هل يدشن الحوثيون عهد "دولنة الميلشيات" ؟
26 ذو الحجه 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

في الوقت الذي يبدأ فيه رئيس الوزراء اليمني "خالد محفوظ بحاح" تشكيل الحكومة الجديدة وفقا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية المزعوم ، والذي لا يبدو أن الحوثيين يعترفون به من قريب أو بعيد , وإنما وقعوا عليه لإيجاد غطاء لأطماعهم التوسعية , فمع دخول موعد تنفيذ الاتفاق المقرر صباح أمس الأحد حيز التنفيذ , لا تزال جماعة الحوثي تواصل سيطرتها على المدن اليمنية واحدة تلو الأخرى , الأمر الذي يؤكد أنه ليس هناك أي مؤشرات على تنفيذ ذلك الاتفاق الذي لا يساوي الحبر الذي كتب به . وعلى الرغم أنه لا يمكن لأي دولة في العالم أن تقوم بوجود مليشيات مسلحة داخلها , حيث إن المليشيات ستكون بمثابة دولة داخل الدولة , وهو ما ينفي مفهوم الدولة على هذا النظام السياسي , ورغم الفوارق الكبيرة بين قيام دولة - كنظام سياسي – ودولنة المليشيات المسلحة داخلها , فإن ما يجري في اليمن من تمدد الحوثيين الخطير يمهد لدولنة المليشيات وغياب مفهوم الدولة الحقيقي عن هذا البلد العربي الإسلامي الأصيل . ورغم أن الجميع كان على علم بدعم إيران الكامل لهذه الجماعة المسلحة منذ نشأتها , والذي اعترفت به أخيرا وبشكل رسمي على لسان الأمين العام لما يعرف بالمجمع العالمي للصحوة الإسلامية في إيران "علي ولايتي " , إلا أن ذلك لم يحرك الدول العربية السنية لمواجهة المشروع الفارسي الواضح المعالم في المنطقة . ويا ليت الأمر توقف عند عدم إيجاد حلف عربي إسلامي سني لمواجهة الحلف الفارسي في المنطقة فحسب , بل وصل الأمر بالبعض إلى دخول الحلف الفارسي - بحسن نية أو بسوء نية - لدعم أو مساندة النظام السابق في اليمن , بهدف إفشال المرحلة الانتقالية , وتحقيق بعض المصالح القطرية أو حتى الشخصية الضيقة . إن "دولنة المليشيات" يعني أن تصبح اليمن دولة عربية جديدة فاشلة , ليس لها سيادة مستقلة أو قرار , بل تدار سياسيتها من قبل ملالي طهران , بما يحقق مصالح الأخيرة وأهدافها التوسعية في المنطقة , تماما كما هو الأمر في لبنان الذي تم زرع حزب الله فيه من قبل طهران , والذي ما زال يتمدد ويتوسع حتى بات يتحكم بسياسة البلد ومصيره بما يخدم المصالح الإيرانية , ولا أدل على ذلك من تعطيله تشكيل الحكومة في السابق , وتعطيله انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى الآن , وتدخله السافر في سورية , وتوريط لبنان بحرب إقليمية وداخلية لا ناقة لها فيها ولا جمل .......الخ . إن السؤال الذي يحير المواطن العربي المسلم في الدول العربية ذات الغالبية السنية هو : أين كانت حكوماتهم من كل هذه التورات التي تعصف بالعواصم العربية , وخصوصا ما يحدث في اليمن مؤخرا , حيث تساقطت صنعاء وقبلها عمران , ثم محافظة "حجة" و"ذمار" و"الحديدة" , والمعارك تدور الآن في "إب" و"البيضاء" للسيطرة عليها من قبل الحوثيين , تمهيدا لما يعرف بعهد "دولنة الميليشيا" ( تولي المليشيا المسلحة مهام الدولة ) ؟!!. ولماذا لم تتدخل هذه الحكومات بما لها من نفوذ على النظام السابق الذي ما زال يتحكم بكثير من قيادات الجيش اليمني والقوى الأمنية , لمنع حدوث "التواطؤ" الحاصل من قبل تلك القيادات الذي سهل مهمة اجتياح مسلحي الحوثي للمحافظات ، لا أقول أن تتدخل لمنع ذلك حبا في اليمن أو حرصا على مصالحه , بل حبا في دولها وحرصا على مصالحها المهددة عاجلا أم آجلا إن اكتمل المشروع الإيراني في اليمن . قد تكون السياسة الغربية والأمريكية الداعمة لما يحدث في اليمن من توسع سريع للحوثيين في المحافظات اليمنية المختلفة الذي لا يمكن أن يفهم إلا في إطار الرضا الدولي عن ذلك مفهوما لدول تلاقت مصالحها مع مصالح طهران في هذه الفترة , فأين هي المصالح الإقليمية العربية التي لا يمكن أن تتوافق مع المصالح الغربية والإيرانية التي تريد إخضاعها بل واحتلالها ؟!! ولماذا لا تستخدم حكومات الدول العربية المحيطة باليمن نفوذها لتغيير سياسة الغرب تجاه اليمن والمنطقة العربية أو تحجيم هذه السياسة على أقل تقدير ؟! لقد بات من الواضح أن السياسة الأمريكية في المنطقة تتجه نحو تقسيم المنطقة وتطبيق سياسة الفوضى الخلاقة , و لم يعد أحد – على ما أظن – يكترث بعبارات إبداء القلق ومشتقاتها، التي يطلقها ساسة الغرب إزاء الأحداث التي تمر باليمن – أو في سورية والعراق سابقا – فهي عبارات لتخدير الرأي العام وللاستهلاك الإعلامي فحسب . ولعل أخطر ما في التطوارت السريعة التي تحدث في المنطقة العربية بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص , هو غياب الموقف والرؤية العربية الإسلامية السنية , في وقت التوافقات الإقليمية والدولية على توزيع الغنائم وترسيم الحدود الجديدة . وأخشى ما يخشاه المسلمون أن تستيقظ حكوماتهم في الوقت الضائع , والأسوأ هو أن لا تستيقظ أبدا !!