22 ذو القعدة 1435

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا شاب محافظ على صلواتي ولله الحمد والمنة، وأحمل شهادة الماجستير في الهندسة، وأعمل في وظيفة جيدة جداً..
أثناء دراستي للماجستير تعرفت على إحدى الفتيات مصادفة، ويعلم الله أني لم أكن أريد شراً بهذه العلاقة؛ لأن أخلاقي وخوفي من الله يمنعانني من ذلك. وبعد تخرجي والحصول على الوظيفة صارحتها ولأول مرة أني أريد التقدم لها ووافقت وكانت فرحة جداً..
ثم أقنعت أهلي أني وجدت فتاة مناسبة ومن عائلة طيبة.. وأني تعرفت عليهم عن طريق صديقي بالعمل وأنه سيكون حلقة الوصل بيننا في هذا الأمر.. والحمد لله واقتنع أهلي بالأمر ولله الحمد.. وتقدموا لخطبة الفتاة، وكان والدها موافقا موافقة مبدئية على الأمر، لكن للأسف والدتها لم توافق بشدة وذلك لاختلاف الجنسية بيني وبينها!
لكني ما زلت إلى الآن أرغب بالزواج بهذه الفتاة وهي كذلك، خصوصاً أنها ذات خلق ودين، كل ما أريده هو نصيحتكم لي بهذا الأمر.. هل أخبر أحداً من أهل الصلاح للتوسط بالموضوع طالما أننا اردنا الزواج وهو أمر مباح مبارك. وهل تنصحونها أن تخبر هي أهلها بأنها تعرفني جيدا.. وشكرا لكم.

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..ومرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم... وأصلح الله لك شأنك كله، ووفقك لما يحبه ويرضاه.
مشكلتك أخي تتمثل في الرفض من جانب أم الفتاة التي تقدمتم لخطبتها؛ بسبب اختلاف الجنسية. وهذا بعد خطوات بدأت بارتياحك لها وتأكدك من قبولها وإقناع والديك حتى تقدموا لخطبتها.
أخي الكريم:
بداية أسأل الله أن يجزيك خيرا ويتقبل منك ما ذكرته من تحريك لمرضاة الله، وخوفك من مخالفة شرعه، ومن ثم سلوكك السبيل الذي أمر به جل وعلا، والذي أفترض معه كذلك أن ما تذكره من تعرفك على الفتاة أثناء دراسة الماجستير ثم مصارحتها برغبتك في الزواج لاحقا.. لم يكونا بعيدين عما تذكره من التزام بمرضاة ربك؛ وتجنب لما نهى عنه!
كما أوصيك أخي ألا يكون الارتياح والقبول بينكما سببا لفتح باب من التوسع في التواصل ولو بالهاتف أو البريد وغيرهما من وسائل التقنية؛ فما زالت أجنبية عنك، وقد منّ الله عليك بإتيان البيوت من أبوابها؛ فالزم هذا السبيل القويم؛ حتى يأذن الله بما هو به عليم!
أخي المبارك:
أود في البدء أن أقف معك وقفة مع أمر اختلاف الجنسية:
فالأمر الذي لا شك فيه أن جنسية الشخص ليست من شروط الزواج في شرعنا الحكيم، ولا مما يرتبط به القبول أو الرفض، بل يُبنى الزواج والبيوت على الدين والخلق في الأساس.
ولا يتنافى مع ذلك أن النظرة العاقلة والحكيمة للأمر تتطلب ملاحظة عدة أمور (طالما لم يتم الارتباط وعقد الزواج): منها أن تكون الجنسية تواجهها عقبات وعوائق مستمرة في دولة الطرف الآخر تكدر حياتهما..
ومنها أن تكون العادات والتقاليد بين البلدين متباعدة ومتغايرة؛ بحيث تؤثر بقوة على التوافق والانسجام، ونحو ذلك مما يلاحظ.. للتأمل والتأني ثم الاستخارة قبل عقد العزم على الزواج.
فإذا حصل ما يلزم من التأمل والنظر والتشاور ثم الاستخارة، كما يبدو في حالتك هنا، مع القبول من الطرفين، وكذلك موافقة أهلك وتقدمهم فعليا للخطبة، فنحن أمام عدد من العوامل التي لا يُستهان بها.. في مقابل رفض أم الفتاة في المقابل!
وأوافقك الرأي في فكرة توسيط بعض أهل الصلاح لإقناع الأم؛ فهي فكرة صائبة؛ خصوصا أن التوافق حاصل على أسس طيبة من الخلق والدين والقبول، هذا مع موافقة والدها كذلك؛ فلعل الله تعالى يتم بهذه الوساطة توافق الأسرتين برضا الأم!
وإلى أن تتم خطوات هذه الوساطة.. لا تغفل عن الدعاء؛ فالمولى البر الرحيم الذي منّ عليك بالسبيل الرشيد لن يخذل من يريد الحلال والعفاف، وهو من بيده التوفيق كله، كما أنه جل وعلا له الحكمة البالغة.. فامض في سبيلك برفق وتوكل على الله، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك!