كيماوي بشار والنفاق الدولي
19 جمادى الثانية 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

لم يحدث أن تمالئ الشرق والغرب على إبقاء طاغية ومجرم على سدة الحكم في بلده , أو سكتوا بشكل مهين على جرائمه الوحشية بحق شعب أعزل , كما يفعل العالم المنافق هذه الأيام مع طاغية الشام , فعلى الرغم من استمراره بارتكاب أبشع المجازر - تحت سمع وبصر العالم الذي يدعي حماية حقوق الإنسان - إلا أن أحدا لم يلوح بإمكانية إحالته إلى محكمة الجنايات الدولية كما فُعل مع بعض الطغاة من قبله , ولا حتى بإرغامه على التنحي عن الحكم على أقل تقدير , بل على العكس من ذلك فإن التصريحات الغربية تشير إلى رغبتها في بقائه في سدة الحكم , بناء على رغبة يهودية واضحة في الإبقاء على حامي حدودها وحليفها الاستراتيجي منذ أكثر من أربعة عقود متواصلة . لم تعد هناك خطوط حمراء أمريكية أو غربية أمام طاغية الشام , بعد أن تجاوز جميع الخطوط ما فوق الحمراء في الآونة الأخيرة , بعد صفقة تسليم الأسلحة الكيماوية السورية التي أعطت النظام السوري الضوء الأخضر في استخدام جميع الأسلحة في سبيل القضاء على المقاومة السنية والبقاء في السلطة والحكم . وبينما كان النظام العالمي من قبل يتوعد بشار بضربة عسكرية محتملة إذا استخدم الكيماوي ضد شعبه , أو على أقل تقدير يحذر و يندد ويستنكر , فإنه في الآونة الأخيرة على ما يبدو لم يعد يجد مبررا لتكرار هذه العبارات والتصريحات المنافقة , على الرغم من قيام بشار - منذ أكثر من أسبوع - بقصف المدنيين السوريين بالأسلحة الكيماوية السامة أكثر من مرة , في أكثر من بلدة من ريف دمشق وحماة وإدلب وغيرها من المدن والمحافظات السورية . فقد قال ناشطون سوريون : إن الطيران المروحي للنظام ألقى براميل تحوي غاز الكلور السام على بلدة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي , وقالت كوادر طبية : إن الغاز تسبب في نحو مائة حالة اختناق في صفوف المدنيين بالبلدة , إضافة لحالات اختناق أخرى سجلت في قرية التمانعة في ريف إدلب بعد إلقاء المروحيات برميلا يحوي غازات سامة على القرية. وقال مدير صحة محافظة حماة الدكتور حسن الأعرج من مستشفى كفرزيتا بريف حماة : إن هناك عشر حالات بين المسعفين في العناية المشددة، مشيرا إلى أن كفرزيتا تعرضت خلال أسبوع لست عمليات قصف بغاز الكلور , مشيرا إلى أن عدد الإصابات بلغ 400 حالة بينها ثلاث وفيات، مناشدا تدخل المجتمع الدولي لوقف ما وصفها بالإبادة. لم تكن هذه أولى ضربات بشار النصيري لشعبه السني بالسلاح الكيماوي بعد إحجام المجتمع الدولي عن لجمه سابقا عن تكرار هذه الجريمة البشعة بحق شعبه , فقد أعلن مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، أنه رصد استخدام النظام السوري خلال العام الجاري غازات كيمياوية وسامة 14 مرة ضد أهداف مدنية وعسكرية، أسفرت عن مقتل 22 وإصابة 259 . إلا أن خطورة هذه الضربات الكيماوية الأخيرة تكمن باكتسابها موافقة دولية ضمنية , من خلال السكوت المريب والمخزي من قبل أمريكا والدول الغربية على ذلك , وسط تقارير تشير لميل هذه الدول إلى أفضلية بقاء بشار في الحكم رغم جريمة حرب الإبادة التي يقودها ضد شعبه . ومما يزيد الأمر خطورة وكارثية أن مكتب توثيق الملف الكيماوي السوري صرح أمس الجمعة أن غاز "الكلور" السام الذي يستخدمه النظام مؤخراً لقصف مناطق سيطرة الثوار، لا يدخل ضمن الأسلحة الكيميائية التي تم الاتفاق على تسليمها , مما يعني أن هذا السلاح قد يستخدم لقتل المدنيين الأبرياء دون أي مساءلة قانونية أو دولية . ومع أن الكلور غاز خطير وسام ومن الممكن أن يؤدي استنشاقه إلى الوفاة ، ومن السهل تصنيعه وتعبئته في قنابل وصواريخ في نفس الوقت كما صرح بذلك نضال شيخاني مسؤول العلاقات الخارجية في المكتب , إلا أنه لا يعتبر من الأسلحة الكيماوية السورية المطلوب تسليمها للمجتمع الدولي . وإذا ما أضفنا إلى هذا وذاك تأكيدات المكتب بأن النظام السوري استعان مؤخراً بخبراء إيرانيين وروس لتصنيع قنابل قادرة على حمل غاز الكلور وقصف المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة , محذراً من توسيع نظام بشار من نطاق استخدام تلك الأسلحة خلال الفترة القادمة في ظل الصمت الدولي عن جرائمه وتذرّعه بمحاربة الإرهاب - وفقا لوكالة الأناضول - , فإن الأمر بلا شك يزداد تعقيدا وكارثية على الشعب السوري الأعزل الذي يعاني منذ سنوات من إرهاب نظام بشار المحمي إقليميا ودوليا . إن الحقيقة المرة التي يتجرعها كل مسلم وهو يقرأ هذه الكلمات , ويرى بأم عينيه التواطؤ الغربي مع بشار , والعداء الدولي السافر والمعلن للشعب السوري السني , هي ذلك الوهن والضعف والتفكك العربي والإسلامي الغير مبرر , حيث يتمالئ العالم بأسره من أجل القضاء عليه علنا , وهو ما يزال في غفلة عن ذلك الخطر المحدق به ؟!!