لماذا تعطل إيران اختيار رئيس لبنان؟
17 رجب 1435
خالد مصطفى

للمرة الرابعة فشل البرلمان اللبناني في اختيار رئيس جدد للبلاد بعد أن أفشل تنظيم "حزب الله" الشيعي وحلفاؤه الجلسة بعدم اكتمال النصاب المطلوب وهو ثلثي أعضاء البرلمان وهو أمر كان متوقعا حيث يرفض الحزب حتى الآن بدون سبب مفهوم تقديم مرشح له للرئاسة أو التوافق مع القوى الأخرى حول مرشح محدد...

 

فريق 14 آذار المعارض لنظام الأسد والذي يتزعمه تيار المستقبل السني أيد ترشيح سمير جعجع رئيس ما يعرف بحزب القوات اللبنانية والمعروف بمعارضته الشديدة لسلاح حزب الله لكن جعجع فشل في المرة الأولى في الحصول على ثقة الثلثين المطلوبة من أجل الفوز بالرئاسة حيث امتنع معظم نواب حزب الله وحلفائهم من "المسيحيين" عن التصويت..اللبنانيون يخشون من هاجس الفراغ وهو أن تنتهي مهلة الرئيس الحالي ميشال سليمان في 25 من الشهر الجاري دون أن يفلح مجلس النواب في اختيار رئيس جديد للبلاد وهو ما يعني دخول البلاد إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار ويبدو أن قوى داخلية وخارجية تسعى إلى ذلك في هذا التوقيت بالتحديد حيث أصبح سلاح حزب الله وتدخله في سوريا للقتال دفاع عن نظام الأسد أحد أكبر القضايا التي تشغل بال اللبنانيين ويراهنون على الرئيس القادم لحلها أو على الأقل للضغط في اتجاه حلها...

 

اللبنانيون تعرضوا لاضطراب أمني وتفجيرات ومعارك جراء التدخل الشيعي فيما يجري في سوريا حيث هناك من يتفق مع نظام الأسد لأسباب طائفية وهناك من يعارضه بشدة بسبب المجازر التي يرتكبها ضد المدنيين وهو ما أدى لتشاحن وصدامات...ورغم أن قرار الدولة اللبنانية هو عدم التدخل فيما يجري بسوريا إلا أن حزب الله تحدى هذا القرار علانية وأكد إرساله عدد كبير من المقاتلين إلى هناك للدفاع عما أسماه "العتبات المقدسة"عند الشيعة وتحت ذريعة حماية اللبنانيين من "التكفيريين", في إشارة للثوار السنة وهو ما أدى إلى تزايد الاحتقان الطائفي في لبنان....

 

التركيبة اللبنانية بطبيعتها قائمة على توازنات طائفية فالرئاسة "للمسيحيين" الموارنة ورئاسة الحكومة للسنة ورئاسة البرلمان للشيعة ـ بحسب اتفاق الطائف ـ لكن "المسيحيين" منقسمون سياسيا فبعضهم مع نظام الأسد وإيران لمصالح يرونها مثل التيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشيل عون والبعض الآخر ضد نظام الأسد وإيران مثل القوات اللبنانية وحزب الكتائب وبالتالي اختيار الرئيس الجديد يخضع لحسابات طائفية وسياسية....

 

الطبيعي أن يتفق كل فريق على مرشح ويقدمه ويسعى للحصول على توافق بعض النواب الغير منتمين لكلا الفريقين أو يقنع الفريق الآخر به وهو ما فعلته قوى 14 آذار لكن حزب الله ورغم ما يشاع عن رغبة ميشيل عون حليفه في الترشح للرئاسة ما زال يرفض تأييده والدفع به كمرشح لفريق 8 آذار فيا ترى ما السبب؟ البعض يرى أن موقف عون غير المؤيد لتدخل حزب الله في سوريا هو السبب الرئيسي بينما يرى البعض أن إيران تسعى بواسطة حزب الله لوضع لبنان في مأزق الفراغ من أجل تخفيف الضغط على الأسد وإشغال الرأي العام الإقليمي والدولي بلبنان وإشعال الوضع الداخلي فيها بخلافات ومعارك جانبية..إيران دائما ما تستخدم لبنان كورقة ضغط وبوابة خلفية تلاعب بها الغرب وتستخدم حزب الله من أجل تنفيذ هذا المخطط كما جرى سابقا عندما خطف الحزب جنديين "إسرائيليين" وشن الكيان الصهيوني حربا ضد لبنان ودمر فيها الكثير من المناطق في الوقت الذي كان الخلاف بين الغرب وإيران على أشده بشأن الملف النووي...

 

اليوم الفراغ في لبنان يصب في مصلحة الفوضى التي تريدها إيران لخدمة نظام الأسد وتمرير الدعم اللازم له عن طريق لبنان كما ستضمن عدم وجود حلف قوي يقف ضد سلاح حليفها حزب الله ونفوذه المتزايد والذي يحقق لها مكاسب استراتيجية في المنطقة.