1 جمادى الأول 1437

السؤال

أنا متزوجة منذ 7سنوات، عانيت كثيرا مع زوجي من خلقه السيئ وتركه للصلاة وتعاطيه للمخدرات، أحيانا كان طيبا أحيانا وعصبيا جدا أحيانا أخرى، وكان يضربني بقسوة رغم أني موظفة ساعدته في بناء البيت وتعليمه في الجامعة، أنا مدرسة تربية إسلامية، أعرف جيدا حقوق زوجي وأحبه كثيرا لكن سوء أخلاقه ومعاملته لي جعلتني أذهب لبيت أهلي لمدة قرابة السنة بعد أن اكتشفت أن له علاقة مع امرأة أخرى تزوجها بعد أن قبض عليه معها وطلبت منه الطلاق وطلقني طلقة واحدة بائنة بينونة صغرى..
سؤالي أن هناك محاولات منه ليردني بعقد جديد وشروط جديدة.. لي منه 3 أبناء أعمارهم ما بين 2-6 سنوات ولا أدري ماذا أفعل؟ فأنا في حيرة بين حياتي وحياة أبنائي..
أرجوكم أشيروا علي فما خاب من استشار..

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
أما بعد..
في البداية نرحب بكِ علي صفحة الاستشارات بهذا الموقع المتميز، وندعو الله سبحانه وتعالي أن يصلح حالك ويهدي زوجكِ ويوفقك لما يحبه ويرضاه، كما نشكرك علي حسن ظنك بموقعنا الكريم، وأسأل الله سبحانه وتعالي التوفيق في الرد علي رسالتك.
لم يأت الإسلام إلا بكل ما هو خير لنا، ولم يأمرنا إلا بما فيه سعادتنا، وكانت شريعته نورا وهداية لنا.. في اتباعها تستقر حياتنا وتنتظم أحوالنا، وحين نسلك مسلكا آخر غير ما حدده لنا الدين، تضطرب معيشتنا وتصير شقاء وبؤسنا وتحيط بنا المشاكل من كل جانب، وندفع ثمن ما اخترناه بأهوائنا غاليا، بل فادحا. وقتها لا نلوم إلا أنفسنا.
ابنتي الغالية.. ذكرت في رسالتك أنكِ تعانين مع زوجكِ بسبب (خلقه السيئ وتركه للصلاة وتعاطيه للمخدرات) فهل تفاجأت بكل هذا بعد الزواج؟!
ألم يتم السؤال عنه حينما تقدم للزواج منك؟
ألم تكتشفي بعضا من هذه الأخلاق الذميمة أثناء فترة الخطبة؟
بالطبع من يحمل هذه الأخلاق ويرتكب هذه الآثام ولديه المقدرة علي تمثيل دور الصالح، لا يستطيع أن يخدع الآخرين طول الوقت.
لم أقصد من لومي هذا مزيد من الآلام، ولكن كثيرا من المعاناة والمشاكل إنما تأتي بسبب سوء اختيار الزوج، وجعل اهتمامنا بالأسباب المادية والاجتماعية هي أساس تقييمنا للمتقدم للزواج، وإغفالُنا لأهم ما يمكن البناء عليه عند الرغبة في الزواج وهما الدين والخلق والتي أشار إليها رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم في حديثه الشريف.
ابنتي الكريمة.. رغم ما ذكرتيه من خصال زوجك وأفعاله، إلا أنني أجد ما حركك وجعلك تتوجهين إلينا بطلب النصيحة هو قولك (اكتشفت أن له علاقة مع امرأة أخري وتزوجها بعد أن قبض عليه معها) وكأنما ما جعلك تثورين وتنتفضين وتغضبين هو الثأر لنفسك ولكرامتك التي أُهينت بسبب زواج زوجك من امرأة أخري، أليس كذلك؟! كنت أود أن تغضبين لله بسبب ترك زوجك للصلاة، أو بسبب تعاطيه للمخدرات، أو بسبب أخلاقه السيئة! فكيف يكون زوجك الأب والمربي والقدوة لأبنائه وهو بهذا الحال؟ كيف يأمر أبنائه بالصلاة وهو تارك لها؟
كيف يغرس في نفوس أبنائه الأخلاق الطيبة والصفات الحميدة وهو مفتقد كل تلك الأشياء؟
كيف يكون قدوة لأبنائه وهم يجدونه مغيب العقل غير متزن في أقواله وفي أفعاله؟
كيف ترتضين لزوجك أن يضربك فيؤذيك وبقسوة ودون سبب؟
وكيف يكون حال أطفالك وهم يشاهدون أمهم وهي تضرب بهذه القسوة؟
ماذا يُغرس في نفسيتهم وكيف تستقر مشاعرهم وهم يعيشون تلك الأجواء المضطربة والتعيسة؟
ابنتي.. بعد أن تم الطلاق، يحاول الآن زوجك مراجعتك، فعلي أي أساس تتم المراجعة؟ الا تدركين أن الزواج يجب أن يكون قائما على طاعة الله؟ وأن الزيجة التي تبعد عن الله سبحانه فعدمها أفضل , وان الزوج الذي لا يحافظ على دين زوجته وأبنائه وإيمانهم فينبغي أن يتركهم ويفارقهم؟!
أعتقد أن المراجعة لابد أن تكون بشروط حازمة وواضحة، وهي بالطبع الصلاح والإصلاح لهذا الزوج، لابد أن تكون العودة بشرط إقامة الصلاة وترك المخدرات وغيرها من المنكرات , فهل هذا ممكن؟ وهل هو علي استعداد للتغيير للأفضل؟ هل وجدت منه ما يطمئن قلبك ويشرح صدرك للرجوع؟
لقد ذكرت – ابنتي الطيبة – أنك تحبين زوجك كثيرا (أحبه كثيرا) فهل أنت علي استعداد لاستغلال طاقة الحب هذه لبذل أقصي ما في وسعك لهداية زوجك والصبر عليه حتى يتعافى مما هو فيه؟
لا تنس – ابنتي – أن لديك ثلاثة أطفال يحتاجون إلي بذل الجهد والوقت لتربيتهم والاهتمام بهم، فهل أنت علي استعداد لتحمل أعباء فوق أعباء؟ هل تفكرين جيدا في حال أطفالك في حالة وجود الأب وفي حالة عدم وجوده في حياتهم، وأي الحالات هي أفضل لهم؟ أعتقد أنك بحاجة شديدة لتقييم الوضع ووضع رؤية مستقبلية لما هو في الصالح لك ولأطفالك.. من المهم مشاركة أسرتك في هذا القرار والعقلاء من عائلتك حتى يكون القرار صائبا، ثم استخيري الله تعالي في صلاة تتوجهين بها إلي الله، فهو سبحانه يعلم السر وما حفي.
وفي الختام.. أسأل الله سبحانه وتعالي أن يكتب لك الخير والاستقرار وصلاح الأحوال، ونحن في انتظار جديد أخبارك فطمئنينا عليك.