إعلام صهيوني بلسان عربي
20 رمضان 1435
منذر الأسعد

قبل نحو نصف قرن من الزمان، فوجئ العالَم بطاغية تونس المشتط في تغريبه وزندقته: الحبيب بورقيبة، يدعو العرب والفلسطينيين منهم بخاصة إلى القبول بكيان الاغتصاب الصهيوني لأنه أمرٌ واقع!!!

 

وهنا فضح الهالك بو رقيبة زيف تلميع الاستعمار الفرنسي له عندما منح تونس استقلالاً شكلياً وسلّط بورقيبة عليها –بعد إطلاق لقب: المجاهد الأكبر!! عليه- ليفرض على شعبها المسلم كل ما عجز المحتل عن تمريره!! فكيف يجوز لتونس أن تستقل عن غاصبها ثم يتولى "زعيمها وصانع استقلالها!!" – كِبْرَ دعوة فاجرة للخضوع إلى العدو اليهودي؟؟!!

 

ثار الناس جميعاً- بالرغم من قلة الوعي في تلك الفترة- على طاغية تونس فوُئِدَت دعوته البائسة في مهدها، فخنس وخرس..

 

في الوقت الحاضر نُكِبَت أمتنا بمتصهينين فاقوا بورقيبة في الخيانة، فالمقبور المذكور كان أشد مكراً من أن يجهر بالمساواة بين العدو المعتدي والشعب الفلسطيني البطل، وإنما سعى إلى تمرير عمالته بادعاء " الواقعية وعجز العرب عن تطهير فلسطين من الغاصبين..

 

المتصهينون اليوم أشد وقاحة وفجوراً، إذ إنهم تجاوزوا حتى الظلم النذل الذي يساوي بين السفاح وضحاياه، فهم قد اصطفوا جهاراً نهاراً مع أعداء الله وأعداء العرب والمسلمين، ويدعون الله تعالى أن ينصر حبيبهم الإرهابي الأكبر نتنياهو على فلسطين وأهلها المرابطين..

 

بالطبع، لا تنطلي خدعتهم الوضيعة على طفل رضيع، فهم يضعون لخيانتهم الصفيقة قناعاً يثير السخرية منهم، فهم يزعمون أنهم مع اليهود ضد حركة حماس!!!

 

هذه الفرية ساقطة لأن ربع ضحايا العدوان الصهيوني الأثيم الحالي على غزة المحاصَرة هم من الأطفال.. والذين يقاومون العدو في غزة رجال من مختلف فصائل المقاومة:حماس-الجهاد-فتح-.....

 

ولكنها حيلة ساقطة شرعاً وعقلاً حتى لو كان اليهود لا يستهدفون إلا حماس، فلا حياد أصلاً في أي مواجهة بين الكافر المعتدي والمسلم المعتدى عليه، مهما كان وضع هذا المسلم ومهما كان لنا عليه من ملاحظات ومآخذ!!! لقول الحق جل وعلا في كتابه العزيز:

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال72].

 

إن من  يضلله علماء السوء فيظن المسألة خلافاً سياسياً وحرية رأي، عليه أن يتنبه إلى خطورة هذه القضية فهي ولاء وبراء كفر أو إيمان، والنصوص المُحْكَمة التي تبيِّن ذلك كثيرة وجلية، وهي لا تترك عذراً لمن يعتذر بالجهل. وهذه بعضها بما يتسع له المجال المحدود لهذه المقالة، ونبتدئ بالآيات القرآنية الكريمة:

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة71].

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً} [النساء144].

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة51].

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} [الممتحنة1].

 

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة23].

 

وفي السُّنَّة الشريفة ثبت بنصوص كثيرة وجوب نصرة المسلم والنهي الشديد عن خذلانه، كقول رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم –في الصحيحين-: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ» .

 

وعن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ وأبي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّ رضي الله عنهم جميعاً، قالا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» [أحمد وأبو داود].

 

وعند ابن حبان بإسناد صحيحٍ قول نبينا صلى الله عليه وسلم :«أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجلد جلدة واحدة، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه قال :علام جلدتموني؟ قالوا :إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره».

*******

 

من المخزي للمتصهينين العرب الآن، أن الإعلامي الأمريكي المشهور جون ستيوارت يسخر من العدو الصهيوني ومزاعمه الفاجرة حول عدوانه على غزة، ويهزأ من هراء سفير العدو في واشنطن، بينما يجاهر منتسبون إلى الإسلام بتأييد المعتدي الكافر الظالم. وهذا رابط لموقف الرجل على موقع يوتيوب المعروف:
https://www.youtube.com/watch?v=40R3Yb7DTzo