل منه أو تفريط فيلزمه إبدالها بمثلها ، وإن كان بغير تعدٍ ولا تفريطٍ فيذبحها إذا تعيبت مطلقًا إلا أن تكون منذورة قبل أن يعينها فيجب إبدالها بسليمة . مسألة : يسن أن يأكل ثلث الأضحية ، ويهدي ثلثها ، ويتصدق بثلثها ، فإن أكلها كلها قال العلماء يجوز ، ويجب عليه أن يتصدق بما يقع عليه اسم اللحم ؛ لقوله -تعالى-: } وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ { ]الحج:36[. مسألة : يحرم على المضحي خاصة أن يأخذ شيئًا من شعره أو ظفره أو جلده من دخول عشر ذي الحجة بغروب شمس آخر يوم من ذي القعدة إلى أن يذبح أول أضحية له ؛ لما روت أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي )) رواه مسلم ، وفي لفظ لمسلم : (( فلا يمس من شعره وبشره شيئاً )) . ثانياً : الهدي : تعريفه : هو ما يهدى إلى الحرم من بهيمة الأنعام . ومنه ما هو واجب كهدي المتعة والقران كما تقدم في أحكام الحج ، ومنه ما هو تطوع في الحج والعمرة وغير ذلك ، والنبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة ، متفق عليه . مسألة : والهدي يتفق مع الأضحية في كثير من الأحكام كشروط الإجراء ، وأحكام العيوب ونحو ذلك . مسألة : ويتعين الهدي بما تتعين به الأضحية ، وكذلك يتعين بالإشعار والتقليد . إشعار الهدي وتقليده : يسن إشعار الهدي وتقليده ، والإشعار : أن يشق صفحة السنام اليمنى ، أو يشق محله مما لا سنام له من إبل وبقر حتى يسيل الدم . والتقليد : هو أن تقلد بهيمة الأنعام نعلاً أو خيوطاً ونحو ذلك . والإشعار خاص بالإبل والبقر . وأما التقليد فشامل لكل بهيمة الأنعام . مسألة : يستحب سوق الهدي من الحل إلى الحرم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ساق هديه من ذي الحليفة ، وابن عمر -رضي الله عنهما- ساق هديه من قديد بين مكة والمدينة . والحمد لله و صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .