أنت هنا

كبير النصارى في القدس الأسيرة.. حملة صليبية ناعمة؟!
27 رجب 1435
موقع المسلم

من الناحية المبدئية، لا جديد في زيارة كبير النصارى الكاثوليك إلى المشرق الإسلامي وفلسطين المحتلة تحديداً، والأردن كمَعْبر ومَخْرَج شكلي لئلا يبدو موقف الفاتيكان من الظلم الصهيوني على حقيقته: جزءاً لا يتجزأ من الموقف الغربي الجائر..

فهذه المنطقة تقع في قلب اهتمامهم، لأنها قلب العالم الإسلامي، ومكمن قوته التي دحرتهم مرات ومرات..

 

وفيها وليدهم اللقيط: الكيان اليهودي وملايين من أتباع ملتهم، الذين أبقى عليهم المسلمون بما تعلموه من إسلامهم من عدل فريد ورأفة لا مثيل لها..

 

كبير الكاثوليك إذاً جاء يتفقد سائر النصارى وليس أتباع كنيسته فحسب..ذلك أن أهل الصليب تجاوزوا خلافاتهم الأساسية الحادّة، وتناسوا بحور الدماء التي أراقوها في حروبهم الدينية الفظيعة.

 

جاء في ظل حملة إعلامية ضخمة تفتعل مظلمة نصرانية لا وجود لها على أرض الواقع، بل إن النصارى هنا يعيشون عصرهم الذهبي، ليس بمعيار مالي واقتصادي حيث يبذخون في مجتمعات أفقرها الطغاة من عملاء الغرب، وإنما بات تأثيرهم السياسي مفضوحاً وعلنياً. إذ لم يعد صوت القبط خفياً وأظفارهم مكشوفة في مصر على حساب الأكثرية الكبرى من المسلمين.. وصارت بلدان جميع أهلها مسلمون تحتفي بكبير القبط احتفاء يستفز أكثر الناس حلماً..

 

وفي الشام تحالف الصليبيون مع الطاغوت النصيري فهم يشاركون في قتل المسلمين وتشريدهم من ديارهم..

 

حتى في فلسطين المحتلة لا يعاني النصارى شيئاً من حيف اليهود: أعداء الأمس حلفاء اليوم..

 

لكن المفارقة في زيارة بابا الفاتيكان هذه، أنها تزامنت مع خلو منصب رئاسة الجمهورية في لبنان من رئيس جديد.. وهو رئيس الجمهورية النصراني الوحيد في المشرق الإسلامي..ومن عجيب أمر القوم أن من يفرض هذا الفراغ على لبنان هم المجوس الجدد بزعامة خامنئي..

 

والصفويون أصبحوا حلفاء للصليبيين في منطقتنا برعاية الغرب بشقَّيْه: العلماني والكنسي لإقامة حلف الأقليات لحماية كيان الغصب والظلم في فلسطين والتآمر على أمة التوحيد..فما آن لنا أن ننسى تنحية بطريرك الموارنة في لبنان نصر الله صفير بتواطؤ فاتيكاني شبه معلن، فقط لأن الرجل الذي لا يقل صليبية عن سواه،  يرفض تحالف الأقليات لأن لديه وعياً ذكياً بحقائق التاريخ والجغرافيا، وليس حباً بالمسلمين..

 

وليس ببعيد عنا زمانياً، عداء خليفته بشارة الراعي للشعب السوري، وتبريره سلاح حزب اللات الذي يشارك بوحشية في نحر السوريين!!

 

فما للفاتيكان لا يجرؤ على معاتبة حليفه الصفوي الذي سدد طعنة للموارنة بخاصة وللنصارى بعامة، بمنعه انتخاب رئيس لجمهورية لبنان خلَفاً لميشيل سليمان الذي انتهت مدته يوم السبت الأخير؟
إن الزيارة المريبة تجدد طرح أسئلة يتعامى عنها التغريبيون في بلاد المسلمين تعامياً متعمداً، لأنه تفضح تناقضات سادتهم الغربيين..

 

فالغرب العلماني في بلاده حتى النخاع، أقام بنفسه ثلاث دول على أساس ديني-وهذا يختلف حتى عن غض النظر عن إنشائها ويفترض فيه السعي إلى منع تأسيسها-
الأولى هي دولة الفاتيكان الكرتونية بمساحتها وطبيعتها.. والثانية هي الكيان الصهيوني .. والثالثة لبنان كحاضنة للنصارى. 

 

هي دول غير طبيعية ولذلك تنشأ من أعلى بالقوة الخارجية الحارسة وتبقى بالقوة نفسها مهما بلغت قوتها الذاتية( تل أبيب أصدق شاهد على ذلك!!)..

 

وكل من تلك الدول تسمى في العلوم السياسية: دولة وظيفية.. ولذلك تجد التعاون بينها مستمراً وقوياً، حتى لو اضطر أطرافها إلى التعتيم على علاقتهم لأسباب وعوامل تتعلق بالاستهلاك المحلي..

 

وأما العجب فهو البغضاء الدفينة لدى اليهود والنصارى على المسلمين، بالرغم من تسامحنا مع أهل الذمة منهم مئات السنين، لكن أهل الباطل لا يحفظون عهداً ولا يلتزمون ميثاقاً ويغلب حقدهم على الفطرة السوية التي تجعل صاحبها وفياً لمن أحسن إليه ..

 

لقد تفرق شملهم إلا علينا، فحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل.. وآن للغافلين منا أن يستيقظوا من رقادهم وسذاجتهم المفرطة..والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.