أنت هنا

من انهزم في حمص ؟!
13 رجب 1435
موقع المسلم

كثير من مجريات الثورة السورية الرائعة، يبدو بالنسبة إلى المُشاهد العابر،أجزاء مبعثرة من مسرحية  عبثية تستعصي على التفسير.

وأحدثها قبل أيام، احتفاء هولاكو العصر وزبانية المجوسية الجديدة في كل مكان بدخول قطعانهم إلى مدينة حمص بعد أن غادرها ثوارها ومن تبقى من سكانها أحياء.. وفي الوقت نفسه، اشتعلت صفحات السوريين على موقعيْ: تويتر وفيسبوك بلقطات لنجم حمص والثورة السورية كلها: عبد الباسط الساروت  وهو يضحك من قلبه الأبيض في أثناء تناوله وصحبه بعض الطعام، الذي حرمهم منه حصار الهمج زهاء سنتين، حتى أكلوا ورق الشجر وكثيراً من الأطعمة المحرمة شرعاً، والتي تباح في حالة الضرورة لا غير!! وقال الساروت وهو يمضغ لقيمات: نحن لم ننهزم. سنكمل ثورتنا وثورتنا منصورة بإذن الله!!

 

الساروت / الرمز  يختصر حكاية الشعب السوري، لأنه التحق مبكراً بالمظاهرات السلمية الأولى، واشتهر  بإنشاده المقطع المعبّر ،الذي حطّم حاجز الخوف: " اللي بيقتل شعبو خاين"!!

وكان الشاب الشهم عبد الباسط قد أبكى السوريين في يناير الماضي عندما استشهدت كتيبته ثمناً لمحاولة فك الحصار.

كتب الساروت يومها: "عرس جماعي لـ 62 بطلاً نالوا الشهادة في ظروف لا تصدق، كانوا يحملون على أعناقهم هم 3000 نسمة في حمص المحاصرة، وكانوا آخر أمل لفك هذا الحصار اللعين، رحمكم الله يا أبطال، عذرا يا رجولتي لا أسطيع منع نفسي عن البكاء".

 

ونعى على صفحته الرسمية استشهاد شقيقيه "أحمد" و"عبدالله" اللذين شاركا في معركة فك الحصار، بعد أن كان قد ودع شقيقين آخرين له "وليد" الذي استشهد أواخر عام 2011 و"محمد" الذي استشهد في مطلع عام 2013 بحسب ناشطين.
خروج الساروت سالماً بعد كل هذه الأهوال، أثلج صدور السوريين، وكلماته أوقفت مسلسل الحزن العارم،وحملات الشتم والتخوين المتبادلة  بين حمقى الشبكة العنكبوتية وبعض منابر الفصائل المتناحرة!!

 

هنا يبدأ المشاهد العابر أقرب إلى استيعاب الحقيقة، والتغلب على مهازل بشار وبهائمه في سوريا وفي الخارج..

فالانسحاب في حروب التحرير غير المتكافئة عدداً وعتاداً، أمر مألوف.. فكيف وقد ثبت أقل من 1000 مقاتل ومعهم 2000 من المدنيين العزل، فلم يستطع القتلة دخول مناطق حمص المحاصرة،بالرغم من فتك الطيران المستأسد بقرار صليبي صهيوني صفوي، ومن الصواريخ التي لم يُطلق واحد منها على اليهود حتى في مسرحية 1973م؟

 

وفشل التجويع مدة 700 يوم، في النيل من عزيمة هؤلاء الأبطال الأفذاذ..

لم يخرجوا إلا بعد أن ركع الطاغية المجرم نفسه،واضطر إلى التفاوض معهم، عندما أَمَرَهُ سيده خامنئي و شريكه القاتل الروسي بوتن.. ففي أيدي المجاهدين جاسوسة مجوسية ثبتت أهميتها الفائقة، وعسكري روسي مجرم..

 

فالاتفاق تمّ هذه المرّة بإرادة الإيرانيين وبالتنازلات التي وافقوا عليها، خصوصاً في ما يتعلّق منها بشروط خروج المقاتلين بما يستطيعون حمله من أسلحة وانتقالهم الى ريف حمص الشمالي. كما أن وجود مفاوضَين ايراني وروسي فضح بالدليل الدامغ هيمنة  البلدين المجرمين على القرار الأسدي علانية..

 

ومن الآثار المترتبة على الصفقة، اندحار أكذوبة العصابات المسلحة التي تاجر بها الطاغية منذ أن انتقم من أهل درعا في الأيام الأولى، ولم يكونوا قد رفعوا حتى شعارات تطالب بالإصلاح.. كل ما طلبوه يومئذ هو الكرامة ومحاسبة الإرهابي عاطف نجيب ومحافظ درعا الطائفي الآخر فيصل كلثوم..

 

خرج المقاتلون من حمص فإذا هم جميعاً سوريون!! بل هم كلهم من أهل حمص (باللهجة السورية: حماصنة)!!

 

إنها بصقة كبرى سددها هؤلاء الصامدون ليس على الطاغية الوضيع وحده، ولا على سيديه الأشد دموية وحقداً: خامنئي وبوتن فقط،وإنما على "المجتمع الدولي" التافه، الذي يتواطأ مع جزار مثل بشار، ضد شعب عظيم قدّم نموذجاً لقدرة العين على مقاومة المخرز، بل مخارز الصادات الثلاث: الصليبية- الصهيونية-الصفوية.

 

لكن أعداء الله يمكرون والله خير الماكرين.. فالسوريون موقنون من النصر على حلف الحقد الأسود، وهم مطمئنون إلى وعد رب العالمين في محكم التنزيل:
{إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ }آل عمران160