4 صفر 1436

السؤال

سماحة الوالد فضيلة الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر البراك (حفظه الله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
انتشر مؤخرًا الفِرقُ الإنشادية للبنات الصغار وتعددت مشاركاتها داخل منطقة القصيم وخارجها في المهرجانات الموسمية والحفلات؛ كالأعياد، واليوم الوطني، والأنشطة الصيفية، والدعايات للأسواق والمولات التجارية، والأندية الرياضية وغير ذلك.
هذه الفرق عبارة عن مجموعة من بنات المنطقة يتم تدريبهنّ على الرقص والإنشاد والحركات الإستعراضية، ويوجد الآن في القصيم أكثر من أربع فرق: (.........) ويدير هذه الفرق بعض الرجال والنساء؛ وقد تطور الأمر بأن يدير بعضها (.....) ببريدة، بحيث يكون أكثر تنظيمًا ونشاطًا.
علمًا أنه يوجد على الشبكة العنكبوتية العديد من مقاطع الفيديو على اليوتيوب لتلك البنات وهنّ يرقصنّ وينشدنّ ويستعرضْنَ في مناسبات مختلفة، ولعدد منهنّ حسابات على (انستقرام) يصل عدد المتابعين في بعضها إلى عشرات الآلاف؛ يتم من خلاله عرض للصور.
وبعد سَبْرِ هذه الفرق وُجد العديدُ من الملاحظات عليها:
١- ظهور العديد منهنّ بألبسة كاشفة للساقين قد يصل إلى منتصف الفخذ.
٢- الألبسة الضيقة التي تصف حجم الجسم والعورة، مع كبر حجم جسم بعضهنّ مما يجعلها فتنة للرجال.
٣- تحتوي العديد من مقاطع الفيديو على الإيقاعات الصوتية والموسيقى.
٤- عدد منهنّ قارب عمرها العشر سنوات والبعض تجاوز ذلك.
٥- الرقص والتمايل والاستعراض أمام الرجال؛ مع وضع مساحيق التجميل على الوجه.
٦- السفر بهنّ إلى خارج المنطقة؛ كالرياض، والشرقية، بحجة المشاركة في المهرجانات.
٧- عرض عدد من الصور للبنات في (الانستقرام) للتصويت على أيهنّ أجمل.
٨- فكرة إنشاء قناة خاصة بهنّ يديرها:(.......) وهو ممن يدير بعض الفرق- ( الفكرة مطروحة الآن) ... وغير ذلك من الملاحظات.
شيخنا الفاضل:
تم مناصحة بعض الإخوة القائمين على تلك الفرق، وكذلك بعض أولياء أمور البنات، فقالوا: إن هذا الأمر ليس فيه مخالفة شرعية؛ فالبنات صغيرات ولا حكم لعورة البنت مادامت صغيرة.
لذا آمل من فضيلتكم توضيح الحكم الشرعي في مثل هذه المسألة التي فتحت لكثير من العوائل بابًا من التساهل في مثل هذه القضية؛ وخطورة مآلات هذا الأمر في المستقبل لتلك الفتيات.

أجاب عنها:
عبد الرحمن البراك

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإني أقول أولًا أمامَ هذا الحَدَث: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ والله المستعان, بُرَيدَةُ بلدُ العلم وبلد الرِّجَال يحدث فيها مثلُ هذا! أين الرجال أهلُ الغَّيْرَة؟!
إنّه تحولٌ مؤلمٌ ومؤسف، إنَّ هذه الفِرَقَ -حَسْبَما ذُكر مِنْ توصِيفها في السؤال، وما ذُكر مِن أغراضِ وُجودها- تتكونُ من بناتٍ صغار؛ فلسنَ بناتِ سَنتينِ وثلاث، بل بناتِ سَبعٍ أو ثمانٍ فصاعدًا، لكنَّهُنَّ غيرُ بالغات.
أقول: إنّ إنشاءَ هذه الفِرَقِ منكرٌ، بل هو مشتملٌ على منكرات، ويتضمَّنُ تربيةَ هؤلاء البناتِ الناشئاتِ على قِلَّة الحياء، وعلى ممارسةِ الرَّقصِ والحركاتِ المثيرة أمَامَ الرّجال.
وهذا المنكر يَشْتركُ في إثمه: المؤسسونَ والمنشئون لهذه الفِرق، والمقترحون لها، والمُنَظِّمون لها، وواضعو قوانِينِها، وأولياءُ أمورِ هؤلاء البنات.
كُلُّ هؤلاءِ يَشتركون في إثم هذا العملِ المنكر، فإن الواجِبَ على وُلاةِ أُمورِهِنّ تربيَتُهُنّ على الحياءِ والاحتشام، وعلى عدمِ الظُّهورِ أمامَ الرِّجال، وعَدمِ ممارسةِ الأعمالِ التي هي من دواعي الفتنة.
ويجبُ على الدُّعاة في بريدةَ -وغَيرِهم- أن يتعاونوا لوقف هذا البرنامج الأثيم في بُرَيدَةَ وغيرِها، إنْ وُجِد.
والبناتُ في هذه الفِرق بناتُ أُسرٍ مسلمة، والأصل أنها أسرٌ محافظة، سبحان الله!! كيف يَرْضى الرجلُ وتَرْضى الأُسرَةُ أنَّ بناتِهم يُشارِكنَ في هذه الفِرَقِ المُنشأةِ لتكونَ وسيلةَ إغراءٍ، ووسيلةَ فتنةٍ في المناسبات؟! كما ذكر السائل في اليوم الوطني أو غيرِه من المناسبات.
فاتقوا الله أيها المبتدعون لهذا النوعِ من العمل المشين! اتقوا الله، واذكروا أنَّ مَنْ سنَّ سنةً سيئةً فعليهِ وِزْرُها وَوِزرُ مَن عمل بها إلى يومِ القيامة.
أنتم أيها المُحْدِثون لهذه الفرق، وأنتم أولياءَ البنات؛ اتقوا الله في بنات الأمة، تلك زَهْراتٌ في مَطْلَع شبابهن يُربَّيْنَ على هذه الأخلاق! على قلة الحياء وممارسة دواعي الفتنة! يجب على مَنْ رزقه الله مِنْ هؤلاء البنات أن يُنشِّئَهُنَّ تنشِئَةً صالحة، ويُرَبِيَهُنَّ على الحياءِ والاحتشامِ والبُعدِ عن أسبابِ الشر.
إنَّ هذا الخبرَ لمُرَوِّعٌ! كيف يُوجَدُ مثلُ هذا في بُرَيدةَ التي كانَتْ مَوْئِلًا للعلماء وللدُّعَاة ولِذِي الشَّهَامَة والغَيْرَة؟! ولم تخلُ منهم، لكنْ نُنَادي إخوانَنَا في بُرَيدة بأنْ يقوموا بواجبهم ضِدَّ عمل هؤلاء.
وأقول للمفسدين الذين يُنشِئُون مثل هذه الفرق: إنَّ مَا تصنعونَهُ مُفسدٌ للبنات، ومفسدٌ للمجتمع الذي هُنّ فيه أو هُنَّ مِنه، فيجبُ عليكم الكفُّ عن هذا العمل والعدولُ عنه. ويجبُ عليكم التوبةُ إلى الله منه وإصلاحُ ما أفسدتم.
إنه يجب العملُ على منعِ هؤلاء، والإنكارُ على أولياءِ تلك البنات، والإنكارُ على مَنْ وراءَهم، كما نُنْكرُ على جمعية الملك عبد العزيز احتضانَها لمثل هذه الفرق، فإنه مِنْ مساوِئِها، وعلى المسؤولاتِ في هذه الجمعية أن يَتَّقِينَ الله، فإن إنشاءَ هذه الفرق فرعٌ من فُروع الاختلاط المحرَّم، ومقدمةٌ مِنْ مُقدماتِ إشاعةِ الغِناء، وإشاعة الرَّقصِ بين الطالباتِ وغيرِهِنّ.
ونقول: حسبنا الله ونعم الوكيل! إنها فضيحةٌ على مَنْ وراءَ إنشاءِ هذه الفرق، فيجبُ أن يُعرَفَ مَن الذي أَنْشأها حتى يُحْذرَ، ويُحَذَّرَ منهُ، ويُنكرَ عليه، ويجب أن يُسمَّى، ويُذكَر بسوء فعله، فإنه لاحُرمَة له؛ لأنه هو الذي عرَّض نفسَهُ للطَّعْن فيه بسوء فعله.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويحفظ هذه البلاد من كيد المفسدين، ويلطف بهؤلاء البنات المظلومات؛ وويلٌ للظالمين.
وصلّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمّدٍ وآله وصحبه.