6 شعبان 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ سنتين من بداية زواجي، أنا وزوجي نعاني من مرض لا نعلم نوعه ولا كيف نتغلب عليه، وبدأت المشاكل بعد أول أسبوع زواج، وصلت للإهانة والضرب وعدم الاحترام.
ذهبنا لشيخ قال فينا سحر تفريق! وأخذنا الكورس وعملنا عمرة ولكن تصرفاتنا مع بعض غريبة؛ فزوجي يغضب ويتضايق من العدم أو من أتفه الأسباب وأنا أحياناً أقوم بتصرفات غريبة أكلمه كأني جن أو شيطان وأقهره بتصرفات ما تليق وأبوح بكلام ما يليق وأعود أندم، وهو أصبح برأسه أنه إذا أنا زعلت وتخاصمنا معناها فوقي شيطان ما هو برضاي؛ لأنه عرفني قبل الزواج مرحة وطباعي غير وأنا فعلا تغيرت حتى عن أهلي وصرت انطوائية وأحب الوحدة وأخاف كثيراً، وأحياناً أفكر بالهروب أو الانتحار!!
وإذا وصلت لهذه المرحلة أراه يهدأ ويكون معي جيد! وإذا رآني مبسوطة وتمام يخلق مشاكل حتى وهو بعيد أقصد مغترب.. أرجوكم ساعدوني.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه...
أختي الفاضلة: أشكركِ على ثقتكِ بموقع المسلم، ومتابعتكِ له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منَّا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أختي الكريمة: فهمت من خلال عرضكِ لمشكلتكِ، أنَّكِ تعانين من سحر تفريق، حدث لك بعد الزواج، وأنك تعالجت عند شيخ، وما زالت آثاره فيك وبزوجك، وهذا السحر أثر على تعاملك مع زوجك والآخرين، حيث اختلف تعاملك وتغيرت أخلاقك، كنت قبل محبوبة ومرحة، والآن سيئة وانطوائية، وتطلبي من إخوانك في موقع المسلم الإرشاد والتوجيه، أبشري أختي بكل خير، فما عليك إلا اتباع التوجيهات والتوصيات الآتية:
أولاً: " سحر التفريق حلم الشيطان وغايته ".
يعتبر سحر التفريق هو أقوى أنواع السحر على الإطلاق، لأنه غالبًا ما يفرق بين المرء وزوجه، وهي أقوى علاقة على وجه الأرض، قال الله تعالى: " فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه " البقرة: 102. فهذه دلالة قاطعة بوجوده والتنبيه إليه في القرآن الكريم لخطورته، وما يترتب عليه من آثار مدمرة للأسرة والمجتمع.
علامة الشفاء من سحر التفريق أن تشعري بفرح وخفة، وإشراقة على الوجه، ووضوح في البصر، وتشعري بفراغ في صدرك، وتحسي كأنك كنت غائبة شاردة في عالم غريب، ولا تشعري بضيق أو حزن، فإن شعرت بهذا فاحمدي الله وشكريه على هذه النعمة الغالية، واسجدي لله سجود الشكر، وتصدقي بما أعطاك الله من فضله، والتزمي بما أمرك الله به قدر الاستطاعة، فإن الله لا يكلف نفس إلا وسعها.
ولكن من خلال عرضك لمشكلتك، ما زلت لم تشفَي بعد من السحر تماماً، ولذلك لو تكرري الرقية الشرعية مرارًا وتكرارًا، حتى تستشعري ما ذكرته لك من علامات الشفاء.
ثانيًا: " أنفع الرُّقى على الاطلاق ".
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث المريض، إذا اشتكى على أن يرقي نفسه بنفسه، فعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده، فقال له رسول الله صلى عليه وسلم: " ضع يدك على الذي يؤلمك من جسدك، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شرِّ ما أجد وأحاذر " رواه مسلم.
إن أنفع الرقية، وأشدها تأثيرًا رقية الإنسان نفسه بنفسه، وذلك لما ورد من النصوص على عكس ما اشتهر عند كثير من الناس من البحث عن قارئ حتى ولو كان عاميًا أو مشعوذًا، وقراءة سورة الفاتحة هي من أهم وأنفع ما يقرأ على المريض، وذلك لما تضمنته سورة الفاتحة من إخلاص العبودية لله، والثناء عليه، وتفويض الأمر كله إليه، والاستعانة به والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها، ولما ورد فيها من النصوص.
فعليك أختي – شفاك الله وعافاك – أن ترقي نفسك بنفسك، والرقية من السحر موجودة ومتوفرة، فما عليك إلا الحصول عليها، وتكرار قراءتها صباح مساء، بنية شفائك من سحر التفريق، ولا تقفي عن تكرارها أبدًا حتى تصلي إلى علامات الشفاء التي ذكرتها لك.
ثالثًا: " زوجك هو جنتك ونارك ".
الزوج له القِوامة على بيته وأهله، لأنه هو من يعولُ الأسرةَ ويُدافعُ عنها، ويحميها ويصرف أمورها لِما حباه المولى عز وجل من قوة بدنية، ورزانة في العقل، وقوة في ضبط المشاعر مما يُمكنه من قيادة هذه الأسرة وتدبير أمرها، وتذليل العقبات التي تعترضها من بعد مشيئة الله، وعليك أختي قدر المستطاع احترام وتقدير زوجك، لا شك أنك متعبة من آثار السحر، ولكن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
رابعًا: " اختلطي بالناس ولا تنطوي على نفسك ".
عَنِ اِبْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – " اَلْمُؤْمِنُ اَلَّذِي يُخَالِطُ اَلنَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ اَلَّذِي لَا يُخَالِطُ اَلنَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ " أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
مخالطة الناس لا بد وأن يكون فيها بعض الشقاء والعناء، ولا بد وأن يكون فيها بعض النكد والضيق، ولكن احذري أختي من الانطواء على النفس، ففي ذلك دمار نفسيتك، وزيادة لأحزانك ومعاناتك، بل اختلطي بمن حولك من أهل وأقارب صالحين، فهم وسيلتك للخروج من أزمتك ومرضك، بعد دعاء الله والالتجاء إليه في كل وقت وحين أن يصرف عنك شرَّ الأشرار، وأن يدفع عنك كل مرض وسوء.
خامسًا: " احذري الانتحار فهو خسارة الدنيا والآخرة ".
الانتحار محرم في الإسلام، لقوله تعالى: " وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً " النساء:29. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًا فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا " رواه مسلم. فالنفس ملك لله، وليس لأحد أن يقتل نفسه، فحذاري حذاري من مجرد التفكير بالانتحار، فكل مشكلة ولها حل، وكل داء له دواء وإن طال الزمن.
أسأل الله لك الصحة والعافية.