أوهام القوة الإسرائيلية
29 رمضان 1435
علا محمود سامي

على الرغم من أن هناك العديد من الصواريخ التي هبت على الكيان الصهيوني إبان عدة معارك حربية قامت بها إسرائيل ضد غزة ولبنان، منذ العام 2007 وما تلاها من حروب اتسمت بالعدوان الصهيوني الواضح، إلا أن الصواريخ التي أطلقتها حركات المقاومة الفلسطينية، وفي القلب منها "صواريخ القسام"، خلال العدوان "الإسرائيلي" الحالي على غزة، تعد هى الأقوى تأثيرا داخل العمق "الإسرائيلي"، ليس هذا لوصوله إلى العمق الصهيوني وفقط، ولكن لأسباب أخرى عديدة.من بين هذه الأسباب، أن هذه الصواريخ تأتي في ظل ضراوة العدوان الصهيوني على قطاع غزة، واستهداف مواقع إطلاق هذه الصواريخ، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن صواريخ المقاومة كانت عصية عن الاستهداف، ووصلت طريقها عبر زخات متواصلة كما وتأثيرا.

 

ومع حملات التعتيم التي تفرضها أجهزة ووسائل الإعلام الصهيونية على أداء المقاومة، والسعي إلى محاولات النيل منها، وتشوية أدائها، ووصفها بالإرهاب، إلا أن هذه المقاومة بفضل عملياتها، وتعاملها مع تطورات واقعها، استطاعت أن تعمل على تغيير الصورة الذهنية التي تروج لها أجهزة الإعلام الصهيونية ومن شايعها، عندما استطاعت أن تؤكد على الأرض أن المقاومة قائمة بمختلف الصور والوسائل، سواء كان ذلك جوا أو برا أو بحرا، أو حتى تقنية.

 

وللتوضيح، فإن صواريخ المقاومة وصلت إلى العمق الاستراتيجي، والعديد من البلدات المحتلة، لتكون هى المرة الأولى من نوعها بأن تصل صواريخ المقاومة ، أو حتى الجيوش النظامية إلى عمق الكيان الصهيوني، ليصبح تطورا نوعيا في مجريات الصراع العربي-"الإسرائيلي"، علاوة على ما سجلته المقاومة الفلسطينية لنفسها حضورا جويا، عندما أغارت المقاومة بطائرات من دون طيار في العديد من مدن الاحتلال، بل والتحليق فوق وزارة الحرب الصهيونية، وهى الدلالة غير الخافية على العسكريين وخبراء الاستراتيجيا بأن مثل هذه الطائرات عادة ما يكون هدفها جمع معلومات، ما يعني تحولا مهما في مسيرة التعاطي مع الكيان الصهيوني من جانب المقاومة.

 

خلاف هذا كله، فإن المقاومة نفذت العديد من عملياتها البحرية ضد الوحدات الصهيونية المختلفة، وتمكنت من تفجير مدرعة "الميركافا"، والتي يتباهى بها الاحتلال الإسرائيلي ، ويدعي تفوقه العسكري بها، إلى غيرها من المعدات والتقنيات الحديثة التي يزعم تفوقه بها عالميا، على نحو القبة الحديدية التي كثيرا ما فشلت في التصدي لصورايخ المقاومة، للدرجة التي جعلت المقاومة تعلن تحديها لهذه القبة الحديدية في أن تتصدى لصورايخها، عندما حدد عدد من قادتها التوقيت والمكان الذي تنطلق فيه واليه صواريخها.

 

التطور النوعي في المقاومة ضد العدو "الإسرائيلي"، كان التطور التقني ، على نحو ما نفذته كتائب المقاومة الفلسطينية من اختراق القناة العاشرة الإسرائيلية، وتوجيه رسائل رعب من خلالها لمجتمع الكيان، علاوة على اختراق العديد من المواقع الالكترونية الإسرائيلية، جميعها تحمل أهدافا محددة ، وهى إحاطة مجتمع الكيان بما يدور على الأرض، ومحاولة تغيير الصورة الذهنية عن المقاومة، بفعل ما يمارسه الإعلام الإسرائيلي من محاولات تسطيح وتشوية وتعتيم لمشاهديه من أبناء الكيان.

 

كل هذه الأشكال من المقاومة الفلسطينية أجبرت وسائل وأجهزة الإعلام الصهيونية على الاعتراف بالخسائر التي يتعرض لها الكيان، على نحو ما تذكر صحيفة "بديعوت أحرنوت" بأن المقاومة استطاعت أن تدخل 6 مليون صهيوني إلى الملاجئ واستطاعت أيضا إخراج مليوني من الفلسطينيين لمشاهدة الهجمة الصاروخية التي تعرضت لها كافة المدن الكبيرة في "إسرائيل".

 

اللافت في التطور النوعي للصورايخ، أن المقاومة زودتها بتقنيات تشويش على نظام القبة الحديدية وهو ما حدث فعلا ولم تستطع القبة اعتراض أو حتى اكتشاف أي من تلك الصواريخ، ما جعل كثير من المحللين "الإسرائيليين" يذهبون إلى أن "القبة الحديدية عبارة عن مؤامرة مشترك فيها الكثير، منها أصحاب مصالح ويخافون من السلام مثل الصناعة الأمنية ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو".

 

كما وجه خبير "إسرائيلي"، انتقادات لاذعة للقبة الحديدية التي جرى تصنيعها إسرائيليا للتصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، واصفا تلك القبة بأنها أكبر خدعة شهدها العالم. وقال الدكتور موتي شيفر،  خبير هندسة الطيران والفضاء الحائز على جائزة أمن إسرائيل، إن القبة الحديدية هي أكبر خدعة شهدها العالم، الأمر الذي اعتبره كالصاعقة التي نزلت على الإسرائيليين، وأنه لا يوجد أي صاروخ يستطيع اعتراض صواريخ أو قذائف صاروخية، "فالقبة الحديدية عبارة عن ضوء صوتي يعترض فقط الرأي العام الإسرائيلي ونفسه أيضا، وفي الواقع، فإن جميع الإنفجارات التي نشاهدها في الأجواء هي تدمير ذاتي، فلا يوجد أي صاروخ خرج من القبة اعترض صاروخا واحدا على الأقل أطلق من غزة".

 

ويصف المناطق المفتوحة لوقف الصواريخ بأنها "خرافة وجدت من أجل تضخيم القبة الحديدية، فالصواريخ التي تم اعتراضها على يد القبة الحديدية ولا تصل إلى الأرض هي صواريخ افتراضية، يتم ولادتها وإماتتها في حاسوب التحكم للقبة، حتى اللحظة لا يوجد أي شخص شاهد صاروخا تم اعتراضه يسقط على الأرض".

 

وعلى هذا النحو، فإنه باعتراف محللي العدو الصهيوني، فإن المقاومة الفلسطينية أصبحت تقف على أرض صلبة، وأنها قادرة على تغيير موازين القوى، وكسر مقولات عدة كان يتم ترويجها بأن الجيش الإسرائيلي هو أقوى جيوش العالم، وانه الجيش الذي لا يقهر، إلى غيرها من الشعارات، والتي جعلتها المقاومة أوهاما إن لم تكن سرابا، وقهرا لمقولات عدة ظل الجيش الإسرائيلي يتغنى به، ويصدرها إلى دول العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط، والوطن العربي والإسلامي.