دلالات مجزرة "مسجد مصعب" بالعراق
27 شوال 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

هزت حادثة مسجد مصعب بن عمير بقرية "بني ويس" التابعة لمحافظة ديالى العراقية الرأي العام العراقي وخصوصا السني , حيث اقتحم العديد من عناصر ميليشيا ما يعرف "بالحشد الشعبي" الشيعية المسجد , وفتحوا النار على جميع من كان فيه بمن فيهم خطيب الجمعة ، الأمر الذي أدى إلى استشهاد حوالي 73 شخصا , وإصابة ما يقرب من عشرين آخرين على الأقل , كما يقول الصحفي عمار الزبيدي . وأفاد "مركز إعلام الربيع العربي" - الذي يقوم عليه ناشطون عراقيون- بأن المسلحين قاموا بمحاصرة أهالي الضحايا وذويهم من النساء والأطفال وهم يستغيثون لنجدتهم من تلك المليشيات ، كما منعوا سيارات الإسعاف من نقل الجثث وانتشر القناصون في محيط المسجد . ولم يقتصر القتل على من بداخل المسجد فحسب , بل طال حتى النساء اللواتي سارعن لمعرفة مصير ذويهم , الأمر الذي يؤكد النية المبيتة لهذه الجريمة , والبعد الطائفي الرافضي ضد أهل السنة الذي بات واضحا في هذه المحافظة وغيرها من المحافظات العراقية . لم تكن هذه الجريمة هي الأولى من نوعها في محافظة ديالى التي تقع على الحدود الإيرانية العراقية , فقد تكررت الاعتداءات على مساجد أهل السنة وعلى المصلين فيها , بالإضافة لاستهداف الأئمة والخطباء ورموز أهل السنة , ناهيك عن كثرة الاعتقالات والتهجير , الأمر الذي دفع هيئة علماء المسلمين في المحافظة لاتخاذ قرار بإغلاق مساجد السنة في المحافظة أواخر العام الماضي . ويمكن تسليط الضوء على أبرز دلالات هذه الحادثة المروعة من خلال ما يلي : 1- لم تكن عملية تنحية رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي , و تسمية "حيدر العبادي" كبديل عنه , إلا مسألة صورية كما توقع الكثير من المحللين , فالسياسة الطائفية التي تنتهجها الحكومة العراقية – و تشرف عليها بشكل كامل إيران بضوء أخضر أمريكي وغربي - ضد أهل السنة لم تتغير , وإنما الذي تغير هي الأسماء فحسب . 2- إن تقاعس الجيش والشرطة عن حماية المواطنين العراقيين من أهل السنة في تلك المحافظة وفي غيرها , بل وتغطيتها وتنسيقها مع المليشيات الشيعية في جميع جرائمها , يشير إلى مدى تغلل نفوذ المالكي في مؤسسات الجيش والشرطة والأمن على وجه الخصوص , بل يمكن القول تغلل النفوذ الإيراني في هذه المؤسسات , كون الحقيقة أن المالكي – ومن بعده حيدر العبادي الآن - ما هو إلا واجهة وصورة , وأن الذي يحكم العراق اليوم هم ملالي طهران . 3- تشير هذه الحادثة وأمثالها إلى وجود ازدواجية عجيبة عند أمريكا والغرب , فبينما تعلن هذه الدول مجتمعة الحرب على "تنظيم الدولة" باعتباره تنظيما إرهابيا , إلا أنها تغض الطرف عن جرائم وإرهاب المليشيات الشيعية الرافضية المنتشرة في كل من العراق وسورية , فهي لم تصنف عند تلك الدول بأنها إرهابية , فضلا عن أن تعلن تلك الدول الحرب عليها , مما يوحي بأن هناك إرهابا يحارب وإرهابا صديقا لا يحارب . 4- تدل هذه الحادثة بجلاء على الجهة التي لا تريد إحلال السلام والأمن في العراق , وعلى الطرف الذي يسعى دائما لتأجيج الحرب الطائفية كلما لاحت بالأفق فرصة لتجنبها . فقد سارعت التيارات السنية بكافة أطيافها إلى الإعراب عن استعدادها للمشاركة في حكومة العبادي , بشرط رفع الظلم والاضطهاد التي اتسمت بها فترة حكم المالكي , وإعطاء أهل السنة حقوقهم المسلوبة منذ أكثر من عقد من الزمان , فجاء الرد من الطرف الرافضي الشيعي من خلال ارتكاب هذه المجزرة الشنيعة . 5- تبين هذه الحادثة الفرق الشاسع بين سلوك أهل السنة والرافضة تجاه التطرف والإرهاب بشكل عام , فبينما تنصلت التيارات السنية من أفعال وتصرفات "تنظيم الدولة" المتطرفة , بل وأعربت بعض العشائر السنية عن استعدادها لمحاربة "التنظيم" في بعض المناطق , بل وشارك بعضها في هذه الحرب بالفعل . لم نر من التيار الرافضي الشيعي أي استعداد لمحاربة ومواجهة المليشيات الشيعية المتطرفة والإرهابية , بل إن البعض لم يستنكر أو يستهجن أمثال هذه العمليات فضلا عن أن يحاربها . لقد جمدت بعض الكتل السنية مشاركتها في العملية السياسية ومشاورات تشكيل الحكومة الجديدة , حتى يتم تقديم الجناة إلى العدالة خلال 48 ساعة , ورغم أن الفاعلون والجناة معروفون , إلا أن الغالب أنه لن يتم ذلك , لأن هذه المليشيات تعمل تحت غطاء حكومي وإقليمي بل وحتى دولي .