ماذا قدمنا للطفولة الغزاوية؟
11 ذو القعدة 1435
الهيثم زعفان

إن مشاهد الأطفال المؤلمة وهم صرعى أو مصابون أثناء الحرب الأخيرة على غزة تجعل المرء يشيب من هولها وبشاعتها، مشاهد تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى كلمات أو مقالات لتعبر عن حجم ألمها ومعاناة أصحابها ومن ورائهم آباؤهم وذويهم الذين نجوا من القصف الصهيوني؛ لتتضاعف المعاناة إن لم يكن نجا منهم أحد ويصير الطفل يتيماً مريضاً وحيداً.

 

فهل سألنا أنفسنا يوماً ونحن نلاعب أطفالنا ونبتهج بابتساماتهم ونخرج بهم إلى الحدائق والمنتزهات وملاهي الأطفال؛ من للطفولة الغزاوية في ظل هذه المعاناة الفلسطينية مع المحتل الصهيوني؟. 

 

وهل سأل كل واحد منا ماذا قدم لهؤلاء المنكوبين ومنهم اليتيم، والمريض، والساعي على أمه الأرملة، وجميعها حالات وجوبية الكفالة في الشريعة الإسلامية. هل فكرت المنظمات الإغاثية والخيرية الإسلامية في وضع مخطط إغاثي وتنموي خاص بالطفولة الغزاوية وحدها إضافة إلى المشروعات الإغاثية والتنموية الأخرى؟.

 

أليس محرجاً لنا ونحن نمتلك هذه الطاقات والإمكانيات الإغاثية والخيرية الكبرى أن يقوم معظمنا بالاكتفاء بإشراف الأمم المتحدة على إنفاق المعونات العربية، وبنائها للمدارس التي صارت ملاجئ لسكان قطاع غزة والتي لم تسلم هي الأخرى من القصف الصهيوني؟.

 

ونتساءل لماذا لا تفتح في المؤسسات والجمعيات الخيرية المنتشرة في ربوع العالم العربي والإسلامي ما يمكن أن نطلق عليه (خط إنتاج خيري) يكون خاصا بالطفولة الغزاوية بحيث توجه التبرعات العينية والمادية مباشرة لإغاثة ورعاية وعلاج وكفالة وتنمية أطفالنا في غزة؟.

 

ونتساءل أيضاً لماذا لا تسعى المؤسسات الاجتماعية الناشطة في ميادين الطفولة إلى تبني فكرة إنشاء وقفية ضخمة ينفق ريعها لصالح الطفولة الغزاوية على كافة مستويات الاحتياجات الطفولية؟.

 

وفي ظل المؤتمرات المتكررة التي تعقد لمناقشة قضايا اجتماعية -كثير منها فرعي ولا يقع على سلم أولويات احتياجات الأمة الإسلامية- أليس من حق الطفولة الغزاوية أن تعقد لها المؤسسات الإسلامية النشطة في ميدان المؤتمرات مؤتمراً موسعاً يناقش كافة أوجه وصور معاناة واحتياجات تلك الطفولة الغزاوية الحزينة وآليات تخفيفها وإشباعها؟.

 

إن مثل هذا المؤتمر إذا تم في القريب العاجل إن شاء الله وبحضور ممثلين من غزة وداعمين من العالم الإسلامي؛ وخبراء في مجال الطفولة والعمل الخيري والإغاثي والتنموي؛ أحسب أنه سيتولد منه عدد غير قليل من المشروعات العملية التي ستخفف كثير من معاناة الطفولة الغزاوية.

 

أعلم أن هناك مساع مشكورة لعدد غير قليل من المؤسسات الإسلامية في مجال الإغاثة على الأراضي الفلسطينية وفي مجال القوافل الإغاثية وإعادة الإعمار، لكن حديثي الآن منصب على الطفولة الغزاوية واحتياجاتها الملحة التي من المحزن أن يبرز النصيب الأكبر إعلامياً في الاهتمام بها إلى منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة والتي تتحرك بأموالنا ويحصل منسوبوها على رواتبهم من أموالنا العربية، وفي الواجهة يذهب حصاد الرعاية والعناية إلى الأمم المتحدة والصليب الأحمر.

 

إن كل واحد منا بحسب موقعه وإمكانياته سواء الوظيفية أو المادية لو جلس مع نفسه قليلاً وأعطى للطفولة الغزاوية بعض الاهتمام والتفكير العملي لبرزت إلى السطح الكثير من المساهمات العملية التي قد تخفف من معاناتهم وآلامهم واحتياجاتهم المتعددة؛ فتلك الاحتياجات لا تقف عند حدود الرعاية الصحية أو إشباع احتياجات المأكل والملبس والمسكن وفقط، فهؤلاء الأطفال مؤهل أن يكون من بينهم موهوبون بحاجة إلى الاكتشاف، ومتفوقون دراسياً بحاجة إلى مزيد من الرعاية العلمية ليكون منهم الطبيب والمهندس والكيميائي والمعلم وغيرها من المهن التقنية النافعة للأمم والأوطان، فهل نفعلها ونجلس دقائق بعد الانتهاء من قراءة هذه الكلمات لنفكر بهدوء ونتساءل ماذا يمكنني أن أقدم للطفولة الغزاوية الآن؟.