7 ربيع الأول 1438

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لدي صديق مقرب مني جداً.. وقد يكون صديقي المفضل منذ الصغر.. كان لديه واقع أسري شبه مشتت من الطرفين.. بالإضافة الى ذلك فهو الابن البكر.. والده رجل "عصبي" وكثير المشاكل مع الأم والأبناء.. أما الأم فهي كثيرة الخروج والعلاقات الاجتماعية والاهتمام بنفسها والموضة! كما أنها كثيرة الخوف والشك على أبنائها مما أدى إلى التربية الخاطئة وضعف في شخصية هذا الشخص.. وعندما تزوج تغير إلى الأسوأ تماما؛ تحكم زوجته به، تحكم الناس به، أصبح بلا رأي وبلا شخصية، وأصبح يقتنع تماما بأنه هو المخطئ دوما وأن جميع من حوله على حق!
بعد وفاة والده فقد السيطرة على أغلب الأمور وكثرت مشاكله مع أمه ومع زوجته، وأصبح يفضل زوجته على أمه بحكم السيطرة.. كما أصبح متقلب الرأي دوما.. في الدقيقة الواحدة يتقلب رأيه عدة مرات ثم يكون الرأي الأخير من اختيار الزوجة!
أعتذر لكم عن الإطالة.. والسؤال هو: ماذا يمكن أن يفعل لتتحسن شخصيته ويصبح ذا رأي؟ وماذا يمكنني أن أفعل لأساعده في هذا الوضع الذي هو عليه؟ وأشكركم جزيل الشكر.

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

مرحبا بك أخي الكريم في موقع المسلم.. أصلح الله لك ولصديقك شأنكما كله، وجزاك الله خيرا على سعيك في إصلاحه!
مشكلة صديقك – أخي - تتمثل في تراكمات أسرية أثرت على شخصيته فأصبح بسببها ضعيف الشخصية والرأي متقلبا مهزوزا في علاقاته بمن حوله.
أخي الكريم
يبدو لي - والله أعلم - أن حالة صاحبك لم تصل إلى حد المرض النفسي الشديد الذي يتطلب علاجا دوائيا نفسانيا، ولكنها تراكمات وأزمات تركت أثرها على شخصيته، وربما يحتاج لإرشادات سلوكية ومتابعة بواسطة مختص؛ للتغلب على ما أفضى إليه أمره من ضعف الرأي والتأثر بالمحيطين به بهذه الصورة التي تصفها؛ فأوصيك بالبحث عن طبيب أمين ثقة وتوصية صاحبك بلطف بمراجعته والاستفادة منه في تطوير شخصيته وعلاقاته بالآخرين.
ومن جهة أخرى، وهذا الأهم:
يحتاج صاحبك إلى مراجعة أحواله مع الله تعالى؛ وخصوصا المحافظة على الصلوات في أوقاتها في المسجد، وتلاوة القرآن؛ وإني على يقين بأنه لو حافظ على هذين الأمرين العظيمين لتغيرت أحواله إلى الأفضل بعون الله. كيف لا والصلاة (الركن العظيم في الإسلام) صلة بين العبد بربه؛ فمتى أصلحها العبد وأقامها كما يحب الله ويرضى أصلح الله له شأنه وباله. كما أنها سبب لذهاب الهموم والأحزان؛ حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، ويقول لبلال رضي الله عنه: أرحنا بها يا بلال.
أما القرآن العظيم فهو أعظم الذكر وفي تلاوته وتدبره شفاء للروح والبدن؛ فلو واظب صاحبك على تلاوته سيكون له أثر كبير - بعون الله - في اتزانه واستقامة أموره.
فإذا استقامت نفسه بالتدريج على الفرائض والطاعات، وترك المنكرات؛ مع الدعاء واللجوء إلى الله؛ فإن الله أكرم الأكرمين، ومن تقرب إليه شبرا تقرب إليه ذراعا، فسيجد من بركة القرب من الله ما يمنحه السكينة والاتزان والخير الكثير.
أخي الفاضل:
وحتى تكون هذه الوصايا عملية وفعّالة - أخي الفاضل - يحتاج صديقك إلى صحبة صالحة تعينه على ذلك؛ فضلا عن كون هذه الصحبة نفسها سببا من أسباب صلاح دينه ودنياه؛ فحبذا لو ترتب بحكمة مع جار له أو قريب ذي دين وعقل وحلم يسعى في نفعه ونصحه.
فهذه الأمور الكريمة العظيمة (الصلاة والتلاوة والصحبة الطيبة) مع مراجعة مستشار نفسي ثقة أمين.. من شأنها إحداث تغيير إيجابي كبير في شخصية صاحبك بإذن الله وفضله ورحمته.
ولكن الشرط المهم والضروري للإصلاح: أن تنبعث الرغبة من داخل صاحبك في التغيير.. وإرادة ذلك!
نعم أخي.. لابد أن يعلم صديقك أن معرفة حاله بشفافية ومصارحة للنفس هي العامل الأساس في إصلاح شأنه، وفي هذا يقول التابعي وهيب بن الورد رحمه الله: "إن من صلاح نفسي علمي بفسادها"!
فلابد من وقفة مع النفس يستشعر فيها صاحبك فساد هذه الأحوال من التردد والتقلب وضعف الرأي، إضافة إلى استشعار ضرورة التغلب عليها ورفض استمرارها. ثم يلي ذلك ما سبق توضيحه من عوامل الإصلاح، مع العلم بأن "الزمن جزء من العلاج" وأن التغيير يتم بالتدريج، مع الرغبة الصادقة والصبر والاستمرار في الأخذ بأسباب الحل بعون الله.
أسأل الله أن يعينك في إصلاح صديقك وكسب أجره، كما أسأل الله له التوفيق.