تجاهل الثورة السورية
5 ذو القعدة 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ فترة ليست بالقصيرة وظاهرة تجاهل قضية الثورة السورية في دهاليز السياسة الغربية ووسائل إعلامها واضحة للعيان , في ظل التركيز الشديد على خطورة تنظيم الدولة في العراق والشام , وإغفال خطر إرهاب النظام السوري , الذي تسبب بمقتل ما يزيد عن 190 ألف سوري حسب تقدير الأمم المتحدة , ناهيك عن نزوح نصف سكان سورية داخليا وخارجيا .
ورغم اقتراب مرور أربع سنوات على إرهاب النظام النصيري في سورية ضد شعبه , ورغم بيان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق اللاجئين "انتونيو جوتيريس" الخطير الذي قال فيه : " إن الأزمة السورية أصبحت أكبر حالة طوارئ إنسانية في حقبتنا ، ومع ذلك فشل العالم في توفير احتياجات اللاجئين والدول التي تستضيفهم" , إلا أن المجتمع الدولي يتجاهل ذلك كله , ويغض الطرف عن كل هذه الجرائم والكوارث الإنسانية , ولا يسعى لحل جذري لهذه المأساة , بل يركز بشكل غير مسبوق على إرهاب "تنظيم الدولة" .
لقد انتفضت الولايات المتحدة الأمريكية غيرة على الإنسانية بعد مقتل صحفيها الأمريكي على يد "تنظيم الدولة" , وراحت تجيش العالم وتحشد الحشود وتعقد التحالفات العالمية لمحاربة هذا التنظيم , بعد أن صنفته منذ بداية نشأته ضمن لائحة الإرهاب .
بينما لم تحرك دماء آلاف الأطفال الأبرياء والنساء والشيوخ السوريين , التي أزهقت على يد قوات بشار والمليشيات التابعة له ضمير أمريكا وغيرتها على الإنسانية , فلم تصنف قوات بشار ولا أي من المليشيات الرافضية التابعة له ضمن لائحة الإرهاب , كما أنها لم تحشد دول العالم لمحاربة هذا الإرهاب المنقطع النظير , بل لم توجه أي ضربة عسكرية ضد مواقع قوات بشار ومليشياته , الأمر الذي يؤكد فقدان الغرب تماما لمصداقيته في حماية حقوق الإنسان أو محاربة الإرهاب .
لم تكتف الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه عدة ضربات عسكرية ضد مواقع " تنظيم الدولة " في العراق , ولا بالتخطيط لعملية عسكرية ضده في سورية كما أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية بالأمس , بل ذهبت لأبعد من ذلك بكثير , فها هو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يدعو إلى تحالف عالمي واسع من أجل مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية" .
ومن شدة الاهتمام الأمريكي الغربي بهذا القضية , دعا وزير الخارجية الأمريكي في مقال في صحيفة نيويورك تايمز إلى "رد موحد بقيادة الولايات المتحدة واوسع تحالف ممكن بين الامم" , وذلك قبل أسبوع من قمة حلف شمال الأطلسي التي ستعقد في ويلز في الرابع والخامس من أيلول/ سبتمبر، .
وأوضح أنه سيسعى مع وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيغل" إلى تشكيل هذا التحالف خلال المحادثات مع الشركاء الغربيين على هامش قمة الحلف.
بل إن كيري أكد أن الرئيس باراك أوباما سيقترح استراتيجية ضد "الدولة الاسلامية" خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي ستتولى الولايات المتحدة رئاسته في ايلول/ سبتمبر .
لم يتوقف الأمر عند أمريكا فحسب , بل إن فرنسا دخلت على خط المزايدة بمسألة محاربة إرهاب "التنظيم" وإغفال إرهاب "بشار" , فقال وزير الخارجية الفرنسي فابيوس : "نقود حملة لمكافحة الإرهاب في الداخل والخارج وعلى المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل ومنظم ضد الإرهاب وخاصة ضد "الدولة الاسلامية" .
بل إن المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش ارنيست" لم يخف خطط الولايات المتحدة للتنسيق مع الدول السنية في المنطقة لبناء تحالف ضد تنظيم "داعش" , ليصبح القتال في النهاية (سني – سني ) , وهو ما يحقق للغرب وأمريكا أبرز أهدافها في منطقة الشرق الأوسط .
لقد طالبت تركيا مرارا وتكرارا من الولايات المتحدة الأمريكية ومن الغرب والناتو , تشكيل تحالف دولي ضد إرهاب قوات الأسد والمليشيات الرافضية التي تمارس الإرهاب بحق الشعب السوري , وأكدت استعدادها للدخول في أي تحالف ينهي الأزمة السورية ومعاناة أهلها , دون أن تجد لصرختها آذان صاغية , بل كان التجاهل هو سيد الموقف الغربي والأمريكي وما زال .
لا ينكر أحد خطر "تنظيم الدولة" على المسلمين من أهل السنة قبل غيرهم , فقد كان لهذا التنظيم الدور الأكبر في تشويه مسار الثورة السورية والعراقية , بل يمكن القول : إن المستفيد الأول من هذا التنظيم هو بشار والمالكي وطهران والغرب , الأمر الذي يؤكد ارتباطه بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الأنظمة المستفيدة من تصرفاته وممارساته .
ومع خطورة هذا التنظيم على الجميع , إلا أن خطر ما يمارسه النظام السوري بحق الشعب السوري أشد بألف مرة , فلماذا يتم التركيز على مواجهة " التنظيم" , ويتم التغافل عن خطر الإرهاب النصيري في سورية ؟!!
وهل ستنجر الدول السنية لمواجهة "تنظيم الدولة" نيابة عن الغرب ؟!! أم أنها ستشترط مواجهة ومحاربة "الإرهاب" بشكل كامل وغير جزئي , ليشمل "الإرهاب" النصيري والرافضي الذي كان سببا في نشوء ما يسمى "تنظيم الدولة" ؟!!