"حمص" تفضح سوءات الغرب
10 رجب 1435
خالد مصطفى

عامان من الحصار والتجويع وقف فيهما المجتمع الدولي بجميع هيئاته ينظر إلى ما يجري في حمص وكأن أهلها لا ينتمون للبشرية التي يدافعون عنها ويوجهون الإنذارات تلو الإنذارات لدول وأنظمة تنتهك بعض حقوقها ويهددونها بالعقوبات, في حين أن أهالي حمص رمز الثورة السورية على نظام بشار الأسد الذي طالما انتقده الغرب واعتبره طاغية فاشي يجب محاربته وإنهاء حكمه لم يحصلوا على أي قدر من الاهتمام ولو بمجرد إرسال مساعدات بسيطة تحفظ أرواح الأطفال والنساء...

 

ولم يسع الغرب طوال عامين وهو يجري محادثات هنا وهناك مع نظام الأسد ومع من يقفون وراءه أن يجبره أو يضغط عليه أو يضع شروطا في تفاهمات تسمح بدخول الطعام والشراب والدواء لأهل حمص المحاصرين وهو ما تدعو إليه أبسط معايير حقوق الإنسان التي يتشدق بها الغرب ليل نهار..لم يكلف الداعون للحفاظ على حياة الحيوانات والذين منعوا المسلمين من الذبح الشرعي للأبقار والأغنام بحجة أنها انتهاك لحقوق الحيوان وتؤذي مشاعره! لم يكلفوا أنفسهم بالتدخل لإلقاء مساعدات لهؤلاء المحاصرين رغم أن التقارير بالصوت والصورة خرجت لتكشف عن أنهم بدأوا في أكل القطط والكلاب بعد أن نفد ما لديهم من طعام وشراب بل أن ورق الشجر قد نفد أيضا بعد أن اقتاتوا عليه لفترة طويلة...ولم ينطق مسؤول غربي ببنت شفة والمئات يسقطون موتى بسبب الجوع والحصار ونقص الدواء بالإضافة للقصف المتواصل عليهم من قوات الأسد...

 

إن سياسة المصالح النفعية التي ينتهجها الغرب كشفت عن أقبح ما فيها خلال الأزمة السورية فبعد أن أعلن الغرب انه سيوجه ضربة عسكرية لنظام الأسد لاستخدامه السلاح الكيماوي تراجع بعد أن وجد منفعة أخرى مع إيران من خلال صفقة علنية تتعلق يسلاحها النووي وصفقة سرية ما زالت تفاصيلها خافية...

 

الغرب الذي تدخل سريعا في كوسوفا خوفا من تنامي مقاومة إسلامية مثلما حدث في البوسنة قد تؤثر على موازين القوى في البلقان وأجبر ميلوسيفتش على الانسحاب ووقف هجماته يقف أمام بشار الأسد صامتا لسبب بسيط أنه وجد أن الخيار الآخر سيكون أسوأ بالنسبة له ولـ"إسرائيل" من الاسد.. وليقتل الأسد من شاء بالقذائف أو البراميل المتفجرة أو الغاز السام ما دام أنه في النهاية سيكتفي بشتم "إسرائيل" وإلقائها في البحر في خطاباته فقط وسيجلس للتنسيق معها في السر كما يفعل حلفاؤه في إيران...

 

الاتفاق الذي عقده الثوار مع نظام الاسد جاء حماية للمدنيين من النساء والأطفال بعد أن تخلى المجتمع الدولي عن واجباته وتركهم فريسة لنظام همجي...لم يخشى الثوار على أرواحهم بقدر من خوفهم على أرواح الأبرياء وأصروا في عزة وشموخ على الخروج إلى المناطق التي يريدونها بأسلحتهم وهو ما يؤكد أن النظام كان يجد منهم الكثير من الممانعة والقوة رغم الحصار الشديد..ستظل حمص رغم ما جرى رمزا للثورة السورية وسيظل أهلها الصابرون عنوانا لتخاذل العالم ووحشية نظام الأسد.